في فندق الشيراتون، وسط العاصمة الاردنية عمان، أجرى رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، لقاءً نادراً مع خمسة من شيوخ عشائر محافظة الأنبار الرافضين لانهاء التمرد المسلح في محاولة لإذابة الجليد القاسي بين الحكومة المتهمة بانتهاج “سياسات طائفية”، والعشائر التي فضلت رفع السلاح بمواجهة الحكومة السابقة.
ووصل العبادي الاردن، امس الاحد، في زيارة هي الاولى له لبلد عربي، عقب اول ظهور خارجي له خلال زيارته الى ايران قبل ايام، التقى خلال ساعات قليلة العاهل الاردني الملك عبد الله، فيما كان باستقباله نظيره عبد الله النسور.
وحقق العبادي لقاءات وصفتها مصادر مرافقة تحدثت اليها “العالم الجديد”، بانها “مهمة للغاية وذات بُعد مستقبلي في تطور العلاقة بين البلدين، بمجالي الامن والاقتصاد”.
ولفتت تلك المصادر، الى أن “العاهل الاردني طرح مبادرة حلٍ سياسي للازمة مع العشائر العراقية في الانبار وعموم المنطقة الغربية، بمعزل عن تنظيم (داعش)، والشروع بخطوات جدية في برنامج المصالحة الوطنية”، مضيفة أن “العبادي قابل مقترح الملك عبد الله بالترحيب”.
مراقب أردني تواصلت معه “العالم الجديد” اشترط عدم الاشارة الى هويته، بيّن ان الاردن “ينظر الى الازمة العراقية بقلق بالغ، لجهة تعطل التجارة الاردنية عبر العراقية، والتي كانت تقدر قبل الأزمة بـ500 شاحنة أردنية يومياً، محملة بالخضار والمنتجات والبضائع عبر الاراضي العراقية الى تركيا او بغداد وكردستان والمحافظات الأخرى، توقفت منذ اشهر بسبب اشتداد الازمة الامنية، فضلا عن مخاوفه الاشد من تمدد تنظيم داعش نحوها”.
وقال العبادي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره النسور، عقب محادثات وصفت بالمعمّقة، أن “زيارته كانت موفقة، وناقشت الملفين الامني والاقتصادي بشكل اساس”، مشيراً الى “مشروع إحياء خط البصرة – العقبة النفطي”.
وبحسب وكالة فرانس برس، فان العراق والاردن بحثا “جدياً” مشروع “مد أنبوب للنفط بين البلدين الذي يصبح بموجبه ميناء العقبة أحد المنافذ الإستراتيجية لتصدير النفط العراقي وتزويد الأردن بجزء من احتياجاته من النفط”، مؤكدين “التزامهما تنفيذ المشروع”، فضلا عن اعادة توريد النفط العراقي الى المملكة المتوقف بسبب الازمة الامنية، لكن هذه المرة عبر البحر.
وتعوّل الأردن على اتفاقات مع العراق نفطية، لتنشيط اقتصادها الضعيف.
وعلى الصعيد الأمني، عبّر رئيس الوزراء الاردني عبد الله النسور، عن ان بلاده “لن تبخل بدعم العراق في الحرب ضد داعش”، مبدياً الاستعداد بتدريب قوات الامنية العراقية، وشدد على أن “الاردن يمتلك افضل معاهد التدريب الامنية في العالم، وانه درب خلال السنوات الماضية نحو 63 الف شرطي عراقي”.
ووفرت الحكومة الاردنية، لقاءً نادراً بين العبادي وخمسة من زعماء العشائر في الانبار من المقيمين في العاصمة عمّان، في فندق الشيراتون، فيما لم تفصح المصادر عن اسماء الشيوخ الانباريين، لكنه يرجح أن يكونوا ممن اشتركوا في مؤتمر القوى السنية العراقية الذي عقد في عمان برعاية وتنسيق وموافقة الحكومة الاردنية خلال أيلول الماضي، بحسب مصدر اردني، فضّل عدم الاشارة الى اسمه، لحساسية المسألة.
وعقدت القوى العراقية السُنية المعارضة مؤتمراً مغلقاً في العاصمة الاردنية في 20 ايلول الماضي، وسط نفي للحكومة الاردنية برعاية المؤتمر او التنسيق له.
مساعي الاردن، باتت واضحة، بالتمهيد للقاء العبادي بالزعماء العشائريين الخمسة امس الاحد، بحضور وزير الامن الوطني فالح الفياض.
العبادي، وبحسب مصادر لـ”العالم الجديد” تعهد للزعماء الخمسة بـ”تقديم الدعم اللازم لهم في حملتهم المساندة للقوات الامنية العراقية”، لتطهير المحافظة من تنظيم ما يُعرف بـ”الدولة الاسلامية”، في الوقت الذي أكد فيه شيوخ الانبار وقوفهم الى “جانب القوات الامنية العراقية للخلاص من سيطرة (داعش) على محافظتهم”.
ووفقاً للمصادر المطّلعة، فان “اللقاء تركز على معالجة الوضع الامني في المحافظة، واعادة النازحين اليها، بعد تطهيرها من تنظيم (داعش)”، منوهة الى ان “الشيوخ طرحوا مبادرة حسن نية من جانب الحكومة باعلان العفو عن الذين لم تتلطخ ايديهم بدماء العراقيين، من المغرر بهم وقاموا بدعم الجماعات المتطرفة بصورة غير مباشرة”، حيث لم تتأكد “العالم الجديد” من استجابة العبادي لهذه المطلب أو رفضه.
وبالتزامن، اكدت مصادر عسكرية في الانبار، لـ”العالم الجديد” وجود تحشيد عسكري وعشائري على اطراف المحافظة، للبدء بحملة عسكرية كبيرة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم (داعش)، مشيرة الى ان “هناك اعدادا كبيرة من التنظيم انسحبت الى منطقة البغدادي من وسط المحافظة”.
وبينت المصادر ان “هناك طائرات استطلاع تجوب سماء محافظة الانبار يومياً، من اجل توفير المعلومات اللازمة للقيادات العسكرية البرية قبل بدء الحملة التي تنوي القيام بها لتطهير محافظة الانبار”.
الشيخ رحيم الفهداوي، احد شيوخ محافظة الانبار، قال لـ”العالم الجديد” أمس، أن “عشائر المحافظة اكملت استعداداتها لمساندة القوات الامنية العراقية في حملتها العسكرية ضد عصابات “داعش” الارهابية، لكنها لازالت تحتاج الى دعم حكومي، يمكنها من الصمود اكثر بوجه الارهاب، والوقوف جنباً الى جنب مع القوات الامنية”.
وأعرب الفهداوي عن “مخاوف وقلق من بطء الدعم الحكومي، الذي سيسهم بشكل سلبي على مجريات الوضع في المحافظة، لذلك نؤكد اهمية عدم توقف الدعم من قبل الحكومة الاتحادية، حتى لانكون صيداً سهلاً للجماعات المتطرفة التي تنوي قتل كل عراقي”.