أفتى المرجع الديني الاعلى في العراق علي السيستاني، الجمعة الفائتة، بـ”حرمة” التعرض لأهل المناطق المحررة من تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) من قبل فصائل الحشد الشعبي والجيش العراقي، محذراً في خطبة لممثله أمام المئات من المصلين في كربلاء من سرقة ممتلكات “السُنة أو قتلهم” من المواطنين الابرياء.
واعلنت بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، امس السبت، عن مقتل 1509 شخصاً، وجرح 2594 شخصا اخرين، جراء أعمال الإرهاب والعنف في عموم العراق في تشرين الأول المنصرم.
وشدد عبد المهدي الكربلائي في خطبته الاسبوعية من مرقد الامام الحسين، المقدس لدى الشيعة، “حذار حذار، ان تمتد يد الى شيء من ممتلكاتهم او تصيب احدا منهم – اي السُنة المدنيين- بسوء فانه حرام حرام”.
ونوّه الكربلائي قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي والفصائل الشيعية، الى ان “المطلوب منكم ايها المقاتلون الابطال والمتطوعون ان تمسكوا الارض التي طهرت من دنس الارهابيين الغرباء وتتعاونوا مع ابناء المناطق التي يسيطر عليها الارهابيون لتطهيرها منهم”.
وحصلت “العالم الجديد” على معلومات نقلها مصدر مقرب من المرجعية الدينية، ولم يتسنّ لها التأكد من صحتها، مفادها أن “مكتب السيد السيستاني ممثلاً بنجله الأكبر (محمد رضا) أبلغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبيل زيارته الى ايران بضرورة تحييد ثلاثة فصائل شيعية مقاتلة لـ”داعش” على خلفية تقارير خاصة بالمرجعية، اكدت تعديات لتلك الفصائل على مواطنين سُنة وممتلكاتهم في المناطق المحررة”.
وأوضح المصدر أن هناك تقاطعا في الرؤية بين المرجعية الدينية العليا في النجف والجمهورية الاسلامية الايرانية، حيال كثير من تفاصيل الحرب ضد (داعش)، إذ ترى الأولى ضرورة التعامل بمرونة أكبر مع التحالف الدولي ضد (داعش)، وهي (المرجعية) غير مرتاحة لتدخل ايران الذي من شأنه أن يضر بالمصالح العراقية العليا، ويؤثر على وحدة الصف الوطني إزاء مقاتلة التنظيمات المتطرفة والتي ظهرت مؤخرا”.
واتهمت منظمة العفو الدولية في 14 تشرين الاول المنصرم، هذه المجموعات المقاتلة الى جانب القوات العراقية، بارتكاب “جرائم حرب” ضد السنة، مشيرة الى ان هؤلاء يتعرضون الى “اعدامات عشوائية” وعمليات خطف، مشيرة الى ان هذه المجموعات تستخدم الحرب ضد تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) بمثابة حجة لشن هجمات “انتقامية” ضد السنة.
فيما حث الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف، في بيان له (30 تشرين الاول المنصرم)، القوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي على “توخي أقصى درجات الحرص، عند القيام بالعمليات العسكرية المسلحة التي يعززها الدعم الجوي الدولي والعراقي، وذلك لتجنب وقوع ضحايا مدنيين”.
وطالب ملادينوف في البيان الذي تلقت نسخة منه “العالم الجديد”، الحكومة العراقية بضرورة “إجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها”.
ويأتي الحديث عن الانتهاكات، بالتزامن مع ارتكاب تنظيم (داعش) مجرزة بحق احدى اكبر العشائر السُنية غرب العراق. واعتقل التنظيم عشرات الافراد من عشيرة “البونمر” عند محاصرته لقضاء هيت، ونفذ فيهم حملة اعدامات جماعية بلغت حتى الان نحو 300 شخص.
وامس السبت اعلن مصدران عشائري وامني، عن مقتل نحو 130 شخصاً على يد عناصر من “داعش”، وسط العثور على 35 جثة في مقبرة جماعية.
وبينما صمتت المرجعيات الدينية السُنية في الانبار، وابرزها الشيخ عبد الملك السعدي، وما يعرف بـ”مفتي الديار العراقية”، الشيخ رافع الرافعي، أدانت المرجعية الشيعية العليا في النجف الاشرف عمليات القتل الجماعي لعشيرة البونمر.
ورأت المرجعية ان “أبناء العشيرة قتلوا “لاتخاذهم موقفا وطنيا شجاعا برفضهم الارهابيين والدفاع عن مدنهم”، داعية “ابناء هذه العشائر وغيرها من العشائر الاصيلة بان خلاص العراق من داعش لا يمكن الا بتضافر جهود جميع ابنائه ومساعدة البعض للبعض”.
واستنكر أعضاء مجلس الأمن عملية اختطاف وقتل العشرات من أبناء العشائر السنية في محافظة الأنبار على “يد المنظمة الإرهابية التي تعمل تحت اسم (الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وقد تم اكتشاف جثث الضحايا في مقابر جماعية”.
واعتبر المجلس في بيان له تلقته “العالم الجديد”، امس السبت، أن “هذه الجريمة تُظهر، كما أظهرت مجزرة معسكر سبايكر في تكريت، مرة أخرى وحشية داعش، وبيَّنت بجلاء أن الجماعات الإرهابية في العراق تستهدف جميع شرائح وطوائف الشعب العراقي”، مشيراً الى ان “بعض تلك الأفعال قد تُشكِّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
وسقط في سبعة محافظات هي بغداد وكربلاء وبابل وصلاح الدين وكركوك والموصل وديالى، 1273 شخصا قتيلاً على الأقل، وإصابة 2010 آخرين.
محافظة الانبار، التي اعدت لها (يونامي) احصائية منفصلة، نظراً لخصوصية الوضع الامني فيها، استناداً الى بيانات مديرية الصحة في المحافظة، فان إجمالي عدد الضحايا بين صفوف المدنيين في حتى (30 تشرين الأول) بلغ 233 قتيل و584 جريح.
مبينة ان “52 قتيلا و332 جريح في الرمادي، و181 قتيل و252 جريح في الفلوجة”.
ولفت بيان البعثة الذي تلقته “العالم الجديد”، امس السبت، ان “عدد المدنيين القتلى القتلى 856، بضمنهم 139 عنصراً من الشرطة المدنية (المحلية)، بينما بلغ عدد المدنيين الجرحى 1490 بينهم 172 من الشرطة المدنية”.
وذكر البيان ان “417 فرداً آخرين من قوات الأمن العراقية قد قتلوا، فيما أصيب 520 آخرون (بما فيهم من البيشمركة، وقوات الرد السريع (سوات) والحشد الشعبي)”.
وفي التفاصيل، بحسب احصائية (يونامي) فأن العاصمة بغداد، كانت الأكثر تضررا مع 1362 قتيل وجريح، بواقع 379 قتيل و983 جريح، بين صفوف المدنيين، تلتها صلاح الدين بـ167 قتيل و204 جريح، وديالى بـ100 قتيل و174 جريح، ونينوى 87 قتيل، وتسعة جرحى، وبابل بـ61 قتيل و29 جريح، وكركوك بـ16 قتيل، و47 جريح، ثم كربلاء 17 قتيل و40 جريح.