صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

“مغامرات عنتر وعبله” ذاكرة عراقية

جسدت ملحمة عنتر بن شداد وبنت عمه عبله في اعمال فنية عديدة من بينها الفلم الكوميدي المصري الشهير  “مغامرات عنتر وعبله” وهو من اخراج صلاح ابو سيف، وبطولة سراج منير، كوكه وفريد شوقي. الفلم استعرض ملحمة عنتر وعبله بكل ما فيها من اضافة جاءت على سبيل الخرافة والاسطورة بما يتناسب مع طبيعة منجز اريد ان يظهر بمظهر كوميدي بعيدا عن جدليات التاريخ.

ما يلفت حول ذلك العمل ليس الجوانب الفنية فحسب بل ما هو اهم من ذلك ان العمل يمثل ذاكرة عراقية ارتبطت بالمكان وبالعديد من الشخصيات. وذلك لان فلم مغامرات عنتر وعبله الذي انتج عام 1948 تم تصويره في مدينة المشرح التابعة لمحافظة ميسان جنوب العراق، وكان ذلك العمل اول فلم عربي يتم تصويره داخل العراق. ولان العمل ملحمي ويحتاج الى اعداد بشرية كبيرة تم الاستعانة بالعشائر العراقية التي تقطن في تلك المنطقة واعطيت ادوار ثانوية “كومبارس” الى كثير من الاشخاص الذين تحولوا لاحقا الى وجوه فنية وادبية بارزة، على سبيل المثال الناقد الادبي مالك المطلبي والذي يظهر في الفيلم صبيا حاملا لسعفة بمعية اخرين، وكذلك ايضا الفنان توفيق لازم مؤسس فرقة “مجاهد” الريفية ووالد المذيعة المعروفة عربية توفيق لازم التي اذاعت بيان احداث 1958. ان ذلك العمل لا يمثل منتجا فنيا فحسب بل ذاكرة عراقية لمدينة المشرح او حتى للكثير من الشخصيات العراقية. المثير ايضا حول ذلك العمل ان تجهيزات الفلم وبعد ان انتفت الحاجة لها استخدمت لاحقا من قبل استوديو بغداد بإنتاج فلم عراقي شهير من أوائل الافلام العراقية التي تم تصويرها داخل العراق وهو فيلم “عليه وعصام”. ان اختيار موقع التصوير للفلم لم يكن اعتباطيا، بل جاء تماشيا مع الاسطورة التي تقول ان عنتره بن شداد ومن اجل الحصول على مهر حبيبته اضطر للذهاب الى بلاد فارس وسلك طريق المشرح الطيب، وهناك تل معروفة باسم “العنترية” تشير لتلك الاسطورة.

إقرأ أيضا