يحلو لي أن أناديك حين تبسط كفّك نحو بداية الشمس،
أو بدايتي..
يحلو لي أن أناديك،
ولكنني أنسى اسمك وتتحول الحروف في فمي إلى قطنٍ جافٍ يتكدّس في الغيوم الصيفية..
أيا حبيبي،
هل أستخدم أسلوب مناداة البعيد في مناداتك؟
ولمَ لا؟
وانتَ البعيدُ البعيدُ الاقربُ من حبل الوريد،
وأنتَ القريبُ القريبُ الأبعدُ من غبار نجمٍ احترق..
هل أستخدم إشارات الاستفهام معك؟ وأنتَ الطفلُ الذي بالكاد يفّكُ أزرار ثيابي؟
أم أستخدم إشارات التعجب وأنتَ النقطة الحائرة كشامة على خدّ نفقٍلا ضوء في آخره؟
لا أعلم كيف أناديك، ولا أعلم من أين يؤكل كتفك،
ولا أعلم إن كان بالشيء المهم أنني لا أهتم بأن أعلم!
فأنا الآن يا حبيبي امرأة ناضجة تمامًا،
لا تستهويني إشارات الإستفهام أو النقاط الفارغة في نهايات الجمل وأواخر القصص،
ولا أستطيع أن أحبّ رجلًا عاجزًا عن منحي جرعتي اليومية من الكآبة،
لا تغريني الحقول بلا فزّاعات، ولا الفزّاعات التي لا ترتدي قمصانك..
لا يهمنّي نورٌ لا يستطيع قتلَ كلَّ فراشاتي،
ولا ألتفت إلى دمعٍ لا يأكلشراييني ولونَ عيوني..
أنا الآن امرأة ناضجة تمامًا،
تعلّمت كيف أمنع قلبي من الانفراط بأن أضع شدّة تعصره على كل حروفه،
تعلّمت كيف أقبّل بنصف فم ونصف قلب،
وكيف أحيك من الأصوات المتروكة في ذاكرتي حبالًا للنجاة،
وكيف أزيّن بالشريط الأسود وجوه الناس قبل أن ألتقيهم،
وكيف أتركهم يرحلون دون كثيرٍ من الضجيج..
تعلّمت كيف أثبّت القمصان الفارغة من أصحابها على حبل الغسيل بالملاقط البلاستيكية الملونة،
وكيف أحوّل فساتيني التي كنتَ يومًا تحبّها إلى ستائرٍ لا نوافذ لها..
أنا الآن أشير بأصبعي إلى الشهب المحترقة في العتمة دون أن أرتكبَ حماقة التمنّي،
وأحلمُ بكَ دون أن أرتكبَ حماقة الاشتياق،
وأستيقظ بجانبك دون أن أُضطرَ إلى منح اسمٍ لوجهك الصامت..
الآن لا يزعجني أنني أستخدم لوحة المفاتيح المليئة باللغات التي لا أحدَ منها يفهمني..
ولا يهمني إن كنتُ، -حين يغلبني قرع الكؤوس الزجاجية-، غيرَ مفهومةٍ لأحد..
أنا الآن ناضجة تمامًا،
لا أنتظر حين أشعر بالبرد معطفك، أو فمك،
ولا أميلُ إن تعبت يومًا إلّا إلى جدار من حجرٍ وقرميدٍ وريحٍ وسكّر..
أنام على سرير مفرد ونصف،
أفرد جسدي المرَّ عليه مرةً ونصف،
وأنزفُ عمري عليه مرّة ونصف..
أنا الآن ناضجة تمامًا،
نسيتُ من آخرُ رجلٍ قال لي إنه يعبدني،
لم يعد يثيرني أن أكون إلها لأحد..
ونسيت من آخر من قال إنه لا يحبني،
لم يعد يهمني أن يحبني، أو لا يحبني، أحد..
أنا الآن امرأة ناضجة تمامًا يا حبيبي،
ولم يعد يبكيني سوى أنك لم تلحظ الملقط البلاستيكي الذي أثبت به قلبي على أصابعك،
أصابعك التي تركتها على قلبي،
ونسيت ملاقطك الملّونة عليها..
13/3/2016