لا أريد أن افسد على احد لحظات الانتشاء بعودة افراح شوقي الينا، ولا بأس ان نفرح بعودتها سالمة الى عائلتها، لكن علينا ان لا نغالي بالفرح قبل ان نتأكد انها خاتمة الاختطافات لكي تشعر الناس بالأمان، ونبحث عن دواعي اختطافها لكي نحتاط لأنفسنا.. ولابد ان نتحرى عن السبب الذي دعا أكبر رؤوس البلاد الى القول ان وراء الاختطاف اسبابا سياسية..!
هل أخطأ الرأس الكبير في تشخيصه لانه لا يعرف؟
أكبر الظن انه يعرف، والشاهد ان الاخبار تقول ان الضحية عادت الى اهلها محملة بمصوغاتها وبكل الاموال المسروقة وهي تقود سيارتها الشخصية التي تم اختطافها ايضاً..
أقبح ما في وجه السياسة حين تختلط دواعيها بدماء الناس..
وأكثر ما يدعو الى احتقارها أن يُقتل الناس في الشوارع دون ان تتلطخ احذية السياسيين بالدماء..
أحذية السياسيين مُصانة من أدران الطبقات المسحوقة، إنها مصنوعة من جلد الفقراء المعدمين، لكنها تبقى مُدانة بتاريخ يكتبه موت الناس البسطاء..
من يخبرنا بما جرى لأفراح شوقي، وجلال الشحماني، وواعي المنصوري، وهادي المهدي، والكثيرين قبلهم، وبعدهم، لكي يروي عطشنا للحقيقة..؟
هل ستخبرنا افراح نفسها، ام ان ثمة شروطا مخيفة ألزمها الخاطفون بها قبل اطلاق سراحها؟
لعل الخاطفين انفسهم هم من سيخبرونا بما جرى، فيصدرون بياناً عسكرياً، يحذرون فيه كل من يحذو حذو الضحية، وكل من يسمح لقلمه بالانفلات ويكتب أكثر مما قدر الله له..
ولعلهم سيطلقون تصريحاً مقتضباً، تفوح منه رائحة الفضيلة، يدينون فيه عطفهم، رقة قلبهم، التي دعتهم الى اطلاق سراح الضحية..
ثمة من يريدنا ان نعتاد الخوف ونعيش معه..
القضية ايها السادة ليست افراح شوقي، انها ظاهرة عامة، جريمة مجتمعية، انها ليست حالة استثنائية، وهي أكبر من احتجازها سجينة في الخواطر، او رميها في دائرة النسيان، لقد اكتسبنا من عجزنا عادات مقيتة، اسوأ ما فيها اننا لا ندركان من لا يفعل اي شيء لن يكون هناك اي شيء..
يا لها من حياة خاسرة..