صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

نجم الدين كريم لـ(الاندبندنت): العراق دويلات تتنازع

نشر مراسل صحيفة “الاندبندنت البريطانية” في منطقة الشرق الاوسط “باتريك كوكبرن” حوارا مطولا مع محافظ مدينة كركوك الدكتور نجم الدين كريم، وجاء تحت عنوان “الحكومة العراقية تحارب لتسترد تكريت من المتشددين لكن ماذا بعد؟”   كتب كوكبرن، “على بعد حوالي 60 ميلا من مكتبه في مركز محافظة كركوك الغنية بالنفط تدور معركة من أجل السيطرة على مدينة تكريت، ما قد يمثل بادرة أمل لبغداد الساعية إلى استعادة مدينة رئيسية من سيطرة تنظيم (داعش) الذي اجتاح مناطق شاسعة من العراق العام…

نشر مراسل صحيفة “الاندبندنت البريطانية” في منطقة الشرق الاوسط “باتريك كوكبرن” حوارا مطولا مع محافظ مدينة كركوك الدكتور نجم الدين كريم، وجاء تحت عنوان “الحكومة العراقية تحارب لتسترد تكريت من المتشددين لكن ماذا بعد؟”

 

كتب كوكبرن، “على بعد حوالي 60 ميلا من مكتبه في مركز محافظة كركوك الغنية بالنفط تدور معركة من أجل السيطرة على مدينة تكريت، ما قد يمثل بادرة أمل لبغداد الساعية إلى استعادة مدينة رئيسية من سيطرة تنظيم (داعش) الذي اجتاح مناطق شاسعة من العراق العام الماضي.

 

لكن محافظ كركوك، نجم الدين كريم، لا يبدو متفائلا بشأن النتائج على المدى البعيد.”

 

واستطرد كوكبرن “ولد الدكتور كريم قبل 65 عاما في كركوك، تدرب (على حد قوله) كطبيب ثم انضم الى البيشمركَة في عام 1973، اي بضع سنوات قبل انهيار التمرد الكردي ضد بغداد، وتحديدا بعد توقف دعم الولايات المتحدة وإيران.

 

وبعد تلك الهزيمة، هاجر إلى واشنطن، وبقي هناك لمدة 30 عاما، ويذكر انه قدم أدلة إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في حزيران يونيو 1990 حول ابادة صدام حسين الجماعية ضد الأكراد”

 

وأردف كوكبرن “التقيت الدكتور كريم قبل عامين، وكان حينها متشككا واقعيا، فبرغم ازدرائه من قدرة حكومة بغداد على محاربة التهديد المتزايد من تنظيم (داعش)، الا أنه كان واثقا ومتحمسا أيضا بشأن انجازاته في تطوير مدينة كركوك والنواحي المحيطة بها”.

 

أما في هذه الأيام، فان رؤيته للمستقبل تبدو متردية وقاتمة، إذ ان كركوك رغم كونها آمنة من هجوم التنظيم، لكنها تعاني من نكبة حقيقية، حيث يقول كريم “لقد كان الأمر فظيعا، …، انها ليست مجرد مسألة طرد تنظيم (داعش) من تكريت والموصل، نحن لا نتلقي أي تمويل من بغداد لإعادة الإعمار أو مساعدة النازحين”.

 

واضاف كوكبرن “الامر الذي يقلق “كريم” لا يتعلق بالجيش، بل بالعواقب السياسية للاقتتال، (ماذا سيحصل بعد تحرير هذه المناطق… هل سيكون الاناس الذين فروا من منها قادرين على العودة؟)، بعبارة أخرى، هل ان الحرب الجارية في العراق الآن نشرت الطائفية الى الحد الذي يجعل السنة غير قادرين على تقبل الحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة؟”.

 

يقول الدكتور كريم “ليس لحكومة بغداد بديل سوى الاعتماد على الميليشيات الشيعية،.. الجيش عاجز عن خوض العمليات الكبرى، في حين أن الميليشيات أفضل تجهيزا، وربما يكون مقاتلوها أفضل ايضا، ان الجيش الذي تفكك إلى حد كبير العام الماضي (عندما اجتاح تنظيم (داعش) شمال وغرب العراق، لم يكن جيشا حقيقيا، بل حفنة فاسدة من الرجال تقف عند نقاط التفتيش، لم يتم حتى تدريبهم”.

 

وعن سؤال كوكبرن هل هناك أي حل لحالة التشنج والعنف في بلد مقسم سواء عرقيا او دينيا كالعراق؟ رأى الدكتور كريم ان استبدال نوري المالكي (ذي السياسات سيئة الصيت نحو السنة والأكراد) بحيدر العبادي حقق مجرد اختلاف سطحي، وقال “العبادي قد يلاقي المزيد من الدعم على الصعيد الدولي، ولكن ضمن القضايا الشيعية-السنية والكردية في بغداد فان الكثير لم يتغير”.

 

وحسب رأي كريم، فان الحل الوحيد هو تقسيم العراق إلى أقاليم، مع تقاسم السلطة الجغرافية، ومنح مناطق منفصلة للسنة والشيعة كما هو حال الحكم الذاتي الذي تمتع به الاكراد.

 

قد يبدو الامر بعيدا لكن الدكتور كريم مدرك تماما أنه من الصعب على فئة اجتماعية عراقية واحدة امتلاك السيطرة بالقوة على الآخرين على المدى الطويل، مضيفا “يجب حل الأمور سياسيا، لا يمكنك حلها عسكريا إلا عن طريق قتل الناس”.

 

ويبدي “كريم” امتعاضه من الخطط التي تدعمها الولايات المتحدة لرفع عدد قوات الأمن، مثل الحرس الوطني الجديد، الذي من شأنه أن يكون أكثر شمولا للعرب السنة، قائلا “سيكون لدينا قريبا نحو 1.5 مليون شخص مسلح، وهذا سيفرض ضغطا هائلا على الاقتصاد” .

 

ويرى “كريم” انه منذ انهيار سيطرة حكومة بغداد، تم بالفعل تقسيم العراق على نحو فعال ليس فقط الى دويلات مستقلة، بل دويلات مستقلة في حالة نزاع، وان سنة العراق ليس لديهم قيادة أخرى غير تنظيم (داعش) الذي استوعب قادة حزب البعث القدماء”.

 

أما أعضاء السنة من حكومة بغداد فيصفهم كريم بأنهم يفتقدون الدعم الشعبي، معللا ذلك بأنهم نفس الوجوه القديمة، اضافة الى الشعور العام لدى الشارع السني بأن كل من يتعاون مع الحكومة في بغداد يتوقف تلقائيا عن تمثيلهم.

 

أما عن تنظيم (داعش)، فيرى “كريم” انه تنظيم قوي، ليس بالضرورة في الأرقام، ولكن في ايمان مقاتليه، وكذلك في تدريبهم قائلا “عندما تنظر الى جثث قتلاهم، يمكنك ان ترى انهم صغار في سن المراهقة المتأخرة، أو في أوائل العشرينات”، مضيفا “انهم يعانون من خسائر ضخمة، لكن لا يبدو عليهم الاهتمام”.

 

وفي نهاية الحوار اشار “كريم” الى فئتين حاكمتين اخفقتا على التوالي في فرض حكمهما بالقوة، حيث فشل صدام مع الاكراد قبل الاطاحة به عام 2003، وفشل الشيعة مع السنة منذ ذلك الحين.

 

وختم كوكبرن مقاله لافتا الى رؤية الدكتور كريم في تقسيم العراق إلى مناطق على انه امر قد يكون لا مفر منه، ومع ذلك قد تبقى تلك المناطق في حالة حرب دائمة مع بعضها البعض، وليس في حالة سلام.

 

 

إقرأ أيضا