الحيرة.. لعلها الملمح الابرز الذي لاحظه المثقفون والإعلاميون الذين التقوا رئيس الجمهورية في دعوة نظمها مكتب الرئيس لمناقشة الحدث العراقي. نعم انها الحيرة نفسها التي يعيشها رئيس الوزراء ورئيس البرلمان، فرغم وضوح المشاكل والاتفاق الضمني على حالة الخراب والانهيار الاقتصادي والخدمي تغيب بوصلة الاتفاق على حلول.. الرئيس فؤاد معصوم شدد في كلمته للمثقفين على اهمية الحلول الجذرية، لكنه وجد انها لا يمكن ان نبدأ بها من خلال حكومة تكنوقراط من غير اتفاق الكتل السياسية مستغربا من مطالب البعض حل مجلس النواب والرئاسات لان في ذلك خطر على العملية السياسية!!
نحتاج الى وعي الشعب.. هذا ما يدعو له الرئيس وهذه المرة تنتقل الحيرة الى المثقفين ففي الوقت الذي يقر الكل على ان اخطاء السياسين جلبت الكوارث يكرر الرئيس لابد من وعي جماهيري لإنقاذ البلاد من سلطة الاحزاب الحاكمة التي تسيطر على مقاليد الامور بحكم نفوذها المالي والسياسي معترفا انها تتجاوز الدستور وتغيب دور المؤسسات الرسمية عبر اتفاقات جانبية لذا بات الحديث عن اصلاح مقرون برغبة تلك الاحزاب في تخليها نسبيا عن بعض اولوياتها مشككا بقدرة رئيس الوزراء في احداث اصلاحات جوهرية.
حالة التقشف ضرورة ملحة الان!! لكن سؤال المثقفين الحاضرين هل سينال التقشف من نصيب الدرجات الوظيفية العالية واصحاب العقارات في المنطقة الخضراء وممن اثروا على حساب الوطن طيلة الاعوام الماضية؟؟
لم تأت اجابة مؤكدة من الرئيس تشير الى وجود جدية في تحقيق العدالة المبتغاة في اجراء عمليات التقشف التي قد تخلق نوعا من اليأس المتعاظم والذي قد يولد ثورة الفقراء في ظل فساد مستشر اعترف بها بشكل متكرر فؤاد معصوم الذي بين انه يسعى الى تنشيط حراكه خارج الصلاحيات المخول بها لعقد اجتماعات مع قادة الكتل من الزعماء الذين يمسكون بزمام الامور، ولا مناص من عملية اجماعهم على حلول مقنعة رغم معرفة الكل انهم احد اهم اسباب الازمة.
التوازن هو البديل عن المحاصصة كما يجده الرئيس كحل واقعي، وحتى هذا الحل لا ترغب بمناقشته الكتل الحاكمة، اذن فهو اعتراف ضمني باحتلال واضح لاملاك ومقدرات الشعب.. وهنا تتعاظم الحيرة ويكتفي المثقفون الحاضرون لاجتماع الرئيس بالبحث مثله عن حلول ترقيعية لاتمس سلطة المستحوذين ولا حتى تجرح مشاعرهم وعند خروجهم كررو العبارة اليتمية والاستسلامية ..الله يساعد العبادي.. وكان الله بعون العراقيين!!
عماد جاسم: كاتب وإعلامي عراقي