اتجهت أصابع الاتهام للإعلام الغربى بعد حادثة “تشابل هيل” التى راح ضحيتها 3 طلاب مسلمين، على يد أحد المتطرفين “الملحدين”، بعد أن ساهم بقدر كبير فى التحريض ضد المسلمين بتصديره للـ”الإسلامفوبيا”.
لم يقتصر الأمر على نشرات الأخبار والبرامج الحوارية ومقالات الصحف ولكنه امتد للسينما أيضًا، فالحادثة تبعت إصدار فيلم، “قناص العراقيين”، والذى يعيد قضية حرب العراق وصورة المسلمين النمطية كـ”إرهابيين”، والذى قد يجده البعض أحد الأسباب الرئيسية لحالة الاحتقان الحالى.
طالت الفيلم انتقادات كبيرة، فاتهمه البعض بالعنصرية والتحريض على العنف، حيث يصف بطله قتل العراقيين بـ”الممتع”، ولكن المواطن الأمريكى لم ير غير أنه يحكى قصة رجل وطنى يحارب من أجل الولايات المتحدة وسلام أسرته بقتل “الإرهابين” العراقيين، وهو ماجعله الأول فى عائدات الـ”Box office” وتعد إيراداته واحدة من أعلى الإيرادات فى تاريخ السينما الأمريكية.
يحكى الفيلم قصة كريس كايل، أحد أخطر قناصى الجيش الأمريكى والذى حقق رقمًا قياسيًا فى تاريخ الولايات المتحدة العسكرى، “قنص 225 عراقيًا خلال احتلال الولايات المتحدة للبلاد”، جعله يسرد قصة نجاحه فى سيرة ذاتية تم نشرها عام 2012، ومع بداية تحويل قصة حياته لعمل سينمائى فى 2013، قُتل كايل برصاص زميل له.
“قناص العراقيين” فيلم مأخوذ عن سيرة كايل الذاتية، من إخراج كلينت إيستوود، وبطولة النجم برادلى كوبر وسيلينا ميللر.
حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا مع بداية عرضه فى الولايات المتحدة، حيث جمع 100 مليون دولار فى 3 أيام فقط من بداية عرضه، كما تم ترشيحه لـ6 جوائز أوسكار من بينهم: أفضل ممثل، أفضل فيلم، أفضل سيناريو.
كرر كايل فى سيرته الذاتية كم كان القتل واصطياد ضحاياه ممتعًا فى العراق، حيث اعتاد المزاح مع ضحاياه ليجعل موتهم مثل أفلام الكوميديا السوداء. ويقول كايل”أول عملية قتل كانت صعبة ومن بعدها توالت العمليات” ويضيف “كان ذلك ممتع جدًا”.
يعترف البنتاجون بـ160 عملية قتل قام بها كايل، وهو الرقم القياسى الجديد بعد أن تغلب على زميله، اديلبيرت ويلدرون، والذى حقق 109 حالة قتل بحرب فيتنام. بينما يؤكد كايل أن قتلاه وصلوا إلى 255 أو أكثر خلال 10 سنوات من خدمته.
أثار الفيلم جدلًا واسعًا بعد الإيرادات الكبيرة التى حققها والتى وصلت إلى 100 مليون دولار بعد عدة أيام من بداية عرضه، وإشادة النقاد به، حيث حصل على 7.7 بموقع “IMDB” وأحبه 89% من رواد موقع “Rottentomatoes”.
من ناحية أخرى اعتبر النقاد نجاحه إعادة إحياء وتأييد للحرب على العراق، خصوصًا وقد واكب الفيلم تبعات الهجمات الإرهابية فى باريس.
وبينما تتعالى أصوات منددة بسياسة فرنسا المحرضة على العنصرية، وجد الكثيرون أن الفيلم المأخوذ عن وجهة نظر كايل نفسه، يحلل قتل العراقيين وصورهم كأشرار يستحقون القتل دون أى طرح أو مناقشة أخرى.
لم يقدم الفيلم أبعد من وجهة نظر كايل الذى يحارب “من أجل أسرته” كما يردد خلال أحداث الفيلم، مقدمًا العراق كمركز لإرهابيى تنظيم القاعدة وأن ذلك هو السبب الحقيقى وراء قرار الحرب.
يقول الناقد والمخرج مايكل مور “الفيلم يمجد العنف العشوائى ويعلي من قيمة قضية خاسرة ومتهورة فى العراق”.
بينما انطلق المؤيدون للحرب على العراق فى تمجيد الفيلم، مؤكدين أنه يظهر المعاناة الحقيقية التى يمر بها رجال الجيش الأمريكى من أجل السلام، حيث هاجمت السياسية الأمريكية، سارة بالين، المعترضين على الفيلم قائلة “الجدل المثار حول الفيلم يظهر تخاذل مخز عن تأييد القوات المسلحة والحرب على العراق”.
وبالرغم من تأكيد بطل الفيلم وأحد منتجيه، برادلى كوبر، أن فيلمه “غير سياسى”، إلا أن تويتر استضاف معركة كلامية بين المخرج والناقد مايكل مور، وأعضاء من الحزب الجمهورى، حيث أعلن مور معترضًا “القناصون ليسوا أبطالًا”، بينما وصفه نيوت غينغريتشن، الرئيس السابق للحزب -والمعروف بقربه من إسرائيل- بـ”الجبان”، بينما رد دان ماكلوين “التصريحات الفظة والغير محسوبة ضد “قناص العراقيين” سببها الخوف من فكرة أن جنودنا قد قتلوا من أجل قضية عادلة”.
يقول الناقد مات تايبى، فى مقال نقدى للفيلم بعنوان “القناص الأمريكى فيلم أحمق لا يستحق النقد”، إن الفيلم يقدم رسالة واضح ومحددة للجمهور الأمريكى “نحن على صواب وهم الأشرار” حيث استخدم ايستوود واحدة من أقدم وأكثر الطرق السينمائية سذاجة عندما جعل شخصياته ترتدى الأبيض والأسود فى إشارة منه للخير والشر.
مرة أخرى يربط إيستوود بين هجمات 11 سبتمبر والحرب على العراق، فى مغالطة الجمع بين الحادثين، مقدمًا العراق كمركز للقاعدة والتى قادت الهجمات وعليه فكان لا بد من احتلال العراق وقتل أهلها.
لا شك أن الجدل الذى أثاره الفيلم سياسيًا، سيعيد تقييم لجنة الأوسكار له، فقد أكد تقرير نشرته “The Warp” أن أعضاء اللجنة بدأو فى الانتباه للنقد الموجه للفيلم ولسيرة كايل الذاتية والذى أكد فيها أن قتل العراقيين “كان ممتعا”. ولكن الأمر وصل لأبعد من ذلك حيث تم تصنيف الفيلم كمروج لـ”الإسلامفوبيا” ومحرض أساسى لما قد يرتكبه الشعب الأمريكى ضد المسلمين بعد ذلك.