الدكتور عاطف صقر، أستاذ جامعي كان يشغل منصب رئيس قسم الفلسفة في جامعة دمشق، وكان ثورياً في مرحلة شبابه ولايزال يحمل في نفسه روح الثورة، الأمر الذي دعاه ليكون في الصفوف الأولى للثورة السورية فور انطلاقها، غير أنه لم يلبث أن انقلب عليها، محملاً إياها مسؤولية دمار سورية وتفتيتها، وصار يشبه نفسه وأمثاله من المثقفين بأنهم كالأطباء “الغشم”، الذين قرروا إجراء عملية جراحية للوطن، فنجحت العملية لكن الوطن مات.
الدكتور عاطف ليس سوى شخصية افتراضية، في المسلسل المصري “أستاذ ورئيس قسم”، الذي سيعرض في رمضان القادم، ويقوم ببطولته الفنان عادل إمام، وهو من تأليف يوسف معاطي وإخراج يسري حسان، وكان قد رشح لأداء شخصة الدكتور عاطف، الفنان السوري عبد القادر المنلا.
يكاد الفنان عادل إمام وخلال مسيرته التي تمتد لأكثر من أربعين عاماً، أن يكون الفنان الوحيد الذي وقف ومن خلال فنه، على مسافة واحدة من الجميع، حيث وجه سهامه إليهم من دون استثناء، فانتقد التطرف والتخلف في الحركات الدينية، والضحالة والادعاء في التيارات اليسارية، واستبداد وبطش الأنظمة الحاكمة، وشعبوية واستسلام المجتمع، ولم يستثن لا خائناً ولا مقاوماً ولا أكاديمياً ولا إنساناً عادياً، من مسؤولية الواقع المر الذي آل إليه المجتمع العربي.
قدم عادل إمام عشرات الأفلام والمسلسلات التي دأب الجمهور على الاستشفاف منها، الحاجة إلى ثورة تطاول المستويات كافة، وعندما بدأ الربيع العربي، التزم الزعيم قصر الصمت، مكتفياً بالتبرؤ من الجميع.
يستغل إمام الوضع الذي آلت إليه سورية وأهلها، إذ يقدمها من خلال شخصية الدكتور عاطف صقر، الذي فقد بسبب الثورة، أسرته وبيته ووطنه، وها هو يعمل اليوم في مصر”جرسوناً” ذليلاً ومتحسراً على “الزمن الجميل” في ظل النظام، بعد أن كان رجلاً ذا مكانة مرموقة، من دون الإشارة الصريحة إلى من تسبب في كل هذا، وما لنا إلا أن نراه رسالةً للمصريين، يشيطن فيها الثورات ويحملها عبء ما لا ذنب لها فيه.
لقد سبق لعادل إمام أن صرح قبل أعوام في رد على من اتهمه بأنه يناصر بشار الأسد، قائلاً “ليس المهم أنني أؤيد أو أعارض الثورة السورية.. المهم بل الأهم أن يتوقف حمام الدماء الذي يسيل على تراب الأرض السورية”.