مئات الجنود الامريكان يتمركزن في محافظة الانبار في القواعد العسكرية هناك، العمليات العسكرية في الانبار ضد داعش تكاد تكون شبه متوقفة منذ عدة اشهر مباشرة بعد نهاية المرحلة الاولى من عمليات تحرير الانبار التي تضمنت تطويق الفلوجة والاقتراب اكثر من مركز الرمادي والسيطرة على اجزاء مهمة شرق الانبار، تقدم كبير ولو مع الخسائر تحرزه القوات الخليجية في اليمن، في المقابل هناك تقدم على الارض وانسحابات لصالح بشار الاسد، تفاهمات امريكية ايرانية واجواء ايجابية بين موسكو وواشنطن. وقبل كل ذلك مساهمة روسيا المباشرة جويا في سوريا.
طبعا الى دخول روسي معلن وصارخ في الملف السوري. ان جميع تلك المعطيات ترجح ان الامور تتجه للتفاهمات السياسية في مختلف الجبهات، نعم قد تكون الامور ليست محسومة تماما لكنها في تسير في هذا الاتجاه حتى هذه اللحظة.
فيما يتعلق بالملف العراقي يبدو ان الانبار ستبقى معلقة عسكريا حتى اشعار آخر وحتى يتم الترتيب بشكل كامل لبديل داعش بين سوريا والعراق والذي يتكفل قطع التواصل البري بين ايران وسوريا عبر الاراضي العراقية. ان قطع الشطرنج تتحرك بطريقة مثيرة جدا خلال الايام الماضية، ومؤشرات ذلك الحراك قد تعيد هيكلة التحالفات وتحدد مناطق النفوذ بشكل اوضح من السابق. الصراع الدموي الحاصل في الشرق الاوسط طيلة السنوات الماضية سمح للاعب الدولي والاقليمي المؤثر ان يحدد خطوطه الحمراء ومناطق نفوذه الاستراتيجية غير القابلة للتفاوض، وترك مساحات اخرى بناءا على المتغيرات السياسية والعسكرية التي قد ترجح كفة طرف على حساب طرف آخر! خارطة الصراع جزأت البلدان على طاولة المفاوضات، جزء من اليمن مقابل جزء من العراق، بعض اجزاء سوريا مقابل بعض اجزاء لبنان او العراق وهكذا دواليك. وعلى ضوء ما تقدم يمكن فهم ما يجري في الانبار التي يبدو انها مطلب اقليمي ودولي استراتيجي جدا لا يمكن للمعسكر الخليجي ان يتخلى عنه بسهولة وفي نفس الوقت يعرف هذا المعسكر ايضا ان الاحتفاظ به يعني بالضرورة التخلي عن مناطق نفوذ اخرى.