كاتب أميركي: المالكي تحول إلى قاطع طريق واستياء السنة منه وراء عودة العنف

يعتقد فريد زكريا الصحفي الأميركي المتخصص في شؤون العراق والشرق الأوسط، أن فشل الولايات المتحدة في العراق لا يمت بصلة للافتقار العسكري، إنما إلى عجزها عن خلق تسوية سياسية دائمة بين \”الطوائف الرئيسة\” في البلاد، معتبرا أن واشنطن تركت المالكي يتحكم بالأمور فبدا كـ\”قاطع طريق\” بدلا من أن يكون رجل دولة على طراز مانديلا.

وكتب زكريا في مدونته الشخصية، على موقع شبكة CNN الشهيرة، تحليلا تورد تفاصيله \”العالم الجديد\” هنا بعد أن ترجمته، أمس الأحد، وكان تحت عنوان \”ماذا يمكن للعراق أن يعلمنا بشأن سورية\”.

ويلتقط زكريا المنحدر من أصول هندية، حقيقة لم تتحول إليها الأنظار في العراق، وسط تركيز العالم في ما يحصل داخل سورية، بقوله \”لقد شاهدتم جميعا أو سمعتم أو قرأتم عن الوضع المتجهم في سورية، مع آلاف وآلاف من القتلى المدنيين، (…) ربما قد تكونون غير مدركين بأن البلد الثاني الأكثر عنفا في العالم هذه الأيام هو العراق\”.

وينطلق الصحفي الأسمر الذي رأس تحرير الطبعة الورقية من مجلة نيوزويك قبيل إغلاقها، من الشعور بالصدمة، قائلا \”نعم، البلد الذي تدخلنا فيه باستخدام 180 ألف جندي في الذروة، ومئات المليارات من الدولارات، وبعد مرور 10 سنوات، لديه الآن مستويات عنف من شأنها أن توصف بأنها حرب أهلية لو حدثت في أي مكان آخر\”. 

ويكشف زكريا نظرة الرأي العام الاميركي بشأن ما يحدث في بلاد ما بين النهرين، بالقول إن \”العراق بالنسبة للعديد من الأميركيين هو بلد منسي\”، لكن ما يحصل من الناحية السياسية هو ان \”الأحداث الأخيرة هناك (في العراق) تقدم مجموعة مهمة من الدروس، ليس له فقط، ولكن أيضا لجيرانه من دول الربيع العربي، وسورية على وجه الخصوص\”.

ويبين انه \”في نيسان (الماضي)، قتلت قوات الأمن العراقية أكثر من 40 شخصا حين اقتحمت مخيما لمتظاهرين من المسلمين السنة، في حين ان حكومة بغداد، التي يقودها الشيعة منذ سنوات حتى الآن، اكتسبت القوة (يقصد التحالف الشيعي) لتستغلها للفوز في الانتخابات النيابية ومن ثم تهميش أهل السنة بقسوة\”.

وبلمحة خاطفة، يضع زكريا ما حدث في خانة \”الانتقام\”، على أساس ان \”صدام حسين كان زعيما سنيا أساء معاملة الشيعة بوحشية، لذا تدور عجلات الثأر باستمرار\”.

ويتساءل عن سر \”فشل واشنطن في العراق\”، ويستعرض الآراء المطروحة في مركز القرار الأميركي، من أن \”بعضهم أشر إلى انسحابنا في عام 2011، عندما فشل البيت الأبيض بإقناع بغداد بوجوب الحفاظ بعدد قليل من القوات الأميركية لتدريب العراقيين وتعزيز الأمن\”.

ويبدي زكريا رفضه لهذا الرأي، لجهة أن \”القوات الأجنبية لا يمكن أن توقف حربا أهلية داخلية\”، مدللا بأن \”ذلك لم يكن أكثر من إسعافات أولية، فحين كانت الحرب في أوجها، وأعمال العنف الطائفية تقتل آلاف العراقيين كل شهر، كان لدينا أكثر من 100 ألف جندي على الأرض\”. 

ويقلل من أهمية التدخل العسكري الأميركي المباشر لنزع فتيل الاقتتال الطائفي في العراق، بأن \”يكون السبب الحقيقي وراء ذلك هو استخدام الإكراه  فقط من قبل القوات الأميركية، إنما كان ذلك سببه الاحتواء\”.

ويوضح أن \”الجنرال ديفيد بتريوس فعل العجائب في حملة مكافحة التمرد، ولكن كانت  مساهمته الرئيسة في صنع السلام مع القبائل السنية التي كانت تقاتل الحكومة العراقية الجديدة، هذا ما أنهى التمرد فعليا، ومن جانبها وعدت حكومة بغداد، بمعاملة أهل السنة كشركاء حقيقيين وتقاسم السلطة في جميع النواحي\”.

ويلقي زكريا باللوم، على الحكومة العراقية في إثارة \”السنة\”، بأنه \”في غضون بضع سنوات، أصبح من الواضح أن هذه الوعود كانت كاذبة، فبدلا من طمأنة الطوائف الأخرى، فقد هيمنت الحكومة التي يقودها الشيعة وأكرهت (السنة) بالترهيب\”.

ويشير إلى علاقة الحكومة بالكرد، ويصفها بـ \”المختلة\”، مبينا أن \”استياء السنة ولد ظروفا هيأت لجماعات متشددة أن تزدهر، فتنظيم القاعدة، تنظيم سني، يعمل على تغذية العنف في العراق، كما يعمل عبر الحدود في سورية، حيث يساعد المتمردين السنة في معركتهم ضد نظام  بشار الأسد (…) العلوي\”.

ومثلما يتساءل فلاديمير لينين قائد الثورة البلشفية، ما العمل؟ يتساءل فريد زكريا بوصفه أحد صناع الرأي الأميركي \”الآن، ماذا يمكننا أن نفعل؟\”.

بدءاً، يشدد على أن \”سبب فشل واشنطن (في العراق) ليس الافتقار إلى الدعم العسكري، ولكن عجزها في التوسط لتسوية سياسية دائمة بين الطوائف الرئيسة في العراق\”.

ويلقي زكريا باللوم على رئيس الوزراء نوري المالكي، ويعتبره \”المذنب الأكبر بطبيعة الحال\”، بسبب انه \”أظهر نفسه ليكون سفاحا (قاطع طريق) شيعيا بدلا من رجل دولة على طراز مانديلا\”.

وينبه \”في ظل أي ثورة أو انقلاب، لا يمكن للسلام والاستقرار والديمقراطية أن تنشأ حقا، إلا إذا تقاسمت الأغلبية السلطة مع الأقليات\”.

ويخلص الى القول \”دعونا نضع ذلك في الاعتبار، حين نفكر في بقية العالم العربي، خصوصا سورية، حيث التخلص من الأسد والطائفة العلوية التي يمثلها يشكل خطوة كبيرة إلى الأمام، لكن إذا اختارت الأغلبية السنية الثأر والأعمال الانتقامية، فإن ذلك سيعني سنوات من العنف وعدم الاستقرار، سواء كانت الولايات المتحدة تشارك أو لا، والدليل مجرد إلقاء نظرة على العراق\”.

إقرأ أيضا