نشتاق إلى الدولة

لا يدري صديقي الذي يحب وطنه كثيرا الى درجة الخطأ، ان الدولة حلم نستيقظ على…

لا يدري صديقي الذي يحب وطنه كثيرا الى درجة الخطأ، ان الدولة حلم نستيقظ على تبدده يوميا منذ أكثر من عشر سنوات. لا يدري صديقي ولا يريد أن يدري ما تفاصيل الدولة ومعطياتها وشكلها الذي لا شكل له وطعمها الذي لا طعم له. إنه يفكر بطريقة صحيحة بخصوص الواجبات، ولكنه يحير في الجهة التي يُفترض بها تسلم تلك الواجبات منه.

 

هل تدرك النخبة السياسية ذلك؟ يجدر بنا القول نعم. الحقيقة انهم يعلمون ذلك جيدا، وربما حاولوا الوصول له، وكل على طريقته. لقد أراد المالكي دولة قوية من دون أن يبذل الجهد الكافي. كان يهمه ان يستبق خصومه وجيرانه وهو لا يملك إلا نصف رئة. كذبوا عليه من نصحوه حتى بات لا يثق بأحد او بالمعنى السياسي “ديكتاتور”، إذ ان أغلب الديكتاتوريين أشخاص يعانون من عقدة نقص الثقة بالآخرين.

 

مجتمعيا لا يبدو غياب الدولة أمرا مرعبا إلا في لحظة العنف، ولأننا وتحديدا في عامي 2009 و2010 شعرنا بالأمان نوعا ما، سيبقى مخيالنا القريب متعلقا بلحظة صولة الفرسان ومشروع الصحوات كفاصلة زمنية كان فيها الأمل قويا.

 

هل من تجربة أخرى؟ ربما هذه الأيام، وبتحالفات جديدة ومسميات لا تخلو من إبداع، أعتقد ان مشروعا لتطبيع الأوضاع بين السنة والشيعة، على ضوء القوة على الأرض والاستعداد للقتال الصعب، هو أنجح ما يمكن التوصل له. أتحدث هنا عن قفزة كبرى لعشائر الجبور وأفخاذ البوعلوان والبونمر والبوذياب على حساب حلفاء أيام زمان، كما ان السلفيين المعتدلين يتقدمون بخطى مذهلة ويسيطرون على تراث الإخوان المبعثر.

 

ردة الفعل الإعلامية الهستيرية للاخونجية تفضح الكثير، ربما بات من السهل معرفة الخاسر الأكبر بعد دحر داعش. الحزب الإسلامي لن يبقى له الكثير ليقدمه مع انهياره التام داخل كمين الاتفاق الحكومي وداخل المناطق التي تتهاوى بيد الجيش والحشد.

 

لقد استمر الأمر طويلا، وكان لا بد من إنهائه بهذا الشكل على الأرجح. أتحدث عن حزمة أحزاب وائتلافات وحركات ومليشيات ذات مرجعية تركية قطرية إخوانية فعلت في العراق ما لا يمكن تخيله من فضائع. حين انقلب المالكي على طارق الهاشمي وصابر العيساوي متصيدا رؤوس الاخوانجية، كان تصرفه في غير محله تماما، فقد علمتنا التجارب مع كل تنظيمات الإخوان في المنطقة العربية ان الاجتثاث يبدأ من القاع ومن الدهماء الذين حتى وإن ذهبوا الى القاعدة او حتى بوكو حرام فسيبقى سيد قطب يتحرك في أعماقهم.

 

الموقف السعودي ما زال متشنجا من الإخوان، وهذا في صالح العراق واليمن وسوريا للمرة الأولى.

 

إقرأ أيضا