اللوحة – مكي الربيعي

في اللوحةِ فتاةٌ تركضُ وخلفها يركضُ جروٌ أبيضَ، الفتاة توشك أن تمسكَ السماء من خصرها، يهز الجرو ذيلهُ، ينبثق من اللوحة غناء بالأخضر والأزرق.

تركضُ الفتاة في حقل اللوحةِ ، الجرو يركضُ خلفها ، تتمدد فوق الأخضر ، وتنشر قميصها على الأزرق ليصير سماءً لكليهما.

في اللوحةِ طيرٌ يحومُ فوق رأس الفتاةِ ، ينط الجرو عليهِ وينبح ، الفتاة تهدأ روع الجرو وتفرد مكاناً للطير تحت قميصها ليغني.

في اللوحة شمعة مضيئة، تحاول الريح أن تطفئها، يدفعُ الضوء الريح بيدهِ، ينبح الجرو وتولي الريح هاربة.

الفتاة تفردُ مكاناً للشمعة تحت قميصها لتضيء الأزرق.

فتاةٌ، وجروٌ، وطيرٌ، وشمعةٌ تحت أزرق الفتاةِ، يملأون اللوحة بالحلم. حتماً، ستصيرُ اعجوبة تتداول حكايتها الألوانْ.

 

في منتصف الليلِ ، يسرق اللص اللوحة من يد الحلم ويبيعها على سمسار لا يدخل دكانتهُ النور، كلما مد السمسار يدهُ على شعر الفتاة، تبكي، الجرو ينط عليهِ وينبح، الطير يضرب الكانفاس بجناحيهِ ويحث الشمعة أن تحرق يد السمسارْ.

يحلمُ السمسار حين يضع رأسهُ على الوسادةِ بثروةٍ كبيرةٍ، سيجنيها بعد بيع اللوحةِ في المزاد غداً.

في الصباح يفز مذعوراً، حين يكتشف أن سكان اللوحة قد هربوا.

السمسار يطارد اللص ليستعيد نقوده. اللص يوعده بالبحث عن الهاربين ليعديهم إلى اللوحةِ …

يقتفي اللص أثرهم ومصباحه اليدوي مليئاً بالعتمةِ، من بعيدٍ يسمعُ نباح الجرو، من بعيدٍ يسمعُ غناء الطير، من بعيدٍ يرى ضوء الشمعةِ، من بعيدٍ يبصرُ شعر الفتاةِ ذهباً يلمعْ.

يكمن لهم وراء شجرةٍ، غير أن الجرو يراهُ فينبح، يستيقظ حارس المتحف ويبدأ بمطاردتهِ.

إقرأ أيضا