الماجدي وندواته عن الحضارات العراقية

ابتداء من العام 2010 وحتى الآن لا زال الدكتور خزعل الماجدي يتواصل من هولندا في تقديم سلسلة من الندوات القيمة جدا عن تاريخ العراق، تحت عنوان \”وحدة الحضارات العراقية\”، بأسلوبه الاكاديمي المعروف.

في كل ندوة يتناول الماجدي زاوية خاصة من تاريخ العراق القديم، \”الحضارة السومرية: فجر تاريخ البشرية، الحضارة الآرامية: حاضنة الأديان التوحيدية، حضارات محيط الرافدين: ابيبوتاميا، خمسة عشر حضارة عراقية قديمة أهملها المؤرخون، المندائيون: التوحيد جاء من العراق، يهود الرافدين، العرب وأصولهم العراقية..\” وغيرها من الندوات الكثيرة التي كان يلقيها خزعل الماجدي على مدار اكثر من ثلاث سنوات، والتي استضافها إتحاد الجمعيات الديمقراطية العراقية في هولندا بالتعاون مع النادي الثقافي المندائي في لاهاي ورابطة المرأة العراقية في هولندا.   

ورغم بعد المسافة التي حالت دون حضور هذه الندوات، إلا اني حرصت في كثير من المرات على متابعة بعضها في وسائل الاعلام، فالرجل غزير في عطائه وله منتج يشهد على ذلك، انه شاعر من جهة وباحث في تاريخ العراق بشكل عام وتاريخ الاديان القديمة بشكل خاص، يمسك بإحدى يديه منهجا للبحث العلمي والاكاديمي وبيده الاخرى مهارة البيان ومقومات البلاغة والتوضيح بحكم كونه شاعر، وهذه احدى مميزات الماجدي عن الكثير من الباحثين في التاريخ العراقي القديم.

لقد قرأت بعض كتبه وخصوصا كتابه الشهير \”متون سومر\”، ولاحقت الماجدي في حوار – نشر قبل ايام- دار عن كتابه الجديد \”انكي\” وعن بعض قناعاته المثيرة فيما يتعلق بتاريخ العراق القديم، لقد وجدته مثابرا غزيرا لا يعرف الكلل او الملل. 

من القناعات الملفتة التي يذهب اليها الماجدي هي وجود حضارة عراقية قديمة تسمى \”الحضارة السوبرية\” وهي حضارة موازية للحضارة السومرية عاشت شمالها وبدأت مع أقوام السوبارتو الشمالية ثم استقرت في سار قبل الطوفان وكان تاريخها هذا يبدأ منذ (4000-2900) ق.م.

في ندوته الاخيرة عن عرب العراق ضمن سلسلة \”وحدة الحضارات القديمة\” يذهب الماجدي الى رأي خاص في مفردة \”المعدان\” اذ يعتقد انها اسم أكدي قديم \”مدنحو\”، ويعني \”الشرق\”، ويلفظ بالآرامية المندائية \”مادنا\”. وقد تم تعريب هذه الكلمة لاحقا لتصبح \”معدان\” ومعناها \”الساكنون شرقاً\”، ثم شيئا فشيئا تكونت لهم بيئة ثقافية وحضارية خاصة بهم، فهم خليط من أقوام عراقية قديمة ومن عرب العراق.

في كثير من الاضاءات التي قدمها الماجدي عبر سلسلة ندواته الاخيرة الكثير مما يستحق التوقف عنده، الرجل لا يستعجل الاحكام ولا يميل كثيرا للعواطف.. من هنا فان استيقاف بعض ما جاء في قناعاته ينبغي ان لا يكون مستعجلا ايضا ويرقى للرزانة العلمية التي يتصف بها الماجدي نفسه.

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا