ثلاثون كبشا

مازال ارشيفي زاخراً بمقاطع صوتية حرصت على تسجيلها لروزخونية وملالي ايام زمان.

ولا تعجبوا فكل شيء من ايام زمان جميل، حتى سوالف الروزخونية التي باتت الآن مادة للتندر والإستخفاف.

كان قارئ الروضة (الروزه خون) أو الملّا كما نسميه، صاحب نكتة وروح مرحة تجعله قادراً على صناعة القفشات التي تكسر جمود المجالس والخطب الحسينية آنذاك.

استمع الآن لحديث الملّا كاظم لغيوي رحمه الله عن الفطنة والبداهة. حديث شيّق يديره الملا بذكاء وبراعة لا تخلو من نكتة.

يقول ان احد رجال الدين كان يؤم الناس للصلاة في المسجد وقد شعر الناس بفاقته وفقره فقرروا ان يتبرعوا له بالمال لكنه رفض.

في اليوم التالي تجمع اهل المدينة واخبروه بأنهم في الطريق الى زيارته في البيت.

ارتبك الشيخ واحتار بما سيقدمه لضيوفه، وبعد تفكير قرر أن يذبح الديك الذي لا يملك سواه.

امسك بالديك وتلّه للجبين ثم همّ بذبحه بسم الله، الله اكبر واذا بالباب تطرق، فتحها ليجد تجار المدينة ووجهاءها قد اصطفوا امام الباب زائرين.

– اهلاً وسهلاً حياكم الله وبياكم، تفضلوا.

– شيخنا ما ندخل اذا ما تقبل هديتنا، والرسول \”ص\” قبل الهدية وقال تهادَوا تحابَّوا، مو صحيح؟!

-اي والله صحيح وهديتكم مقبولة على العين والراس، تفضلوا.

– نزّل الهدية يا ولد.

كانت الهدية ثلاثين خروفاً .. خروفاً ينطح خروفاً.

قبلهن الشيخ شاكراً ضيوفه ثم دخل على زوجته والديك بيده قائلاً: هاكِ الديك يا امرأة اطعميه واشربيه ثم أكرمي مثواه فتالله ان ديكي هذا لأكرم عند الله من نبيّه اسماعيل، اذ فداه الله بكبش واحد وفدى ديكي هذا بثلاثين كبشاً.

هذه واحدة من حكايا ملالي وخطباء ايام زمان التي كانت تروّح عن نفوسنا المتعبة وقتئذ.

بينما لو استمعت الآن لمعظم خطباء تالي وكت فلن تجد ما يسرّ قلبك.

خطب لا تخلو في اغلبها من التحريض والفتنة وبث روح اليأس عند \”العَوام\” زائداً قصصاً واحكاماً وحكايا ما انزل الله بها من سلطان.

جرّبت ان ابحث في موقع يوتيوب عن سوالف ونوادر الروزخونية ولكني صدمت.

لقد صدمني شاب يعتمر عمامة كان صوته شجيّاً يفتّ الصخر، ولكن حكاياه تفتّ القلب.

اي والله صدمني هذا الروزخون وهو يحدّث الناس عن الإختلاط ويوصيهم بعدم \”سوق بناتهم\” الى المعاهد والجامعات المختلطة، معللاً ذلك بأن البنات يدخلن الجامعات بنات (يقصد عذراوات) ولا يخرجن كذلك.. هَيّهَيّ

هذا وين عايش ما ادري!

لا ادري اي دينٍ اجاز له قذف الناس وطعنهم في شرفهم! ولا ادري كيف يسكت الجالسون تحت منبره عن هذه الشتيمة!

هذا الخطاب ومثله كثير تلقاه مبعثراً في صفحات الإنترنيت وعلى عينك يا تاجر.

لذلك قررت ألا الوّث ارشيفي بما يعرضه يوتيوب وابقى على تسجيلات ايام زمان هواي احسن.. وينك يا كاظم لغيوي؟!

إقرأ أيضا