الشرق المؤمن والغرب الكافر

من المآسي التي تلقيتها بنهم شديد طوال 20 سنة تقريبا هي؛ في الغرب الكافر يتوفر لديهم العلم دون الأخلاق، وفي الشرق المؤمن تتوفر الأخلاق دون العلم! أصبحت هذه المسألة من المسلَّمات التي لا نقاش ولا جدال فيها، وكأنها آي من  محكمات القرآن الكريم.

ولكن بعد الثورة التكنولوجية الكبرى بقفزاتها العريضة والعالية، والإنفتاح على كل شبر من بقاع الأرض، تبين لي أن تلك المسلَّمة كانت أشبه بزجاجة حامية ما أن تقع عليها قطرة ماء واحدة حتى تنفجر وتتفجر لتتحول إلى شظايا! فتبين لي، أن أهل الغرب ليسوا بكائنات فضائية متوحشة تريد أن تسلب أخلاقنا فنكون بلا أخلاق ولا دين، ولا بنيتهم حرماننا من العلم، حتى نكون كمن أضاع الطريقين، العلم والأخلاق!

ومن جانب آخر، هناك مفارقة كبيرة، يبشر بها الشرق المؤمن وهي؛ أن الإيمان ينتشر بسرعة البرق في الغرب الكافر، وأن أعداد المؤمنين في تزايد كبير وكأن هذه متوالية هندسية. فالغرب يعتمد التخطيط العائلي في قضية الإنجاب، أما نحن فنعتمد سياسية \”تكاثروا\” وإذا كان الأمر كذلك، فلم يعد هناك غربا كافراً لإن الإيمان ينتشر ويعم وسيسود بروايات المستقبل.

ولكن ما الذي جنيناه نحن؟ وماذا سنورِّث لأجيالنا؟ كانت النتيجة هي الخوف والحذر من الآخر، والعيش بحالة من التأهب من الغرب الذي سيسلب دينك لو أغمضت عينك طرفة عين. هذا ليس بصحيح، ولا ينبغي أن يسود الكره تفكيرنا ويجعلنا نتخندق بمتاريسنا وسيوفنا التي ينبغي ان تستريح من تعب القرون الفائتة ويحل محلها الحوار.

وهذا ما قامت به التكنولوجيا، إذ جعلت العالم أصغر من راحة اليد، تنظر لكل البشر أينما كانوا على حد سواء، فهنا صارت ثورة التعارف الثقافي والحضاري بين البشر وهذا هو غاية ما جاء به القرآن الكريم، (وجعلناكم قبائل وشعوباً لتعارفوا). لتعارفوا وليس لتتكارهوا. والتعارف لا يتم إلا بالحوار والتواصل.

ولي أخوة يعيشون في أمريكا هم وعوائلهم ينعمون بحياتهم المدنية دون أي تمييز، ويمارسون حياتهم بكل حرية. أحدهم قد تزوج من أمريكية وأنجب منها شموساً وأقماراً، بنات وبنينا.

فلتنتهي هذه الثنائية الغرب الكافر والشرق المؤمن، التي أزكمت أنوفنا بالكره تجاه الآخر.

* كاتب عراقي

إقرأ أيضا