هل للمجتمع المدني دور في العملية النفطية؟

لأهمية الثروة النفطية للعالم عامة والعراق خاصة تحدثنا في الأعمدة السابقة عن اقتصاد العراق الريعي…

لأهمية الثروة النفطية للعالم عامة والعراق خاصة تحدثنا في الأعمدة السابقة عن اقتصاد العراق الريعي وعن اعتماده كليا على انتاج وتسويق النفط، كما تحدثنا عن مشكلة تهريبه التي كانت بنسب بسيطة في ما يسمى العهد الوطني، إلا انها تفاقمت في العهد الصدامي حتى أصبحت لها صفة رسمية خاصة في أثناء اتفاقية النفط مقابل الغذاء، واتخذت هذه المشكلة صفة الانفلات بعد الاحتلال والتغيير، إذ تم التهريب برعاية المليشيات على كافة انتماءاتها، سواء من المنطقة الشمالية او الجنوبية وكذلك الوسطى، كما تحدثنا عن مشاكل عملية التوزيع للنفط، وضرورة اعادة بناء هيكلية دوائر التوزيع وأساليبه وضرورة عزل العناصر الفاسدة المعششة في هذه الدوائر إن صح التعبير.

 

وفي المجال النفطي، أيضا، عرجنا على ضرورة الالتفات للصناعات النفطية وتوسيع التجربة الخجولة لانتاج المشتقات النفطية في العراق حقنا للعملة الصعبة، لا بل كسـبا لها، كما تحدثنا عن ضرورة تطبيق مبدأ عقود الخدمة في المجالات النفطية تنقيبا واكتشافا واستخراجا، وسد باب عقود المشاركة التي تعود بنا الى أساليب الأربعينات من القرن الماضي، وبالتالي تطلق يد الشركات في البحث والتنقيب واستملاك جزء من ثرواتنا الوطنية بما يعني المس بسيادة العراق واستقلاله، وبالتالي نهب ثرواته، على عكس عقـود الخدمة التي تستحق الشركات فيها مستحقات خدماتها فقط.

 

اليوم نود الحديث عن دور المجتمع المدني في العمليات النفطية، إذ يتأثر المجتمع المدني بسلبيات ايرادات النفط وايجابياتها، اضافة الى تأثره بسلبيات البيئة النفطية. ويقال ان الدول التي لا يعتمد اقتصادها على النفط تكون أمام حالة نهوض في الجوانب الأخرى مثل الزراعة والسياحة والخدمات، وحتى في مجالات التراث وصناعاته، فنكون أمام حالة من نمو الموارد البشرية ومساقات تطورها، بينما على العكس في الدول – المتخلفة منها عادة – التي تعتمد على الموارد النفطية تكون أوضاعها سيئة من عـدة نواح، ومنها ضعـف الحالة الديمقراطية او انعدامها، وان وجدت فتكون شكلية غير حقيقية  كأسلوب الانتخابات التي يسودها فساد شراء الأصوات وبيعها، ومن ناحية أخرى تكون الحكومات في بعض الدول النفطية متمسكة بالأساليب المركزية  وحصر القرار بيد القابض على السلطة، شخصا او جماعة او حزبا، وفوق هذا وذاك تقع “المصيبة” عندما تزداد ايرادات النفـط لبعض الدول فنراها بدلا مـن الاتجاه لرفاهية الشعب تتجه لعسكرة البلد وتخزين كميات كبيرة من الأسلحة التي تستخدمها اما لعميات القمع الداخلي او للاعتداء على الدول الأخرى. وفي كل المظاهر والحالات السلبية المذكورة أعلاه كان الضحية الناس المدنيون، فتدافع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني عن المجتمع بتحركات وقائية مثل تنظيم الندوات العامة والمؤتمرات التخصصية والتوعية والتثقيف عن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، وإذ لا يجدي ذلك نفعا تنظم منظمات المجتمع المدني التظاهرات والاعتصامات.

 

إن أول مطالب منظمات المجتمع المدني للحكومات في مجال النفط هي الشفافية، وخاصة في مجال العقود، اي ان تقوم الحكومة بنشر مشاريع الاتفاقيات النفطية وشروط التعاقد للناس قبل التعاقد، وفق المبدأ القائل الحق بالعلم والمعرفة المستند الى قاعدة النفط ملك الشعب. وعليه لو كانت أسعار النفط أقل من السعر العالمي مما يثير اهتمام ومعارضة المجتمع ومنظماته التي تضطلع بدورها بالتوعية في هذا المجال لكافة فئات المجتمع الذي سيعترض بكافة أساليبه الدستورية.

 

إضافة الى مطلب الشفافية في إجراء العقود يستوجب ان تكون هناك شفافية في الكميات المباعة والمبالغ المستلمة عنها والمصاريف على مشاريع التنمية النفطية والشفافية بمبالغ رفد الميزانية العامة من مبالغ وايرادات النفط، ومن هذه المعلومات ينشأ حـق منظمات المجتمع المدني بالمراقبة والمتابعة لهذه الأموال وتشخيص لا بل فضح كل من يهدر هذه الأموال ويفوت على الشعب فرصة من فرص تقدمه ونهوضه نحو مجتمع آمن مرفه صحيح البنية.

 

هناك مبدأ الضغط ومثاله عندما لا تقوم المؤسسات النفطية بتنفيذ مطلب الشعب بالتخطيط والتنفيذ لمشاريع صناعة المشتقات النفطية التي ستعود على البلد بالعملة الصعبة.. هنا تقوم منظمات المجتمع المدني بالضغط على البرلمان (السلطة التشريعية) في البلد لتنفيذ هذا المطلب ألا وهو اقامة صناعة للمشتقات النفطية، وإذا لم يستجب البرلمان فستقوم مؤسسات المجتمع المدني بالضغط على السياسيين في البلد، كرؤساء الاحزاب او الكتل السياسية، لتنفيذ مطلب الشعب وهو صاحب السلطة الحقيقية ومصدرها.

 

إقرأ أيضا