الدكاترة.. نجوم التحليل والتضليل

نجوم التحليل في الشاشات منذ بداية احتلال داعش للموصل تفوقوا على أنفسهم وقدّموا ما لم…

نجوم التحليل في الشاشات منذ بداية احتلال داعش للموصل تفوقوا على أنفسهم وقدّموا ما لم يستطيعوا تقديمه منذ بداية البث الفضائي في الشرق الأوسط. أتحدث عن العراقيين منهم، بعضهم كانوا جزءا من الموقف المؤيد للتجربة السياسية في العراق، وبعضهم كان يخفي عداءه لها. لقد كان بعضهم من جملة الأسماء المهمة في النخبة الثقافية العراقية، والآن باتت المواقف على حبل غسيل يمتد مع إشارة البث ولا ينتهي مع انتهاء الظهور المدوي.

 

النقطة الأكثر إثارة في كل صِدام حواري في شاشة ما بشأن المعارك التي يكون الحشد الشعبي طرفا فيها هو تقرير هيومن رايتس ووتش. بالتأكيد أن هذه المنظمة لها من الاحترام لدى المضطهدين في العالم الكثير، والمفارقة ليست في التقرير الذي جاء في 31 صفحة، وتضمن صورا لبيوت محترقة وخرائط من google earth، وقد تمت الإشارة الى أن هذه البيوت المحترقة والمواقع المثبتة على الخرائط هي مواقع انتهاكات قام بها الحشد الشعبي ابان فكه الحصار على آمرلي العام الماضي.

 

بقدرة قادر استطاع المحلل السياسي ذو الخلفية الأدبية الصرفة حرق 8 أشهر ووصل معركة آمرلي بمعركة تكريت، كما أن المحلل النجم لم يمرر الفرصة دون دمج القتل على الهوية، وهو الأمر الذي لم يذكره التقرير بتاتا. في العرض الصحفي الذي قام به موقع هيومن رايتس ووتش باللغة العربية للتقرير الخاص بمعركة آمرلي ورد التالي ((لم توثق هيومن رايتس ووتش التقارير المتعلقة بعمليات قتل المدنيين في هذه العملية ولكنها وثقت مزاعم القتل على يد الميليشيات وغيرها من الانتهاكات في العديد من المناطق الأخرى من العراق في عدة تقارير في 2013 و2014)). وهنا أستطيع ان أقول ان المهنية والعلمية والاحترافية وكل المصطلحات التي تعني الالتزام قد غابت عن ذهن المحلل النجم وهو يؤجج النار الطائفية في الصدور.

 

د. يحيى الكبيسي أحد هؤلاء النجوم الذين أخفوا سخطهم على العملية السياسية طويلا، لكن محاولة اللحاق بالسياسة عبر الترشيح مع كتلة كرامة التابعة لخميس الخنجر أفقدت الرجل صوابه. لم يستطع الرجل الفوز فقرر أن يحرق الأخضر واليابس ويهاجم الجميع منطلقا من عقدة الخاسر. المفارقة في ان الكبيسي مر في سنوات العنف الطائفي بتجربة هائلة كان يجب أن تؤثر في روحه على الأقل. كان يا ما كان أن نشر د. يحيى دراسة تشير بشكل عرضي الى أن الشيعة أغلبية في العراق، وكان مكان نشر الدراسة هو موقع الجزيرة الالكتروني، وكانت الخريطة المرفقة بالدراسة التي تشير الى الأغلبية الشيعية هي السبب في هجوم عنيف من الإخوان المسلمين على الكبيسي حتى وصل به الأمر ان يعتذر معللا بأن الخريطة من اختيار الجزيرة. آنذاك هاجمه حارث الضاري وطارق الهاشمي وكثيرون، واليوم وبعد سنوات على هذا الحدث ما زال الكبيسي يدعي العلمانية رغم أنه يعمل في مؤسسة يديرها مصطفى عياش الكبيسي الأخ الشقيق لمحمد عياش الكبيسي أحد أبرز وجوه الإخوان المسلمين في العراق والأب الروحي لمليشيا حماس العراق.

 

من النجوم الآخرين في العراق د. حيدر سعيد الشيعي النجفي والمتخصص باللسانيات. الرجل كان جزءا من ذاكرة النخبة العراقية في مرحلة ما بعد التغيير وما زال، لكن متابعة قراءاته للوضع في العراق تجعل الحيرة تدب في الذهن. في حلقة نقاشية نظمتها مؤسسة مدارك في أعوام العنف الطائفي قال د. حيدر سعيد: ((أعتقد بأن الحرب الأهلية ضرورة للمجتمع العراقي، وما لم تحدث حرب أهلية فإن نمو المجتمع سيكون نمواً مشوهاً، لن تنشأ قيمة تعايش في هذا المجتمع. مشكلة الشباب الجنوبي داخل الولايات المتحدة، مشكلة قائمة رغم أن الحرب الأهلية مضى عليها أكثر من مئتي سنة. لكن كيف نفعتهم الحرب الأهلية وفكرة (انفصال الجنوب عن ولايات الشمال) وأوصلتهم هذه الأشياء لضرورة بقاء الاتحاد. لا يمكن أن نصل لقيمة التعايش السلمي إلا من خلال حدث مثل هذا. لست داعية حرب، ولكنني أقول بأن حصانة المجتمع العراقي حتى يبتعد عن الحرب الأهلية غير ممكنة خلال سنة أو سنتين)). هنا يؤمن د. حيدر سعيد بان اسقاط صدام حسين لم يكتمل بطريقة غير مباشرة ويرى ان الحرب الأهلية مفيدة أحيانا، بل انه يرى ان الوصول الى النهاية في هذه الحرب، وهو ما أعاقه الأميركيون، سبب رئيس في الحل السلمي المؤمل.

لا أفهم كيف تغيرت الأمور الآن؟ كيف تتغير القناعات؟

 

إقرأ أيضا