ساسة: الصدر والحكيم هددا المالكي بسيناريو مصري.. وثأر الشهداء مرتبكة لعدم التنسيق بين الجيش والبيشمركة

ينشر سامر، عددا من عبوات المياه المعدنية في حوض شارع حيوي وسط بغداد قبالة متجره على مقربة من مبنى السفارة الفرنسية ومقر للاستخبارات، في محاولة لمنع وقوف أي مركبة، بينما كانت سيارات إسعاف وشرطة تهرع باتجاه مكان تفجير من بين 10 تفجيرات هزت العاصمة مساء أمس الثلاثاء، في موجة جديدة من هجمات تزيد من حراجة موقف الحكومة.

ومنذ بداية العام الجاري، يشعر العراقيون أنهم باتوا دون حماية تقيهم الهجمات المتكررة، غير ان رئيس الحكومة نوري المالكي قرر امس الاول (الاثنين)، اطلاق حملة امنية واسعة على أطراف بغداد أسماها بـ\”ثأر الشهداء\”، ويعلق سامر \”المفخخات تخرج من تحت الأرض أو تهبط من السماء\”.

وسقط في هجوم اليوم المتزامن مع تصعيد قوات عراقية مشتركة من سقف حملتها الامنية، بحسب مصادر الشرطة واخرى طبية 33 قتيلا على الاقل فيما أصيب ما يزيد عن 120.

 

الوطني يهدد المالكي بسيناريو مصري

وفي الوقت الذي هدد القائد العام للقوات المسلحة بحكم المنصب نوري المالكي أمس الثلاثاء، بـ\”استمرار ثأر الشهداء حتى اتمام مهمتها بالكامل\”، يجد نفسه في موضع سياسي مقلق اثر تزايد الضغوط من حلفائه الرئيسين في \”التحالف الوطني\”.

ويقول مصدر سياسي التقى المالكي الأسبوع الحالي، في حديث عبر وسيلة اتصال مؤمّنة مع \”العالم الجديد\”، إن \”التحالف الوطني بات يشعر أن المالكي يشكل عبئاً عليه، وخلال الاجتماع الأخير للتحالف حملته أطراف فيه مسؤولية تخريب العلاقة مع فرقاء العملية السياسية، ما القى بظلاله على الوضع الامني، لجهة عدم مرونته مع الحلفاء الشيعة، فضلا عن السنة\”.

ويؤكد المصدر ان \”التحالف اخذ تعهدا شفهيا من المالكي بعدم الاقدام على أي حركة سياسية، او أمنية بشكل منفرد دون استشارته، وبخلافه يكون التحالف غير ملزم بالدفاع عن رئيس الوزراء\”.

واستنكرت، بحسب المصدر، أطراف في ائتلاف دولة القانون على المالكي تلبيته لدعوة أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب، لحضور \”وجبة فطور\” داخل المنطقة الخضراء بعد يومين من حادثة اقتحام سجني التاجي وابو غريب وهروب المئات من معتقلي القاعدة من السجن الأخير، وعدّوها \”ضعفا سياسيا\”، و\”إشارة غير موفقة بتوقيت خاطئ\”.

وحتى الخميس الماضي، كان البغداديون قد بدؤوا باستيعاب صدمة \”الهروب الكبير\” للسجناء الخطرين، وما تلاها من هجمات لا تقل قسوة من هجمات البارحة، سوى أنها كانت اكثر عددا، غير ان اعلان واشنطن المفاجئ بإغلاق سفارتها ببغداد، زاد من منسوب القلق والخوف والانتشار الأمني داخل ومحيط المنطقة الخضراء، حتى أن نحو 200 متظاهر شاب لم يستطيعوا الدخول الى ساحة التظاهر التقليدية \”التحرير\” وسط العاصمة، لبدء ما أسموه بتظاهرات \”العراق ينتفض\” ضد الفشل الحكومي والأمني، غير أن مكتب المالكي الذي يفصله عن الساحة جسر أغلقته السلطات، عدّ التظاهرات خطرا داهما للاستقرار، وقدم عددا من النشطاء الى المحاكمة.

ورغم ان حجم الخلاف بات يتسع داخل \”الحلف الشيعي\”، فإن المالكي لم يجد مخرجا سياسيا للأزمة بعدما جعله في مواجهة خصمين شابين يمتلكان شعبية وحظوة سياسية اضافة الى محافظات تمكنا من إزاحته منها، وبلغ بهما الأمر الأسبوع الماضي الى التفكير بـ\”عزله\”.

فعمّار الحكيم، رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، تفاهما على ضرورة كبح طموح المالكي بتشكيل حكومة ثالثة، ووفق معلومات لمصدر مطلع نقلها لـ\”العالم الجديد\”، أمس الاول، فإن \”الحكيم والصدر مررا رسالة للمالكي مفادها ان عليه الكف عن اتهام التيار والمجلس بالغدر بشأن تشكيل مجالس المحافظات\”.

الصدر الذي آثر \”العزلة\” أمس الاول، والحكيم الذي لا يخفي تبرمه من الفشل الحكومي، هددا المالكي بـ\”السيناريو المصري\”، وناقشا فكرة لم تصل الى مستوى اتفاق بأن \”يعزل المالكي وتشكل حكومة انتقالية تهيئ للانتخابات النيابية المقبلة، للقضاء على طموح الدعوة بالولاية الثالثة\”.

ويجد المالكي نفسه في حلقة مفرغة وسط ضغوط سياسية، غير أن بابا واحدا ما زال مفتوحا أمامه للتحرك بحرية، يتمثل بـ\”الحل الأمني\” على شاكلة ما حدث في العام 2008، لاستعادة قوته الآخذة بالضعف سياسيا، لذا أطلق أمس الاول عملية \”ثأر الشهداء\” في اطراف بغداد ومحيطها لتجفيف منابع العنف.

 

الجيش والبيشمركة: بغداد وحزامها هذه المرة

وفي اليومين الماضيين شهدت العاصمة بغداد انتشارا امنيا مكثفا، ولاسيما في محيط المنطقة الخضراء، واغلاق جميع منافذها تحسبا من هجوم كبير قد يشنه تنظيم القاعدة، إلا أن تلك التعزيزات لم تستطع صد هجمة دامية جديدة مساء أمس نفذت بتلقائية معتادة.

وأعلن المالكي أمس، من غرفة عمليات حملة \”ثأر الشهداء\”، في تصريح مسرب من حديثه مع القادة الأمنيين اطلعت عليه \”العالم الجديد\”، ان \”جميع القوات العسكرية في بغداد والمحافظات مستنفرة، ووضعت في حالة الهجوم الكاسح\”.

وبعد مضي 72 ساعة على بدء العملية التي يشارك فيها فوجان من البيشمركة الكردية لأول مرة بعد التوصل الى اتفاق مشترك مع أربيل الأسبوع الماضي، بدا أن الخطة لا تسير بالشكل المطلوب.

مصدر أمني كشف لـ\”العالم الجديد\” أمس، أن \”الخطة التي وضعها المالكي بمعية القادة في مكتب القائد العام تسير بشكل جيد منذ أمس الاول (الاثنين) حتى مساء أمس (الثلاثاء)، لجهة الفراغ الأمني الذي ظهر داخل العاصمة، بسبب حشود القطعات الامنية التي توجه اغلبها الى حزام بغداد واطرافها، ما ترك داخل العاصمة معرضا للهجمات وهو ما حصل اليوم (امس الثلاثاء)\”.

ويبيّن المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن \”المؤشرات التقييمية للحملة دلت على إرباك، من ناحية انطلاقها قبل وصول القوات الكردية، التي لم تعرف محلها من الخطة\”.

ويستدرك بالقول ان \”قيادة عمليات بغداد لم تنسق بالشكل الكافي مع البيشمركة، وكان من المفترض ان تملي القوات الكردية المكان الذي شغرته القوات المتوجهة الى الاطراف، لكن هذه الفكرة جعلت البعض يفكر بالحرج من وجودها داخل العاصمة\”.

وشدد على ان \”المالكي اتخذ قرارا نهائيا ببقاء حالة الانذار في صفوف القوات الامنية لفترة طويلة جدا\”.

أما ميدانيا، فقد أعلنت قيادة عمليات بغداد ان \”الايام المقبلة ستشهد عمليات امنية واسعة ولن تشمل اطراف بغداد فقط، بل ستكون في المركز\”.

وبحسب شهود فان انتشارا كثيفا للعناصر الأمنيين شهدته العاصمة، وإجراءات تفتيش دقيقة على المركبات والاشخاص، فضلا عن اخضاع الجسور الرابطة بين الكرخ والرصافة الى مراقبة شديدة.

 

الصدر يعتزل خوفا من ثأر أتباعه

الصحوة الأمنية للحكومة، والتي يراها مراقبون متأخرة، قد تكون \”منقوصة\”، في ظل خروج الصراع الخفي بين التيار الصدري وتنظيم عصائب اهل الحق الى العلن، ما ينذر بصدامات مسلحة عنيفة قد تشل قدرة القوات الحكومية على الحركة إزاء فصيلين أحدهما ممثل في مجلس النواب ويحتفظ بوزراء من العيار \”الخدمي\” الثقيل، والثاني يعتقد انه مدعوم بقوة رئيس الوزراء لكسر شوكة الاول، لاسيما بعد قرار الزعيم الصدر \”اعتزال الحياة السياسية\” بشكل مفاجئ.

وذكرت مصادر مطلعة، أمس الثلاثاء، أن المعارك التي شهدتها مدينة الصدر مؤخرا بين جيش المهدي وعصائب أهل الحق أسفرت عن مقتل 3 أشخاص من أنصار التيار الصدري، دون وقوع خسائر تذكر في صفوف الجانب الآخر سوى إصابات بسيطة.

وتنبّه المصادر الى أن \”هذه المشكلة باتت تهدد السلم الأهلي في بغداد خاصة بعد إفشال محاولة امتداد الاشتباكات والمعارك إلى بعض مناطق شرق العاصمة، وتحديدا الى منطقة العبيدي التي تعتبر معقلا مشتركا للتنظيمين المذكورين حالها حال المناطق المجاورة لمدينة الصدر، كالكمالية، والفضيلية، والمعامل\”.

ويقول عضو في جيش المهدي من مدينة الصدر، رفض الكشف عن اسمه لـ\”العالم الجديد\”، إن \”المعارك التي دارت مؤخرا مع تنظيم عصائب أهل الحق كانت نتيجة الخلافات حول منصة كانت سابقا للتيار، واستحوذ عليها عنصر منشق انضم الى العصائب حين كان في معتقل بوكا (الأميركي)، وخرج في صفقة العفو عن قيس الخزعلي ويدعى حسن سالم (اسم حركي)، دار بشأنها خلاف الجمعة الماضية خلال الاحتفال بيوم القدس العالمي، تطور الى اشتباك مسلح سقط فيه 3 من عناصر جيش المهدي\”.

وتوعد خصومه بالقول إن \”أنصار الصدر لن يبقوا مكتوفي الأيدي تجاه هذه الهزيمة ويحضرون للرد لأخذ الثار\”.

وكهزة ارتدادية لما حصل الجمعة، قال شهود ان منطقة الحبيبة شهدت في وقت متأخر من ليل أمس الثلاثاء، اشتباكات مسلحة بين عناصر جيش المهدي والعصائب، ولم يتسن التحقق من المعلومة من مصدر موثوق.

ويرجح العنصر في جيش المهدي، ان \”يقوم الصدر بفك تجميد الجيش، لتذمره من دعم الحكومة لتنظيم العصائب\”.

مصدر مطلع آخر من داخل مدينة الصدر وعلى قرب من التنظيمين، ابلغ \”العالم الجديد\”، أمس، أن \”اعتكاف زعيم التيار مقتدى الصدر، جاء لعدة أسباب محسوبة سياسيا\”، من بينها أن الزعيم الشاب تبلورت لديه قناعة بان \”المرحلة المقبلة ستشهد اعمالا وردود افعال عنيفة، وضربا تحت الحزام بين الفرقاء السياسيين\”.

ويتابع ان \”الصدر باعتكافه يريد النأي بنفسه عن اي فعل يقوم به جيش المهدي خلال المرحلة المقبلة ورفع الغطاء الشرعي عنه، حتى يكون بمعزل عن اللوم وردود الافعال\”. لكنه لفت الى أن \”الاعتكاف كان محاولة للصدر من اجل ضبط جيش المهدي الذي لم تعد قيادات كثيرة فيه تلتزم بأوامر الصدر\”، مشيرا الى ان \”قياديا في التيار يدعى أبو ذر البهادلي أبلغه أن خطوة الصدر تأتي في هذا الاطار، لأن جيش المهدي لا يسير وفق النهج السياسي الذي يسير فيه التيار\”.

ونوه المصدر بأن \”الاشتباك الذي حصل الجمعة الماضية، جرى بدون علم الصدر، وكان خرقا لقرار التجميد الساري، حيث اذيع عقبه بيان عبر الجوامع والحسينيات، بوقف الاشتباك وعدم الاحتكام الى السلاح\”.

ويستبعد المصدر ان يقوم الصدر بحل جيش المهدي، لجهة ان \”اغلب عناصره مطلوبون بقضايا عشائرية او قضائية او أمنية، فحلّه بالتالي يعني رفع الغطاء السياسي عنهم وتعريضهم الى الملاحقة، لذا فان الصدر لوح بهذه الورقة لضبط عناصر جيش المهدي فقط\”.

ويختلف الصدر مع قيادات جيش المهدي في انه يرى أن \”الحل الوحيد لكبح جماح تنظيم عصائب اهل الحق، هو تشكيل الحكومة المقبلة من قبل التيار\”، غير ان قيادات الجناح المسلح ترى ضرورة \”المواجهة\”.

 

مراقب: قد نكون على أعتاب صولة مالكية جديدة

ويعلق أحمد صحن،المحلل السياسي، في حديث لـ\”العالم الجديد\”، ان \”الصورة تحمل الكثير من القراءات لكن اغلبها تبعث باشارات تؤكد دخول العراق مرحلة جديدة من الانتكاسات السياسية والتجاذبات التي قد تؤدي الى افول نجم التيار الصدري، او احتلاله موقعا آخر في الخريطة السياسية\”.

ويرى ان \”الاعتكاف جاء بعد صدام بين التيار وعصائب الحق، الامر الذي ينذر بتعاظم مخالب العصائب وسواها من المليشيات (…)، وقد تغدو مالكة او وريثة لمنزلة التيار الصدري\”.

وينبه الى ان \”حصول ذلك، سيفتح بابا يسمح للمالكي بالمتاجرة في الملف الامني، وقد نكون على اعتاب صولة مالكية أخرى علها ترفع من رصيده الجماهيري الذي خسره بعد انهدام ركائز صولة الفرسان، تلك الصولة التي تداعت اغلب ملامحها بالمجمل، وتجلى ذلك بالهبوط الواضح في الخطوط البيانية للملف الامني\”.

إقرأ أيضا