مصادر: طبخة الحكومة المقبلة تبدأ من \”الوطني\” والمرجعية تضع فيتو على حزب الدعوة

بات تفكك \”التحالف الوطني\” العصيّ أمرا مرجحا، انفرط عقد \”الأقوياء\”، وطفت على السطح الطموحات المقموعة منذ 8 أعوام ثقيلة تحملتها الأذرع الشيعية لصالح \”حزب الدعوة\” المنكفئ نحو داخله في لحظة فارقة ليلملم شمل أجنحة مستاءة من رئيس الوزراء الطامح لولاية ثالثة نوري المالكي، لجهة الترتيب للاستحقاق الانتخابي المقبل.

في اللحظة الراهنة، بات الحراك مكشوفا، فزعيم ائتلاف دولة القانون أسقط ما في يده، في ظل التدهور الأمني غير المسبوق منذ الاقتتال الطائفي و\”صولات الفرسان\”، والواقع الخدماتي المتراجع، وتمسكه غير المبرر بالوزارات الأمنية، فضلا عن عوامل الاضعاف السياسي التي تعرض لها من الخصوم بعد الولادة الشاقة لحكومته الثانية، وفشل مساعي سحب الثقة العام الماضي، و\”الضربة القاصمة\” التي تعرض لها الحزب الأقدم في المنظومة الشيعية من حليفين ذكيين (التيار الصدري والمجلس الأعلى) في انتخابات مجالس المحافظات، جعلت منه ابعد ما يكون عن حلمه \”المنتظر\” بمسك الولاية الثالثة.

انفرط التحالف، لصالح بزوغ القوة الجديدة التيار الصدري والمجلس الأعلى الاسلامي العراقي، ولم يعد يمثل قيمة سياسية يراهن عليها في المرحلة المقبلة.

 

التيار الصدري يبشر بنهاية المالكي

فحاكم الزاملي النائب عن كتلة الأحرار أعلن في تصريح صحفي، بما يبدو أنه تمهيد لـ\”حفلة\” الانقضاض على ائتلاف المالكي سياسيا، بأن \”رئاسة الحكومة المقبلة ستكون من نصيب تحالف المجلس الأعلى والتيار الصدري\”، مبررا إعلانه الذي يأتي في ظل فترة الصمت التي لجأ اليها زعيم التيار مقتدى الصدر، بأن \”حزب الدعوة لن يستطيع الحصول على الاصوات التي تؤهله لرئاسة الحكومة بسبب الفشل في الملف الأمني والاقتصادي\”.

وفيما يشير الى أن نواة هذا التحالف كانت \”الاتفاق الواضح بين المجلس والتيار بعد انتخابات مجالس المحافظات والحصول على أغلب المحافظات المهمة كبغداد والبصرة\”، يلمح النائب عن الكتلة الصدرية جواد الجبوري الى حالة الاحباط التي تهمين على المالكي لجهة أنه \”بدأ بحرق أوراق بعض أعضاء ائتلافه الذين يمكن أن يشكلوا عائقاً أو منافساً له في الانتخابات المقبلة أو على رئاسة الحكومة، ومنهم نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني، كي يمهد لنفسه الطريق لتبوء ولاية ثالثة\”، وفق ما جاء على ذمة وكالة المدى برس.

وتعذر على \”العالم الجديد\” الوصول الى أي من قياديي التيار الصدري الفاعلين، كالنواب بهاء الأعرجي وحاكم الزاملي ومها الدوري، فضلا عن ضياء الأسدي رئيس الهيئة السياسية للتيار، رغم الاتصالات المتكررة التي لم تلق ردا منهم للوقوف على حقيقة ما أعلنه النائب الزاملي، وهو ما تعتبره الصحيفة عدم احترام لحق الوصول الى المعلومة والتأكد منها.

 

المرجعية: فيتو على حزب الدعوة

ما حفز التيار الصدري على التجرؤ باعلان موقف سياسي يبدو مستعجلا، هو ما كشفه مصدر سياسي مطلع لـ\”العالم الجديد\” امس الاربعاء، والذي تمثل بـ\”رفض المرجعية الدينية في النجف بقاء حزب الدعوة الإسلامية على رأس السلطة في المرحلة المقبلة، وهو ما يعني تعرض الحزب الى زلزال يشل حركته\”.

ويبين المصدر الذي طلب عدم الاشارة لاسمه لحراجة المعلومة وسريّتها أن \”المرجعية متذمرة جدا من تمسك المالكي بالحكم، فضلا عن اختلاقه المشاكل مع الأحزاب الشيعية الأخرى ما أدى إلى شق وحدة الصف\”.

ففي محاولة من رئيس الوزراء للخروج من كماشة نار الفريقين الصاعدين في بورصة الاستقطاب السياسي الحرج، أوفد قياديين من الحزب الى النجف للقاء المراجع الكبار أمس الاول الثلاثاء، غير انه عاد بخيبة أمل كبيرة في أن \”المرجعية لا تريد رؤية الحزب في الواجهة السياسية خلال الفترة المقبلة نتيجة للفشل في إدارة الحكم الذي استمر منذ عام 2005 ولغاية الآن\”.

وطالبت المرجعية بحسب المصدر، حزب الدعوة بـ\”فسح المجال لإخوته من الأحزاب الشيعية في التحالف الوطني للتصدي للأمور، وإصلاح الخلل الكبير الذي نجم عن سوء الإدارة\”.

وفي ملمح على تغيير مرتقب داخل الحزب، يكشف المصدر أن \”نصف أعضاء وفد الدعوة كانوا قد اقتنعوا تماما برأي المرجعية، لكن القسم الآخر وهم المؤثرون لا يزالون يتمسكون بحلم البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة\”.

 

المجلس الأعلى: تحالفنا مع التيار غير ستراتيجي

وعلى مرمى هدف، من محاولة الطموح الصدري، يجد المجلس الأعلى الاسلامي العراقي، نفسه مشاركا بالطموح ذاته، غير أنه يقلل من حدة الحماس الصدري لصالح المناورة السياسية لكسب الوقت.

ويقول حميد معلة، المتحدث باسم المجلس، لـ\”العالم الجديد\”، \”لدينا تفاهم جيد جدا معهم (التيار الصدري)، وأجرينا لقاءات عدة، وآخرها لقاء مع الهيئة السياسية في أمسية رمضانية، وأعلنوا فيها أنهم مستعدون لكافة أنواع التفاهم والتنسيق على المستوى الوزاري والحكومات المحلية، وعلى مستوى البرلمان، وتشريع القوانين المهمة\”.

غير أن معلة يقلل من وصف زعيم التيار مقتدى الصدر لتلك التفاهمات المبدئية بأنه \”تحالف استراتيجي\”، مبررا قناعة المجلس بأن \”الأخوين الشقيقين الدعوة والتيار الصدري لم ينصفونا كثيرا في المرحلة السابقة\”.

وينفي أن يكون هناك \”تحالف متين، فلم نصل الى تلك الدرجة من العلاقة\”، مستدركا أن \”(المجلس) حريص على إيجاد علاقة طيبة متكافئة متوازنة\”.

ويناور معلة في توصيف العلاقة، بأنهم \”(الدعوة والتيار) إخوتنا، ولهم حضور في الساحة، وليس لدينا غيرهم، وإذا كنا نريد الانفتاح، فالاولى أن ننفتح الى الأقرب الينا في التحالف الوطني\”.

 

الموقف الكردي: بين الرفض والقبول

الموقف الكردي، كالعادة غامض ولا يفسح مجالا للدخول في صراع إعلامي معلن، فهو يفضل عقد تحالفاته في الوقت الحرج للحصول على مكاسب أكبر.

ويعلق النائب محمود عثمان السياسي الكردي المخضرم في حديث لـ\”العالم الجديد\” أمس، بأن \”الموقف الكردي غير محدد الآن\”.

ويرى أن إيجاد موقف للتحالف الكردستاني الآن \”سابق لأوانه\”، مبينا انه \”لابد ان تجرى انتخابات نيابية، وما بعدها سيكون لنا موقف واضح في مسألة التحالفات\”.

غير أن عارف طيفور، نائب رئيس مجلس النواب، والقيادي في التحالف الكردستاني يشط عن قاعدة عثمان، في اتصال مع \”العالم الجديد\” عبر الهاتف أمس، ويدخل على خط رفض المالكي كرئيس للكابينة الحكومة مجددا، بقوله إن \”التحالف الكردستاني لا يدعم ولاية ثالثة للرئيس المالكي\”.

ويشدد طيفور الذي كان يتحدث من خارج البلاد، حيث يقضي إجازة منذ 3 اسابيع، أن \”طموح المالكي مرتبط بقرار المحكمة الاتحادية بالسماح له بتولي ولاية ثالثة\”، منوها بأن \”التحالفات السياسية ستكون بعد الانتخابات، وستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات\”.

 

دولة القانون والهروب الى الأمام

الحراك الذي يجري تحت أنظار ائتلاف دولة القانون بعد ان ذهبت كل محاولاته لارضاء المجلس الأعلى بعدم الاصطفاف مع التيار الصدري الى منطقة العمى السياسي، يشي بتخوف حقيقي من أن لا يجد حليفا من داخل البيت الشيعي لكسب الشارع وأصواته، غير أنه يحاول الهروب الى الأمام واستباق العاصفة، كما بدا في تساؤل النائب عن الائتلاف علي الشلاه \”من قال لكم أن السيد المالكي سيرشح أولا، ومن قال إن الشعب العراقي لا يثق بكم (الكتل السياسية المعارضة لبقاء المالكي)، الى هذه الدرجة حتى تركضوا كل هذه الركض؟\”.

واتهم النائب الشلاه في حديث مع \”العالم الجديد\” أمس، رئيس مجلس النواب بـ\”سلق مقترح قانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاث، لقطع الطريق على الشعب العراقي بانتخاب المالكي مجددا، بعد فشل مساعي سحب الثقة\”.

ويبين ان \”السيد المالكي لم يتحدث عن رغبة في الحصول على ولاية ثالثة حتى الآن، لكن نحن نتحدث عن مقترح قانون قدمه أسامة النجيفي، قام بسلقه سلقا، مع كتلة الأحرار والمجلس الأعلى والكردستاني، حينما حاولوا سحب الثقة وفشلوا فشلا ذريعا\”.

ويلفت الى أن \”مقترح القانون غير دستوري، على قاعدة الصمت في معرض التصريح، تصريح، بمعنى أن الدستور صرح بتحديد ولاية رئيس الجمهورية، ولم يحدد فترتي رئيس الوزراء والنواب\”، لافتا الى أن \”الخصوم وضعوا المقترح في غضون أسبوعين وكأنهم يسرقون، في حين أن هناك قوانين معطلة منذ أعوام، وهم يعلمون أن المحكمة الاتحادية لن تمرره، لكونه غير دستوري، فأرادوا الانقلاب على المحكمة الاتحادية، وتغيير كل القوانين\”.

ويعلق على الإعلان الصدري بمسعاه تشكيل الحكومة المقبلة، \”نسمع بمثل هذه الأمور من الإعلام، وكأن الأمر منوط بنا أو بهم، غير أنه منوط بالشعب العراقي واختياره، فان كان يثق بهم، فمبارك عليهم ولا نملك سوى أن ننحني للشعب\”.

ويلمح الى أن موقف المجلس الأعلى على غير موقف الصدريين بقوله، إن \”هذا الكلام لا نسمعه إلا من قبل الإخوة في كتلة الأحرار، والمجلس الأعلى، حيث يقولون بأنهم غير معنيين بهذه التصريحات\”.

ويشرح الشلاه الموقف من وجهة نظر ائتلافه، بأنه \”بعد التمديد للرئيس مسعود بارزاني صار الكل الآن يغني في صحرائه، لا النجيفي قادر على الاحتفاظ بتلك العلاقة مع بارزاني بعد فشله الذريع في الموصل بانتخابات مجالس المحافظات، ولا كتلة الأحرار قادرة على العودة الى أجواء اتفاقية أربيل، والتفاهمات التي حصلت على حساب التحالف الوطني، فضلا عن اتفاق الأحرار مع ما يعرف بمتحدون على حساب التحالف في بغداد وديالى\”.

 

بوصلة الحكومة مقبلة على تغيير

ويجد الكاتب والمحلل السياسي عمّار السوّاد في مقابلة مع \”العالم الجديد\” أمس، بأن لعبة التيار الصدري والمجلس الأعلى ضد ائتلاف المالكي وحزبه مرهونة بـ\”ثلاث نقاط، تتمثل باتجاهات الضغوط الإقليمية الإيرانية تحديدا، وثانيا موقف الأكراد واتفاقاتهم، وثالثا عدم قدرة المالكي على الحصول على نسبة ثلث مجلس النواب، قادرة على الحصول على حلفاء من السنة إضافة الى الكرد\”.

ويرى السواد الى أن \”تحقق هذه الشروط لصالح المالكي صعبة حتى الآن، وفي ظل المؤشرات المتوافرة\”.

وينبه إلى أن \”التقارب بين المجلس الأعلى والتيار الصدري في المجالس المحلية يمثل بروفة للجانبين لاختبار إمكانية العمل المشترك بينهما\”، مضيفا \”حتى الآن يبدو هذا التحالف سائرا باتجاه التعزيز، رغم بعض المنغصات من قبيل محافظة ديالى، وانفراد التيار الصدري بالاتفاق مع الكتل الأخرى دون التشاور مع المجلس الأعلى\”.

ويخلص إلى أن \”بوصلة الحكومة في المرحلة المقبلة ستتغير ليس على مستوى الشخص فقط، بل حتى على مستوى انتماء رئيس الوزراء المقبل\”.

إقرأ أيضا