ممثلو الطهرانية

كلما ظهر سياسي أو مشارك من قريب أو بعيد في المشهد السياسي العراقي في برنامج حواري أو لقاء خاص أو مشترك، ينقلب اللقاء إلى فصل مسرحي طُهراني يستقدم فيه هذا السياسي جميع الملائكة والقديسين والصالحين لكي يحيطوا به، ويثبتوا أنه خرج بلا ناقة ولا جمل من تجربة السياسة، وأنه فعل ما وسعه الفعل لتلافي وصول البلد إلى ما وصل إليه من نزاعات وإرهاب ونقص في الخدمات وسرقة للمال العام وانتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان وأحلامه.

سياسيونا يبدو أنهم صاروا بارعين في لعبة التنس من كثرة تجوالهم في البلدان المتقدمة عربية وغربية، لذا نراهم يرمون الكرة في ملاعب خصومهم أو مساجليهم على نحو تبدو معه مباراة السياسية العراقية محيرة لأمهر لاعبي التنس، فهي لا تنتهي إلى نتيجة واقعية، ولا يبدو أن ثمة من يرتفع أخلاقيا ووطنيا وإنسانيا لتحمل المسؤولية والإقرار بالفشل في كل المناحي أمنيا واقتصاديا واجتماعيا.

لا أفهم لماذا تدور الحوارات حول مسائل عائمة أو احتمالية لهذه الدرجة، كثيرا ما يُسأل السياسي المستضاف، هل العملية السياسية في مأزق، وهل هذا سؤال، وهل نحن بحاجة لجواب عن بديهية أكلناها وشربناها منذ 2003، وهل تفضي أدبيات هذه الأحزاب الدينية وممارساتها في الأرض إلى نتائج أقل ما يقال عنها إنها كارثية وقاتلة. لماذا نسأل السياسي أسئلة من قبيل، ((ماذا تقول لنفسك وأنت تسير في طرقات مليئة بالحفر في بلدك، بينما تسير في طرقات معبدة لا مطب فيها في البلدان التي تزورها لتودع الأموال في بنوكها؟)) أو ((ألا تخجل من كونك تسكن في المنطقة الخضراء وتنعم بالكهرباء على مدار السنة في حين يعاني الناس الويلات من نقصها الحاد جراء التصدير الذي شمل كل دول الجوار\”نكته\”؟!!))، أو ((كيف تتبجحون بكل هذه البدلات والأربطة التي ترتدونها مرة أو مرتين فقط وأنتم ترون من زجاج سياراتكم المظللة المضللة مئات المتسولين وهم يقفون في تقاطعات الشوارع))، أما السؤال الأكثر جوهرية الذي يجب أن يطرح فهو ((ألم تعلمك أدبياتكم الدينية أهمية التواضع، وقيمة خدمة الناس ونفعهم، والزهد في الدنيا، والإعراض عن المناصب، وخطورة الكذب والتلفيق على هذه الملايين المظلومة من جور الاستبدادات والحروب، ألم تعلمكم أن هذه الأموال الهائلة التي سرقتموها، ستعود عاجلا أم آجلا أو ستزول؟))، أم أنكم تعتقدون أن عباءات الطهرانية والتديّن الشكلاني طاقيات إخفاء، ستخفي ما سرقتم أيها السياسيون الفاشلون.

* كاتب وأكاديمي عراقي

إقرأ أيضا