هيومن رايتس: على الحكومة الكف عن قمع الاحتجاجات.. وندعو التميمي لإلغاء تقييد حرية التظاهر

في تقرير جديد لها عن العراق صدر أمس الثلاثاء، تحت عنوان \”العراق – قمع الاحتجاجات في بغداد\”، دعت \”هيومن رايتس ووتش\”، علي التميمي، محافظ بغداد الجديد، الى الإعلان الفوري عن مساندته لحق العراقيين في التجمع السلمي، مطالبة التميمي بإلغاء التعليمات التي تسمح للشرطة بمنع تنظيم احتجاجات سلمية، التي استخدمتها قوات الأمن في 2 آب الحالي، واعتقلت 13 شخصا حاولوا الاحتجاج على الفساد واستمرار الانزلاق نحو العنف في العراق.

ورأت المنظمة الدولية أن تلك التعليمات تمثل \”خرقا واضحا للضمانات الموجودة في دستور العراق\”.

وتطرقت الى إن \”الجنود (قاموا) باعتقال 3 متظاهرين واحتجزوهم لمدة 36 ساعة، قبل ان يطلقوا سراحهم. بينما قامت الشرطة باعتقال 10 أشخاص آخرين في أحد الميادين وسط بغداد، ثم وجهت إليهم تهمة (عدم الامتثال إلى أوامر الشرطة)، وهي عمل إجرامي بحسب ما تنص عليه تعليمات2011، لأنهم لم يحصلوا على تصريح رسمي بالتظاهر. وفي 4 آب، ألغت المحكمة الجنائية في الرصافة هذه التهم، واعتبرتها (مفبركة)\”.

وقال جو ستورك، المدير التنفيذي بالنيابة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في \”هيومن رايتس ووتش\”، إن تلك الإعتقالات \”تبرز.. مدى استعداد السلطات العراقية لمنع الاحتجاجات السلمية رغم المشكلات الكبيرة التي تعيشها البلاد\”، مشددا على ان \”على المحافظ الجديد أن يبدأ بإلغاء هذه التعليمات غير العادلة ليثبت مساندته لحق الناس في التعبير عن مظالمهم بشكل سلمي. ومازالت الطريق طويلة حتى تعود الثقة في الحكومة\”.

 والتقت \”هيومن رايتس ووتش\” بشكل منفصل مع \”خمسة من بين المعتقلين الثلاثة عشر، وقالوا جميعا إن الشرطة الاتحادية وجنودًا قاموا باعتقالهم بينما كانوا يحاولون مع أشخاص آخرين التجمع في ميدان التحرير في بغداد في 2 آب حوالي الساعة السابعة صباحًا. وقام الجنود باعتقال أحمد سُهيل، وابن عمه حُسين عباس، وشخص ثالث، واقتادوهم إلى المقر الرئيسي للفرقة 11، واحتجزوهم إلى أن تم إطلاق سراحهم في وقت متأخر من اليوم التالي\”.

وذكر سهيل لـ\”هيومن رايتس ووتش\” ان \”عائلات المحتجزين بدأت في ذلك الوقت تطلب التدخل من أشخاص نافذين\”.

واردفت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان، بالقول \”قامت الشرطة باعتقال عشرة أشخاص آخرين بعد أن قامت بتحذير المتظاهرين الذين كانوا ذاهبين إلى ميدان التحرير بأن الجيش سيقوم باعتقالهم وربما الاعتداء عليهم، ثم منعوهم من دخول الميدان لأنهم لا يملكون تصريحًا رسميًا بالتظاهر. واقترح لواء في الشرطة الاتحادية مساعدة المتظاهرين في الحصول على ترخيص، ولكنه اصطحب أربعة متظاهرين ممن وافقوا على الذهاب معه إلى مركز شرطة باب المعظم، وقامت الشرطة هناك باعتقالهم. ثم قامت الشرطة باعتقال ستة أشخاص آخرين، ومن بينهم مصوران اثنان كانا ضمن المتظاهرين\”.

وأفاد 3 من بين الأشخاص الـ6 لـ\”هيومن رايتس ووتش\” ان \”الجنود التابعين للفرقة 11 قاموا بالاعتداء عليهم عندما اعتقلتهم الشرطة\”.

وبين أحدهم ان \”الجنود أجبروهم على الانبطاح أرضًا، وضربوا اثنين منهم، بعد أن قاموا بعصب عينيه بعلم العراق لمنعه من مشاهدة ما يحدث\”، مضيفا \”قام الجندي بضربنا وركلنا، ووصفنا بالخونة، وسألنا عمن دفع لنا المال حتى نتظاهر\”.

ووجهت الشرطة إلى الأشخاص المعتقلين تهمًا وفق المادة 240 من قانون العقوبات، التي تعتبر \”مخالفة الأوامر الصادرة عن الشرطة\” عملا إجراميا، لأنهم حاولوا التظاهر دون ترخيص. وكان من بين الأشخاص العشرة محامية، قالت لـ\”هيومن رايتس ووتش\” إن \”الشرطة اعتذرت عن توجيه تلك التهم إليهم وزعمت أن ليس لها أي خيار آخر، لأنها كانت بصدد تنفيذ (أوامر عسكرية)\”.

وأوضح اثنان من بين المعتقلين 13 للمنظمة إنهما حاولا \”التظاهر قبل ذلك بأسبوع ولكن أعضاء المجلس البلدي أعلموهم أنهم (لا يستطيعون) الترخيص لأي مسيرة (معارضة لسياسات الحكومة)\”

ولا يذكر القانون العراقي بشكل واضح الجهة التي تُشرف على المسيرات، بما في ذلك منح التراخيص.

ورأى جو ستورك أنه \”يرقى هذا النوع من المعاملة التعسفية إلى المضايقة، وهو يسعى بشكل واضح إلى تخويف الناس لإسكاتهم. ويتعين على محافظ بغداد الجديد أن يلغي هذه التعليمات ليبرهن أنه مختلف عن السلطات التي قامت بقمع حرية التجمع بشكل وحشي في 2011\”.

ولفتت \”هيومن رايتس ويتش\” الى انه \”قبل الاعتقالات التي حصلت في 2 آب بأسبوعين، قام ضباط من مخابرات الشرطة الاتحادية باعتقال الصحفي جعفر عبد الأمير محمد بينما كان واقفًا في ميدان التحرير مع 3 أشخاص آخرين. واستنادًا إلى الرسالة التي أصدرتها شرطة باب المعظم إلى قاضي التحقيق، كان الرجال يحملون لافتات تدعو قوات الأمن إلى القيام بواجبهم في (حماية الناس وأن لا تكون ذراعًا للسلطة)، وتندد بالفساد واستخدام الجدران العالية لتطويق بعض المناطق في المدينة في الوقت الذي كانت تُسفك فيه دماء العراقيين البسطاء في الشوارع\”، منوهة الى انه \”لم تذكر رسالة الشرطة أن الأشخاص الثلاثة استخدموا العنف، وأن الشرطة لم تعتقل الرجال الآخرين الذين كانوا مع جعفر عبد الأمير محمد. وقاموا باحتجازه لمدة يوم واحد، ثم عرضوه على قاضي تحقيق في محكمة الرصافة فأسقط التهم الموجهة إليه\”.

وتفرض التعليمات الصادرة عن محافظة بغداد في 2011 قيودًا مُفرطة على الحق في التجمع السلمي والتظاهر، وخاصة بمطالبة جميع المتظاهرين بالحصول على ترخيص.

واعتبرت المنظمة الدولية ان \”لهذه التعليمات تأثير سلبي على حرية التعبير لأن التعليمات غامضة في ما يتعلق بكيفية منح التراخيص، وبوجود العقوبات الجنائية. وتتعارض هذه التعليمات بشكل مباشر مع المادة 38 من الدستور العراقي التي تكفل (حرية الاجتماع والتظاهر السلمي)\”، مزيدة \”كما تتعارض التعليمات مع القانون الدولي، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعراق طرف فيه. ويضمن العهد الحق في التجمع السلمي، وعدم التعرض إلى الاعتقال والاحتجاز التعسفي، ويؤكد على ضرورة أن تكون أي قيود تُفرض المظاهرات السلمية استثنائية ومحددة بشكل جيد. ولا يمكن فرض أي قيود إلا إذا كانت (ضرورية في مجتمع ديمقراطي) لحماية (الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم)\”.

إقرأ أيضا