طائفة المواطنة

حتى الآن لم يئن الأوان إلى أن نقارن بين المواطنة والطائفة، وليس هناك منافسة متكافئة بينهما، فخط بيان الطائفة الاثنية او المذهبية او الجماعة يتصدر الكل، ويأتي خط بيان المواطنة أسفل هذا السلم. يجب ان يكون هناك تكافؤ بين وعي المواطنة ووعي الطائفة في نفس الإنسان العراقي، حتى يتسنى لنا الحكم والتمييز. ويرتكز هذا الوعي على التعبئة باتجاه موضوعي وفكري، في تبني طروحات وأدوات المواطنة، لكي يتسنى للإنسان العراقي التفاعل معه وفهمه واستيعابه ثم الانطلاق به نحو وطن تعم فيه روح المواطنة.

في المفهوم، تعتبر المواطنة الجامع الأعم والأكبر التي تضم بين طياتها مواطني الدولة، في طوائف وجماعات قد تكبر هنا وتصغر هناك في أغلبية أو أقلية، فهذه الطوائف ليس بالضرورة أن تنسلخ عن أصل طائفتها الكبرى، ألا وهي المواطنة وهي أيضا تكون أساسهم الأعم رغم الاختلاف الديني والمذهبي، السياسي أو الفكري. وتخضع كل هذه الانتماءات وفق رؤية الدستور والقانون وتسوية المواطنين وصون كرامتهم، وهي أمور ترجع لأساس تصنيف المجتمع تحت مظلة المواطنة.

لا نريد أن نسبر أغوار التاريخ وعهوده المظلمة، فما ولى منه قد ولى وما ظل منه من عواقب وعتبات قد قادت المجتمعات، وأنهكت البشرية لوصولها إلى العهود الحديثة والمعاصرة، جعل من تراكماتها المجتمعية أن تظلل بظلالها الطائفية وقد بثت مآربها وألغامها في بواطن الدساتير والقوانين الحديثة، وحشرت أنفها في تشريع الشرائع المدنية. حيث هيمنة على موارد الدولة فباتت تملك السلطة بقوة المال العام وأخذت تهمش الآخر المختلف عنها، بكل انتماءاته وتوجهاته، مما جعل ظهور الأصوات وإطلاق الصرخات للتخلص من جذوة ظلم الطائفة الحاكمة، بحسب تعبير الطرف الآخر.

باتت الهجرة البشرية فرادا أو جماعات من أسر وطوائف وشعوب، بسبب ضيق سبل العيش الإنساني في موطنها مترجية حالا أفضل ربما أو خلاص من موت في الحياة، وباتت الكرة الأرضية مسرحا لكل من هام على وجهه في أرجاء معمورتها بوسعها وشح أمانها.

هي طبيعة بشرية أن يتخذ كل إنسان كباقي الخلق ميوله اجتماعيا وحياتيا، وهذا أمر يؤكده الاجتماعيون وسيظل أبد الآبدين، رغم ما استحدثته الدولة المدنية الحديثة من آليات ومعايير تصون طائفة المواطنة، وهي تؤكد على دور مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في كافة توجهاتها السياسية والمهنية والتخصصية، وسعيا من خلال هذه المنظمات إلى بث روح مبادئ المواطنة في سنة الدستور الذي هو أس القانون، الدستور الذي يساوي بين جميع المواطنين تحت ظل مبادئ طائفة المواطنة بأسسها الرئيسة ألا وهي: الكرامة والعدل والمساواة.

إقرأ أيضا