المُثقَّفُ الخطأ أم الخَطيئة

كل الاراء مُتاحة للطرح والنقاش، حتى لوكانت غير مقبولة وغير منطقية أو مخبولة مادامت لا تدعو الى القتلْ. 

فالاغبياء والمجانين والمعتوهين والشذاذ لهم الحق في أن يعبَّروا عن ارائهم، حالهم حال العباقرة، أو مَن يجدون في انفسهم عباقرة، ولاسلطة لأحدٍ في أنْ يُصادرَ أو يمنعَ رأي أحد ما، طالما الرأيُ لا يهددُ الأمنَ والسّلمَ الاجتماعي، ولا يدعو الى القتل، فلماذا يخاف بعض المُثقفين العراقيين من الرأي الآخر المخالف لرأيهم خاصة فيماهو متعلق بالوطن أوالحاكم أوالسياسة أوالاحزاب أوالطائفة أوالقومية… الخ، فتجد الشرر يتطاير من أعينهم قبل أرائهم!؟

وغالباً ما نجد أمثال هؤلاء ينتهزُ ايّة فرصة لتحريض الرأي العام وتجييشه ــ مداعباً أملا أثيراً لديه ــ ولايتردد في الافصاح عنه،بأنْ: يتِمَّ قمع واسكات الرأي الآخر، وخياراتُ القمعِ لدى أيّة سلطة سياسية غاشمة مفتوحة مصاريعها دوماً على الترهيب والترغيب والنفي والتهجير والقمع والسَّجن، وآخرهاالقتل، إنْ لم يكن خيار القتل أولها.

وغالباً ما يروِّجُ هذا البعض لتلك النوايا السوداء مُتسترا ًبأغطيةٍ وذراعَ شتّى ــ هي أشبهُ بمن يضع السم في العسل ــ  وأكثر تلك الذرائع شيوعا ومدعاة للسخرية: الخوف على سلامة الشعب! وهذا عذرٌ أشدُّ قباحة من السبب، وفي ظاهره وباطنه ما يدعو للرثاء بقدر ما يدعو للدهشة والغرابة، فهو يشير الى حقيقة الضَّعف والهشاشة الداخلية التي يعاني منها هذا النموذج الفاقد للمناعة.

وغالباً ما يكون الظرف الذي يُهيءُّ بروزَ وشيوعَ مثل هذا المثقف الخَطيئة هو ظرفٌ شاذ بكل المقاييس، عادة ما تسوده الفوضى وتغيب عنه سلطة القانون، ويتفشّى الفساد في كل مفاصل الحياة، وتتماهى الخطوط والخنادق مابين البطولة والخيانة العظمى.

 ومَنْ تَندلقُ عليه مباهجُ هذا الظرف وهو فرحٌ بها، مِن دون أن يَشعرَ بوخزة الضمير يصابُ دون أدنى شك بعمى الالوان، هذا إنْ لَم يُصب بعمى البصيرة، مُستَدرَجاً بضعف مناعته الثقافية ودون أن يدري إلى مملكة الوَهم، مُتربِّعاً على العرش، كتمثال من الشّمع خالٍ من الأحساس، وهو في حالةٍ من انعدامِ الوزنِ والوعي والضمير، ليجدَ في نفسه كاتباً مُلهَماً ينعُمُ على الشعب بوصايته، وفي عُمقِ تصوّره يرى الشعبُ قاصراً، مازال في طور الحضانة، لم يبلغ مرحلة الحِلم، وهوغير مؤهلٍ للوقوف على قدميه، وبمقتضى هذا الحال، وإلى أنْ يصلَ مرحلة البلوغِ والكمالْ ويكون فيها قادراً على الاختيار لابد أن يكون تحت وصايته هو!

ختاما اقول لهذا البعض: لعبتكم لن تطول، ستنتهي بعد حين، وحده الذباب سيعرفُ الطريقَ اليكم. 

إقرأ أيضا