لماذا سكتّ كل هذه المدة… سيدي رئيس الوزراء؟

صرح رئيس الوزراء نوري المالكي، بعد أن خرج الشعب العراقي غاضبا لإلغاء الرواتب التقاعد البرلمانية الفلكية في 31 آب، قائلا: \”امتيازات مجلس النواب العراقي تجهد ميزانية البلاد ولا يوجد في الدستور راتب تقاعد لعضو مجلس النواب\”. (انتهى).

دولة الرئيس، لدورتين انتخابيتين، كان العراق بأمنه وماله وناسه، أمانة الله بين يديك، لماذا كنت توافق على صرف الراتب التقاعدي لدورتين برلمانيتين في عهدك كل هذه السنين السبعة؟ لماذا تكلمت الآن ولم تتكلم سابقا؟ هل خفت من التظاهرة التي قام بها فتية آمنت بالعراق فزادهم قوة وعزما حتى سرنا خلفهم بخجل، نحن الأكبر منهم عمرا والأصغر شجاعة، هل الخوف من التظاهرة هو الذي جعلك تتكلم أم أن ضميرك الحارس على البلد بمقدراته وناسه صحا أخيرا، وقال كلمته هذه التي أرعبتني؟ قل لنا الحقيقة دولة الرئيس.

مليارات الدنانير صرفت للبرلمانيين منذ عام 2003 حتى اليوم زورا وبهتانا؟ فحسب قولك أنت \”لا يوجد في الدستور تقاعد لعضو مجلس النواب\”، إذاً من سمح لهم بقبض الملايين والمليارات وفي شعبك من يعتاش على ما تجود به المزابل والنفايات؟ كيف استطاعوا وأنت منهم، كونك كنت برلمانيا في يوم من الأيام، كيف استطعتم، أن توهمونا بان لكم الحق في مرتب تقاعدي فلكي الأرقام؟ ألم يقل النبي محمد \”كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؟\”. أنت باختلاف التسميات حسب الزمان، إمام العراق اليوم، وأنت مسؤول عنّا وعن أموالنا وأمننا، نحن (رعيتك)، ماذا ستقول لرسول الله غدا عندما تقف في حضرته، والذي ناضلت كل حياتك لتنشر دعوته الإسلامية على اعتبار أن اسم حزبك الذي شردك في المنافي هو حزب الدعوة الإسلامية؟ هل تقول له، نسيت يا رسول الله، مثلا؟ أو استحيت يا رسول الله، مثلا؟ ماذا ستقول لنفسك وأنت ترى وجهك صباحا وأموال العراق وأموالنا تنهب منّا باسم القانون وأنت رئيس دولة القانون؟

سيدي الرئيس، قضيت عمري أحلم بحياة مثل حياة البشر، آمنة وسعيدة، مستقبلي ومستقبل أبنائي محفوظ في خزينة الدولة، لا في جيوب الحاكمين، ابتلينا بحكام عسكر ضيعوا أموال العراق، في الحروب الغبية العقيمة، جئتم أنتم، استبشرنا خيرا، قلنا جاؤوا الذين يخافون الله، لم نكن ندري أننا في يوم من الأيام، سنصحو من نومة غبية، لنجد أنفسنا بلا وطن، نعم، نحن الآن نعيش على ارض اسمها وطن بـ(الوهم)، أرض استلبها الإرهاب من جهة واستباح عرضها، وأحزاب سياسية وإسلامية وديموقراطية أجهزت على المتبقي منها، أرض في كل يوم تزداد تصحرا وناسها جهلا وساستها ثراء، أرض (الطايح بيها رايح) والعائد إلى بيته بعد نهار عمله يقف أمام المرآة ليتأكد إن كان تام الخلقة ولم ينس في احد شوارع هذه الأرض جزءا من جسده، أرض فاحت رائحة البارود فيها والدم، وعلا فيها صوت الصراخ والذهول.

دولة الرئيس، لأول مرة أشعر بأني فاقد الأهلية في الكتابة، اعذرني، لا أعرف أكتب، نسيت الحروف والقواعد وتركيب الجمل، نسيت كل شيء إلا دموعي التي تنزلق على خدي مثل رجل ينظر إلى بيته الجميل والوحيد، والذي صار الآن خرابا… 

سيدي الرئيس لقد (نشلونا).

إقرأ أيضا