شروال سياسي

الحاقا بما كتبت في مقالي السابق عن مشاهداتي في المحكمة والذي كان تحت عنوان \”رأيت في المحكمة…\” أضيف:
رأيت اليوم رجلا \”درويشا\” يغرق في شروال، وهذا الأخير لمن لا يعرفه سروال فضفاض يرتديه في الموصل، القصابون والبقالون والحمالون والعمال عموما، لما يوفره لهم من حرية في الحركة. ومعلوم ايضا انه جزء من الزي الكردي، وقد جربناه في صبانا طويلا ومازلنا نعتز به؛ انه ملبوس يتيح لنا هامشا واسعا \”للمناورة\”.
الرجل الذي لم ينه عقده الثالث بعد، بالغ في رفع عنق سرواله حتى وصل صدره تقريبا فخشينا عليه ان يختنق، تحدث عن دعوته القضائية التي تعود الى مطلع التسعينات متلعثما جاهلا بتفاصيلها ورقمها وتحت أي مادة قانونية صدر حكمها، تنقل بين الغرف وهو بالكاد يفك سر الكلمات والأرقام التي رسمت له على قصاصة مدعوكة.
تطاير العجب من عيون الموظفين لما ادركوا اخيرا ان صاحبنا الذي لا يعرف \”كوعه من بوعه\”، يدعي انه احد المعارضين للنظام السابق وسجين سياسي حكم عليه بـ\”الإعدام\” لولا ان كتب له العفو العام عمرا جديدا. احدهم دمدم: (على اساس كنت جلال الطلباني).
غادر \”المناضل\” خالي الوفاض، لأنه لا وجود لقيده المزعوم. على الارجح أنه عاد الى وكره في إحدى جيخانات شارع حلب الموصلي، توأم شارع المشجّر البغدادي. هناك حيث يلتقي من لا يطيقون مفارقة دربونة (حسنة ملص) سابقا، مقر المناضلين السياسيين حاليا، ولا ابرئ \”الصدفة\” من مقاصد عاهرة.
كلنا يعلم أن هذا المسكين لم يأت من فراغ، لا شك انه سمع بفلان السكير الذي سجن معه لأنه سب (الريس الله يحفظه) بتأثير عرك بعشيقة الشهير، وبمهربين وعملاء لمخابرات اجنبية ولوطيين وسجناء صدفة…. الخ. هؤلاء كلهم يتقاضون اليوم رواتب مغرية وهم جلوس في البيوت، كما تسلموا قطع أراض سكنية بكذا مليون دينار، فيما يصفر الهواء في جيوب شرواله المتصحرة.
إذن لمَ الملام، كانت فكرة سديدة ان يبادر الرجل للبحث عن مدخل الى عالم النضال السياسي، عبر مقتبس حكم حتى وان مزورا، وشاهدَتيْ زور بخمسين الف دينار، ممن لا يبرحون شارع حلب، ثم كتابنا وكتابكم ، لتأتي الوساطة القوية جدا فتتمخض عن قرار بات، وهوية تحمل صورة رجل جنتلمان، بربطة عنق حمراء وخدود تفاحية صقيلة وشفتين حمراوين، وكل ما يجود به الفوتوشوب على المناضلين الابطال.
عاش العراق العظيم، عاش المناضلون السياسيون، يسقط البائسون، الموت للدايحين.

إقرأ أيضا