وفاة الوحدة الوطنية

من التهديد الى الوعيد الى الخطف والقتل ذبحا او رميا بالرصاص الى السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، الى قذائف الهاون وكل ما يحلو لك ان تشاهده من اساليب القتل البشعة، هكذا هي حالنا منذ سنوات مع المشهد العراقي للأسف الشديد. ومن حاله كذلك ويعرف المشهد بشكل جيد لماذا تستفزه كثيرا تصريحات هذا السياسي المتمرس بين المتظاهرين او ذاك؟! وليس وجود بعض الساسة الطائفيين بين افواج من العمائم ورؤساء القبائل مستفزا ايضا في زمن الطائفية الصارخة! وليس مستغربا ان نتعرض يوميا الى غزوات السيارات المفخخة بمباركة الاخوة الأعداء!
قدم العراق ويقدم قوافلا مؤلفة من الضحايا ومن مختلف الاطراف؟، تلك القوافل ليست سوى قرابين من اجل صاحبة السعادة جلالة \”الوحدة الوطنية\”! وبكل تواضع اسأل نفسي وغيري من المولعين بها كثيرا: ان تلك السيدة المدعوة بـ\”الوحدة الوطنية\” هل تستحق فعلا جميع هذه المشاريع الدموية؟ وهل خلق البشر من اجل العيش في مستنقعات حمراء تحت يافطة من الشعارات التي يرددها هذا السياسي او ذاك؟!
مكونات العراقية الاساسية لا يبدو انها ميالة للعيش تحت سقف سماء واحدة، ليس ذلك على مستوى الشعارات، بل المسارات التي اختارتها المكونات هي التي تحكم بذلك. لا يفترض ان تجبر المكونات على العيش بهذه الطريقة المتنافرة اللامنسجمة، حتى لو اصبحت المنطقة بكاملها عبارة عن كانتونات! وحتى لو كانت تلك الرؤية متطابقة مع سيناريوهات سمعنا عنها كثيرا وحاول البعض ان يتعاطى معها انطلاقا من زاوية المؤامرة فقط، دون الاخذ بعين الاعتبار ان مستوى الخلافات والصراعات والعقد بين المكونات في المنطقة العربية وصلت الى سقف مرتفع جدا، مزق جميع الانسجة الرابطة بين تلك المكونات. ان تلك قناعة تولّدت ربما من الواقع الذي نعيش فيه بعيدا عن المكابرة والقفز على الحقائق تحت ذريعة الوقوف بوجه المؤامرات.
فيا سادتي نستحلفكم بالله ان لا تميتوا الحرث والنسل من اجل حفنة من الشعارات.. فان صلح وضع العراق تحت خيمة ما يسمى بالوحدة الوطنية فنور على نور، والا فعلى سعادة الوحدة الوطنية الف تحية وسلام.
ايها الناس عوا واعلموا ان \”الوحدة الوطنية\” التي لا زال البعض يرسمها في مخيلته على انها فتاة جميلة قد رمت نفسها من اعالي قمم الجبال الى بحر الخلافات والصراعات العرقية والطائفية. ومن يبحث عنها فان حاله كحال الذي يتمنى عودة ميؤوس منها لضحايا تايتانيك الفقراء بعدما اصبحوا طعاما لأسماك المحيط الهادي في الطريق الى استراليا.
الحدود والبلدان وكثير من خطوط العرض والطول ما هي إلا صفقات بين حيتان العالم الكبيرة، ومطلع القرن الماضي كان شاهدا على ترسيم معظم الحدود التي لا زالت بمثابة قنابل موقوتة قد تنفجر في اية لحظة، تركها المعنيون عن قصد لغاية في نفس يعقوب. لذلك فلا حدود مقدسة ولا شعارات ترتفع اهميتها على اهمية كرامة الانسان، وبدل ان يعيش الكل في جحيم من اجل الاستمرار في تركيبة متنافرة، لماذا لا تحل عقد هذه الشراكة البائسة ويستريح المواطن حينما يعرف كل منا جميعا ما له وما عليه وكل يعرف ما له من امتداد وحجم وتأريخ.
gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا