محمد المالكي طلق زوجته وترك طفلته وذهب للقتال في غوطة دمشق وعاد جثة مشوهة

يتحدث \”ابو علي\” بقلق بالغ عبر هاتفه الجوال مع أحد أخواله في بغداد، عن حيرته بشأن تسليم مقتنيات شخصية لقريبه الشاب الى والدته في البصرة، بعد أن قتل في معارك دارت بالقرب من مقام السيدة زينب بريف دمشق، والتي يحتفظ بها منذ اربعين يوماً في منزله، معرباً عن خشيته بأن تستعيد الأم لحظة فقدان ولدها \”محمد\” الذي هاتفها من العاصمة السورية قبل يومين من مقتله برصاص قناص.
عند الخروج من \”كراج البصرة الموحد\” في ساحة سعد بن أبي وقاص وسط المدينة الغنية بالنفط، باتجاه الطريق المؤدي الى العاصمة بغداد، وبعد أقل من 100 متر، علق نشطاء اسلاميون لافتة كبيرة على جسر لعبور المشاة ينعون فيها \”محمد كريم المالكي\” بوصفه \”شهيد المقدسات\”، وقضى \”نحبه دفاعاً عن السيدة زينب\”، وهو إعلان شبيه بيافطات تنتشر في ساحة التحرير ببغداد.
ويُظهر إعلان النعي، المالكي مرتدياً بزة عسكرية لقوات خاصة خضراء اللون، فيما يمسك بيده قناصاً فوهته الطويلة الى الأسفل، بينما ملامحه طفولية رغم لحيته الطويلة والمشذبة بعناية.
وأغلب المقاتلين العراقيين الذين يذهبون للقتال في سورية، يتم تنظيمهم من قبل \”حركة عصائب أهل الحق\” المدعومة بقوة من طهران، ولا تخشى الحركة أن تضع شعارها على يافطات النعي، وعلى الرغم من إنكار الحكومة العراقية دعمها للنظام السوري غير أنها تغض الطرف عن ارسال مسلحين ميليشياويين فيما يبدو الى القتال في دمشق، ومناطق أخرى في سورية.
وتقاتل الميليشيات الشيعية العراقية في سورية، تحت مسميات عدة، أبرزها لواء أبو الفضل العباس، ولواء النجباء، ولواء كفيل زينب الذي ينتمي اليه محمد.
وفي 30 آب الماضي أعلن لواء النجباء أن \”مسلحيه سيستهدفون جميع المصالح والمنشآت الأميركية في العراق والمنطقة إذا أصرت الولايات المتحدة على مهاجمة سورية\”.
وتجند حركة أهل الحق، مقاتلين شبابا متحمسين لـ\”الجهاد\” في سورية، ولا يشترط أن يكونوا أعضاءً في الحركة التي انشقت عن تنظيم \”جيش المهدي\” الجناح العسكري للتيار الصدري في العام 2004 اثر خلافات بين زعيمها الشيخ قيس الخزعلي وزعيم التيار مقتدى الصدر.
ويقول أبو علي في حديث لـ\”العالم الجديد\” خلال عودته الى بغداد، إن \”محمد التحق بالقتال في سورية قبل نحو 3 أشهر (…)، ذهب الى مكتب للعصائب وسجل اسمه، وبعدها تم تجنيده\”.
ويبلغ محمد المالكي 24 عاما، طلّق زوجته العام الماضي، على الرغم من كونه ابا لطفلة تعيش الان مع والدتها.
ويبين أبو علي الذي كان يتلقى اتصالات عدة، ان \”محمد شاب يافع أغرته فكرة القتال في سورية، لاسيما دفاعا عن مرقد السيدة زينب، قبل نحو 3 أشهر التحق بالعصائب، وهم بدورهم ألحقوه بمعسكر تدريبي داخل ايران\”.
ويتابع بالقول إن \”من يلتحقون بالعصائب للقتال في سورية يتم زجهم بدورة تدريبية لمدة 15 يوما في ايران، ومن ثم يلتحقون للقتال لمدة 45 يوما، بعدها يمنحون إجازة، أو يقررون عدم العودة\”.
محمد المالكي قتل في غوطة دمشق، بعيدا عن المرقد، في خطة لتأمين المحيط للحيلولة دون استهداف المنطقة التي باتت مقفلة بالكامل بصواريخ كاتيوشا او مورتر.
وبحسب أبو علي فان \”محمد قتل في 15 آب الماضي، غير أن عائلته لم تبلغ بالخبر إلا بعد 3 أيام عبر تنظيم العصائب، حين طار الجثمان الى طهران\”.
وكان من المفترض أن يعود محمد الى البصرة في 18 آب الماضي، بعد إتمام 45 يوماً، في إجازة، لكنه عاد قتيلا، وملامحه مشوهة بالكامل وبلحية كثة، ما أثار الشك لدى عائلته، ولاسيما والدته التي تلقت اتصالا منه صباح يوم مقتله.
ويروي أبو علي أن \”محمد قتل حين كان ينقل عتاداً وذخيرة لمجموعة محاصرة في مبنى يتحصن فيه 14 مقاتلا من لوائه، بعد أن نفذت ذخيرتهم، فتطوع الفقيد مع 3 من المقاتلين لنقلها عبر شارع مرصود من قبل قناصين، لكنه أصيب في خاصرته وتوفي على الفور\”، ويضيف أن \”جثمانه سحب الى مقر صغير، لكنه استهدف بقذيفة الأمر الذي أصاب الجثة بشظايا شوهت معالم الوجه\”.
عائلة محمد التي لم تتعرف على محمد من ملامحه، وتعرفت عليه من آثار جرح لعملية اجراه محمد في ساقه اليمنى.
وصل جثمان محمد في 18 اب الماضي الى طهران، ومن طهران نقل الى عبادان جواً، ومنها نقل براً الى منفذ الشلامجة الحدودي ليلاً، مع مقاتلين اثنين من بغداد قتلا في سورية أيضا، واحد القتيلين قيادي في العصائب من منطقة الغزالية.
ويلفت ابو علي ان \”عصائب اهل الحق كانوا باستقبال الجثامين وشيعوا محمد بتشييع مهيب في البصرة، كانت هناك سيارات دفع رباعي حديثة للغاية فضلا عن مرافقة همرات للجيش العراقي\”.
ويظهر فيديوهان على موقع يوتيوب اطلعت عليهما \”العالم الجديد\”، تشييع محمد المالكي ليلا في البصرة، بينما كان المئات يرددون \”لبيك يا زينب\”.
ويشيد ابو علي بـ\”التنظيم الجيد للعصائب\”، ويرى انهم \”افضل بكثير من جيش المهدي\”، مبينا ان \”وفدا من العصائب حضر العزاء لثلاثة ايام متواصلة، والشيخ قيس الخزعلي ارسل مبلغ 12 مليون دينار كقراءة فاتحة\”.
محمد المالكي دشن مقبرة جديدة لقتلى تنظيم العصائب في النجف تقع خلف مرقد \”الشهيد الاول محمد باقر الصدر\”، ويوضح ابو علي \”المقبرة القديمة للعصائب امتلأت، لم يعد هناك متسع، لذا دفن محمد في المقبرة الجديدة، كأول شهيد يدفن فيها\”، مستدركا \”سيكون وحيدا هناك\”، غير انه ينقل عن قيادي في العصائب قوله \”لا تخاف راح تنملي شهداء قريباً\”، في اشارة الى سقوط المزيد من القتلى في سورية. 

إقرأ أيضا