(سلالات) نادر عمانؤيل الـ(بدائية) تكمل خطوته الثالثة نحو الشعر

ربما لا ينتمي نادر عمانؤيل الى جيل أدبي بحد ذاته، على الرغم من تفتق شعريته في أواخر القرن المنصرم، فقد شق طريقه بصمت وهدوء وسط ضجيج الشعراء العراقيين الذين وجدوه بينهم بلا مقدمات.

وضع عمانؤيل قدمه في طريق الشعر واعيا بمسؤوليته بنضج كبير، ليواصل مسيرته التي ابتدأها في العام 2001 من خلال مجموعته الأولى \”تداعيات\” والتي صدرت في بغداد، وكذلك من خلال مجموعته الثانية التي جاءت مشتركة مع شاعر آخر من جيله، وهو رضا السيد جعفر، وصدرت عن نادي الشعر في اتحاد الأدباء العراقيين في العام 2010 وأطلق عليها \”موت المغني\”.

تنقل عمانؤيل منذ ذلك الحين بين مدن مختلفة ليستقر مؤخرا في ميشيغان. وما بين تلك الولاية الأميركية البعيدة عن موطنه وعشقه الأول بغداد، طافت قصائده كثيرا من المدن العراقية والأجنبية التي وثقت مسيرته الشعرية.

وها هو نادر يكحّل خطوته الثالثة بانجاز مجموعته الجديدة \”سلالات بدائية\”، والتي صدرت حديثا عن دار \”الغاوون\” في بيروت، وجاءت بـ50 صفحة، و20 نصا، رسخ من خلالها الشاعر عمانؤيل تجربته التي امتدت لأكثر من عقد.

وقد تميزت نصوص المجموعة باقتصاد في المفردة، وتكثيف عال أسهما الى حد كبير في رشاقة القصيدة لدى عمانؤيل.

الشاعر العراقي المغترب سبغ على نصوصه شيئا من القلق اللذيذ، بالاضافة الى منحها تساؤلات فلسفية مفتوحة على كل الاحتمالات، مؤجلا الاجابة عنها في ضوء اقتصار النص على إضاءات مشبعة بالحلم.

ففي النص الذي يفتتح المجموعة (نهارات مؤجلة) يرسم صورة مغرقة بالحيرة والقلق، ليشكلها من حالات تشبه الأحلام السريعة:

\”كأن الوقت

أرملة محاصرة

تحاول استذكار ترتيلة قديمة

…..

…..

ثمة أصوات تغني

للعائدين

من

لذة

الهروب..

وثمة عيون

تبحث في خرائط التوبة

عن

إله

محتمل\”.

وفي نص آخر مكون من عدة (ومضات)، نراه يعتمد الفلاش، أسلوبا لمحاولة صدم المتلقي، عبر جمل شعرية مركبة بطريقة لا تخلو من المفاجأة:

\”منذ شهر تقريبا

لا انا… ولا المطر

توقفنا عن السقوط\”.

……..

\”كي ينسى والى الأبد

فكرة العودة

ابتلع الطريق\”.

وفي نص (مناورات رجل شبه ميت) نقرأ لنادر عمانؤيل، ما يشبه المرثية المبكرة التي أصبحت ملازمة لكل عراقي يلتصق بالحياة، ويسعده أن يرى كلماته تطل بعد موته:

\”ليقلق راحة التراب

أعلن موته\”.

……….

\”ليحنط ما تبقى من جثة وجهه

ابتسم أمام الكاميرات\”.

أما النص الذي انتسبت اليه المجموعة (سلالات بدائية)، فقد جاء مشحونا بشعور طاغ بالخسارة والانكسار، فيقول:

\”من سلالاتنا البدائية

خرجنا متخمين بالفضائح

نمارس مهنة الهروب 

من أسمائنا المتشابهة

مخافة أن يتبدد

زمان آخر

وننتهي\”.

وهذا ما يمنح الشاعر فضاءات أخرى لاجتراح طرق مغايرة، فيقول في ختامه:

\”ما نفتعل الوجود 

ونعتنق الصدفة

تلك التي تفوح برائحة الأزل\”.

إقرأ أيضا