(اطفال تلعفر) القوى السياسية وساحات الاعتصام

مجازر العراق التي تطال المدنيين الابرياء اكثر من ان تحصى، القتل والتفخيخ، الذبح والاختطاف، استهداف جميع الشرائح، ذلك ما يعرفه القاصي والداني ويعرف معظم المتابعين، وحتى غير المتابعين من يقفون وراء معظم تلك الجرائم. كل الجرائم لها من الالم ما يصعب الحديث عنه، كل الجرائم مدانة وتستحق الكثير مما يجب فعله على المستوى الرسمي والشعبي، لكن جرائم استهداف الاطفال عادة ما تأخذ حيزا استثنائيا في جميع ثقافات هذا الكون. غريب امرنا في العراق.. كأنّنا استثناء من ذلك، مجزرة طالت مدرسة للأطفال في ضواحي مدينة تلعفر في محافظة الموصل، الصور بشعة جدا ومؤثرة بشكل مهول، لكن ذلك التأثير لا يبدو على الاطلاق واضحا في اية ردة فعل من قبل القوى السياسية، ولا حتى القوى المدنية. منذ اكثر من ثلاثة ايام صمتت القوى السياسية على تلك الجريمة ولم يصدر بيان واحد، يحفظ لها حيزا من الاهتمام الاعلامي في ثقافة الاحزاب والقوى السياسية العراقية. الغريب ان معظم تلك القوى اصدرت بيانات استنكار صارخة حول تفجيرات اربيل قبل ان يكتمل نقل الضحايا للمستشفيات! خصوصا تلك القوى التي تدعي انها ذات طابع وهوية \”ديمقراطية\”!. الحزب الاسلامي تناسى كل تلك الدماء التي تسقط وتناسى بالذات مجزرة بحق البراءة والطفولة واستصدر بيانا مطولا حول ما فعله \”الدراجي\”!.

مما جاء في ذلك البيان \”استغرب الحزب من الصمت الحكومي المريب من هذه التجاوزات السافرة على رموز امتنا وعدم اتخاذ اي موقف تجاه العناصر المسيئة التي قامت به، مطالبا المرجعيات الدينية بقول رأيها الصريح وعدم السكوت\”. ونسي الحزب الاسلامي او ربما تناسى انه قبل ان يطالب الاخرين بإعلان مواقفهم الصريحة مما يحصل عليه، ان يوضح موقفه تجاه الكثير من غزوات الارهاب التي تطال المدنيين، وخصوصا ما حصل من جرائم ضد الطفولة!.  

مظاهرات السريع ايضا، وغيرها من ساحات الاحتجاجات في \”المحافظات المحتجة\” لا تجد نفسها معنية على الاطلاق بتلك الجريمة ولا بالدماء التي سقطت فيها! كل ما يهم تلك الساحات وابطال منصاتها هو ما قاله الدراجي لا غير، ومن اجل ذلك هددت وتوعدت.

الغريب انه لم تخرج مظاهرة واحدة تندد بما حصل، لم تدن هذه الجريمة من قبل الاغلبية والاقلية على الاقل باعتبارها جريمة ضد الاطفال قبل كل شيء؟! ربما الادانة الرسمية الوحيدة تلك التي صدرت عن \”UNICEF – منظمة الامم المتحدة للطفولة\”.

سوف تمر الجريمة وتنسى كما نسيت غيرها من المجازر، ولا احد يذكركم يا اطفال تلعفر فساستنا نيام ونخبتنا مجاملة. عذرا احبتي الاطفال فجميعنا مقصرون.. نعم جميعنا ولا استثني احدا. 

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا