المالكي ونظرية \”المقاطعة\”

ربما تكون لدى وزارة الثقافة مبررات دعتها إلى مقاطعة \”مهرجان المتنبي\” الذي تنعقد فعاليته في محافظة واسط منذ يوم السبت الماضي، وتخليها عن تقديم الدعم المادي للمهرجان، ووصل الأمر بها إلى منع فضائية الوزارة من تغطية فعاليات المهرجان.

إلاّ أن مبررات وزارة الثقافة غير المعلن عنها إلى الآن، قد تبدو غير مقنعة مهما كانت حتى وان تم تغليفها بالمنطقية، خاصة وأن الحكومة تمر بموضة جديدة، ألا وهي موضة المقاطعة.

ففي اليوم الذي سبق مقاطعة وزارة الثقافة لمهرجان المتنبي، قاطعت وزارة الاتصالات، الشركات المزودة لخدمة الانترنت، وعشنا وعاش غيرنا من المواطنين المستفيدين من هذه الخدمة، محنة أشبه ما تكون بمحنة انقطاع التيار الكهربائي في زمن بلا مولدات تايغَر أو غيرها.

وقد تبدو اسباب وزارة الاتصالات معقولة، وهدفها التخفيف عن كاهل المواطن من خلال تخفيض أسعار الاشتراك بخدمة الانترنت يبرر لها ما فعلته، إلا أن هذا الفعل بإطاره العام يدخل في إطار موضة المقاطعة، التي توجتها الحكومة من خلال وزارة الشباب والرياضة بمقاطعة خليجي 22، والذي ينظر بموضوعية سيجد أن المقاطعة ليست في محلها، وأن قرار نقل البطولة من البصرة إلى مدينة جدة السعودية سيجدها مقررة سلفا في حال تعذر العراق الإيفاء بالتزاماته.

إلاّ أن الحكومة آثرت القول، إنها تعرضت إلى ظلم كبير بنقل البطولة خارج أراضيها، وفضلت مقاطعة البطولة دون العودة إلى اتحاد كرة القدم المسؤول عن اتخاذ هكذا قرار، إلا أن الطبع غالب، والحكومة التي تطلق على نفسها صفة \”المركزية\” التي لا يوجد لها سند في الدستور، لأن الأخير وصفها بـ\”اتحادية\”.

ولأننا نعيش في عصر الديمقراطية التي اتاحت لكل مؤسسة وفرد أن يتخذ القرار الذي يناسب توجهاته، قاطع الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم حفل افتتاح المدينة الرياضية في محافظة البصرة، والمدينة بحظها العاثر بعد أن ابتلعت المليارات من الدنانير، قاطعتها البطولة التي اقيمت هذه المدينة من أجلها.

وكذلك حفل الافتتاح لم يخلُ من مقاطعة، ففي أوج الاحتفاء والمتابعة لمباراة الزمالك المصري والزوراء العراقي، قاطع التيار الكهربائي ملعب المدينة الرياضية، وتحول المشهد إلى \”إظلام\”.

فالحكومة التي دخلت في منهج المقاطعة في اتجاهين، داخلي وخارجي، تمهد لأمور قد لا تتضح صورتها في الوقت الحالي، فجميع \”المقاطعات\” التي اتخذت، صدرت عن وزارء موالين لرئيس الوزراء الذي توّج فكرة المقاطعة خلال حديثه الذي ألقاه بمناسبة افتتاح المدينة الرياضية في البصرة، وجاء فيه أن \”العراق لم يخرج بعد من حصار الأشقاء والأصدقاء\”.

مما تقدم أعلاه، نستشف عدة أمور هامة في التوجه الجديد للحكومة التي دخلت في نوبة \”مقاطعة\” قد تستمر لنهاية عمرها الافتراضي، وربما تستمر هذه النوبة لتقاطع الحكومة الانتخابات البرلمانية، فبعد أن فشل مجلس النواب في التوصل إلى تمرير صيغة توافقية لتعديل قانون الانتخابات البرلمانية، تعالت اصوات عدة تدعو للعودة إلى قانون الانتخابات التي ولد من صناديقها مجلس النواب الحالي، وهذا يعني إما القبول بنتائج متوقعة سلفا أو أن القوى المتنفذة ستقاطع انتخابات العام المقبل.

إقرأ أيضا