حسون الدردة

صبي أملح، أچلح، سائب المنخرين، ذو رأس كبير تعلوه كفشةٍ لم تر الماء الا شططا، ذلك هو حسين بن غافل بن عچرش الدَردَة الملقب بحسون الدردة.
كان يسكن مع ابيه غافل العتال واخوته گوني (سعيد) وحنبز (حميد) في الزقاق المحاذي لبيت عفريت العربنچي.
مشكلة حسون الدردة انه طفل يملك روحاً ساديّة ويعاني من عقدة القيادة، فهو رغم فقره وبلاهته ورائحته النتنة يتصور انه قيادي ينبغي طاعته، ويتصرف على هذا الأساس.
فمرة تراه يضع حبلاً برقبة أخيه الصغير حنبز ويجرجر به في السوق على انه جرو مملوك، ومرة يخنق عتوي بيت ام عامر ويعلقه مشنوقاً على السدرة بينما يجلس واضعاً رجلاً على رجل كجلادٍ بايع ومخلّص، ومرة يضع عود فلفل حار في دبر حصان عفريت ليشيط الحيوان المسكين، وغيرها من مواقف تشي بما يعانيه ذلك الفتى المشاكس.
حين تم فصل حسون من المدرسة بسبب سلوكه السيئ وكثرة غياباته انطلق في الشارع، وراح يشكل عصابة اطلق عليها لاحقاً عصابة حسون الدردة. كانت تلم شعيط ومعيط وخايب الرجا، وين ما اكو طفل خنيث ضمه حسون لعصابته، والسبب معروف طبعاً فهو يريد اتباعاً خانعين يسهل انقيادهم، مما يرضي عقدته.
ثمانية مخانيث يحدوهم الدردة بكفشته رايح راجع بيهم بالسوق غير مكترث لعفطات الخوشية واستخفافهم به.
كان واجبهم اليومي سرقة السجائر المفرد من چنابر الباعة والأجتماع في بيت حجي عودة المهجور لتقسيم الغنائم، هذا في النهار طبعاً اما في الليل فكان لهم واجب آخر. كان عليهم السطو على قِنّ الدجاج العائد لبيت سيد خميس الأعور، وسرقة ما لا يقل عن دجاجتين وبشّة يتم بيعها بفلسين لماجد الصبّي.
علّمهم حسون على السرقة والتدخين والخنوع التام لسلطته المطلقة. تصوروا في يوم من الأيام أخذهم الى المدرسة وأمرهم بالوقوف امام سياجها الخلفي وخلع بناطيلهم ثم قال لهم \”بولوا\” فبالوا على المدرسة جميعهم دون تردد.
حسون الدردة صاحب مقولة \”بولوا\” لا ادري اين حل به الدهر، هل مازال يعاني من عقدة القيادة ام زاولها فعلاً؟ لا ادري. هل مازال ساديّاً يتلذذ بتعذيب ضحاياه ام تلقفته جهة ارهابية علمته السادية على اصولها؟ لا ادري. ربما يكون قد فجر نفسه بحزام ناسف بعدما صار \”مؤمناً\” او تم تدريبه على زراعة عبوات على الطرقات، او صار قاتلاً مأجوراً يجيد استخدام الكاتم.. ايضاً لا ادري.
بيد ان كل هذا وارد ومتوقع لمستقبل طفل يعاني الفقر والحرمان والأهمال. طفل فاقد للرعاية الصحية والأجتماعية ويشكو النبذ وسخرية الآخرين ماذا سيكون مستقبله؟ بالتأكيد اما جلاد، او ارهابي، او حرامي على اقل تقدير.
لكني اخشى ما أخشاه ان يكون هذا الملعون قد ضحك علينا وركب موجة السياسة. اخشى ان حسون الدردة تسلل الى حزبٍ ما، تيارٍ ما، أو قائمةٍ ما وأصبح ممثلاً للشعب! اي والله يا جماعة اخشى ان حسون الدردة صار برلمانياً يأمر وينهى.
حينها يحق لي ان اقول لكم اذهبوا الى مبنى البرلمان، قفوا امام سياجه الخلفي، وقفتم؟ اخلعوا بناطيلكم.. و(…). 

إقرأ أيضا