(العالم الجديد) تترجم حوارا شاملا وسابقا مع الفائزة بنوبل للآداب أليس مونرو

تنشر \”العالم الجديد\” حوارا مفصلا سابقا مع القاصة الكندية أليس مونرو آخر فائزة بجائزة نوبل للآداب، لحساب مجلة النافذة vinduet النرويجية في عددها الثاني الصادر في العام 2006.

وأجرت الحوار عبر الهاتف الصحفية كايا شيرفن مولرين، لصالح المجلة الصادرة عن دار النشر التي تملك حقوق نشر المجاميع القصصية للكاتبة، واسمها: Gyldendal /oslo.

•مرت 18 سنة على نشر اول قصة قصيرة لك عندما كنت في سن الـ 19 سنة حتى صدور \”رقص الظلال السعيدة\” مجموعتك الاولى في الـ 1968, هل كانت هذه السنوات سنوات نضج وانتظار ام انك كنت مشغولة باشياء اخرى غير الكتابة؟

ــ  الجواب لا هذا ولا ذاك, قصتي الاولى كانت واعدة، لكنها لم تكن ناضجة بما فيه الكفاية, لذلك كان علي أن اتعلم كيف ان اكون كاتبة. في فترة كان هناك الكثير الذي يدور ويحدث حولي وفي حياتي الخاصة بالذات, تزوجت وانا بنت العشرين ربيعا, واصبح لدي ثلاثة اطفال في غضون 6 سنوات اي عندما بلغت 26 سنة. الطفل الاوسط كان قد مات أثناء الولادة, وبنتاي الاخرتين ملأن حياتي وأخذن كل وقتي, عندما دخلت في بداية الثلاثين من عمري رزقت بطفل جديد وفي نفس الوقت كنت اساعد زوجي في مشروعة الجديد الذي بدأه انذاك، وهو \”مكتبة مونرو\” في منطقة فكتوريا، وهي منطقة صغيرة تقع في الساحل الغربي لكندا. بالاضافة لعملي اليومي في المكتبة كانت اعمال المنزل والاعتناء بالاطفال تأخذ كل وقتي. 

هكذا كانت حياتي تسير بهدوء وتمضي بطريق صحيح لاكون اكثر نضجا. كل هذا حصل قبل ان يصدر كتابي الاول. كنت مشغولة تماما بحياتي وتفاصيلها, بنفس الوقت كنت ايضا مشغولة بهاجس الكتابة. كنت اكتب كثيرا وارمي وامزق ما أكتب، كنت أغير الكثير من القصص والتفاصيل مرة تلو الأخرى، أغير مدخل الحكاية في بعض الاحيان وفي احيان كثيرة اجد نفسي في طريق مسدودة تماما  وهكذا اعتقد أن اغلب الكتاب يفعلون هذا, ليس من السهل ان ترضى على نفسك.

وهذا لا يشمل بالتأكيد جميع الكتاب رجالا ونساءً. او انت تعمل في البيت فقط او لديك عمل اخر. كذلك علي ان اتعلم الكتابة, وعلي ان اجد صوتي الخاص, وكذلك عليك ان تتعلم كيف تكون صبورا وانت تتعامل مع اشياء تبدو صعبة للغاية. وكذلك عدم التفريط بالافكار مهما كانت تبدو صعبة او معقدة وبعيدة المنال.

•هل كانت هناك بعض الملامح التي كانت تحملها مجموعتك الاولى وما زلت تحتفظين بها في كتاباتك اللاحقة؟

ــ اعتقد ان جوهر ما اكتبه هو شئ واحد لايختلف , دائما هو نفس الشئ , الذي احاول ان اجد تفسيرا له وهو الحياة وعلائقها وتفاصيلها, ما هي الحياة ؟, الكتابة اكيد تتغير بعض الاحيان بما يشغلني وما احاول ان اركز عليه. لكنني استطيع القول بانني كنت اركز على العلائق الانسانية اكثر من السياسة والاسئلة الفكرية الاخرى.

•هل تستطيعين القول انك ترعرعت في بيئة ثقافية وفكرية؟

ــ  في بيت طفولتي كان هناك ما تستطيع ان تسميه بيئة ثقافية, اي بمعنى كانت القراءة شيئا طبيعيا  كذلك الاعمال البيتية هي الاولى والاهم, لكن الكتب كانت موجودة دائما، وفي المتناول في كل زوايا البيت, حينها اكتشفت ان القراءة كانت بالنسبة لي سعادة كبيرة وعالم مليء بالمتعة, اعتبرتها مكافاة  لي. الكتب كانت في رأيي شيئا مهما, بنفس الوقت لم تكن عائلتي عائلة اكاديمية, لقد ترعرعت في مزرعة في مدينة صغيرة اسمها \”وينغنتون\” في مقاطعة اونتاريو. في سنوات الثلاثينيات والاربعينيات كان والدي يتاجر بفراء الثعالب وبعض الاشياء التي تخص الموضة, والدي كان يأمل ان ينجح في مهنته ومجاراة الموضة السائدة انذاك عند النساء الكنديات والاوروبيات من استخدام فراء الثعالب، بل وصل الحد الى استخدام كل جسم الثعلب للزينة والموضة. لكن رأس مال والدي المتواضع لم يصمد طويلا في عالم الموضة المتغير والسريع، والذي يتطلب مبالغ ضخمة لم يكن والدي يملكها، لذلك كان عمر التجارة قصيرا. ولم نحقق نجاحات تذكر في هذا الصدد.

•هل صحيح ان والدك كان قد كتب رواية؟ 

ـ نعم, هذا صحيح, وحدث هذا في الحقيقة في وقت متأخر من حياته, اي قبل ان يموت بوقت قصير. كان الكتاب يتحدث عن حياته وتجربته الشخصية بالاضافة الى حياة بعض الاشخاص المؤسسين من اونتاريو, كان شيئا مثيرا حقا, كيف هو انه اكتشف الكتابة متأخرا, شخصيا اعتقد ان احد الاسباب هي انني في ذلك الوقت كنت قد أصدرت بعض كتبي لذلك ربما فكر والدي \”اذا كانت اليسا تستطيع الكتابة فلماذا لا اكتب انا ايضا\”.

•ما الذي يشدك الى المكان؟

ــ  حقيقة لا أعرف, لكني عشت في هذه المزرعة الصغيرة حتى سن الـ18, تفاعلت مع الاشجار, النهر، و كل شيء من حولي كان ساحرا, هذا لا أعنيه بطريقة رومانسية, بالطبع ليس كل شيء كان جميلا, لكن حتى الاماكن القذرة مثل محلات تصليح السيارات وما يحيطها,  كان لها وهجها وحرارتها, وما زلت اشعر بارتباط وثيق مع هذا المكان, واشعر برغبة دائمة لمعرفة التغيرات وما يطرأ عليه, ربما النرويجيون يتفهمون ما اريد قوله, إذ هم أيضا يعيشون في مناطق زراعية ولم تسحق المدينة بعد هذه العلائق الجميلة مع الطبيعة, كذلك ربما هذا ايضا أحد الأسباب التي جعلتني أحب الأدب الاسكندنافي, لقد شاهدت وقرأت أغلب نتاج هنريك ابسن (كاتب مسرحي وشاعر نرويجي معروف. المترجم)، وكذلك قرات لـ \”سيكريد اوندست\”، (روائية نرويجية حائزة على نوبل للاداب 1928), وكانت روايتها \”لاكسنس وسيده\” من أولى الروايات التي قرأتها في حياتي.

•بعد قراءة نصوص قليلة لك يكتشف القارئ مبكرا لغتك القاسية، وتسليطك الضوء على الأماكن المعتمة والمؤلمة في مجتمعك, كيف تفسرين ذلك؟! 

ــ  ليس من السهل إيجاد الجواب على هذا السؤال, لكن هذه الأماكن تركت أثرا كبيرا في نفسي, أماكن ربما نظرت لها بعين كاتب, ترعرعت ببيئة تثير الاهتمام حقا, في الطريق الى مدرستي من القرية الى المدينة هناك عوالم متداخلة من البشر والطبقات هناك الايتام والفقراء اللصوص ومهربي الكحول بائعات الهوى والكثير من الناس, كل هذا في طريقي, لكني أيضا كنت ازور تلك المناطق واقضي مع هؤلاء الناس بعض الوقت, تعرفت على أطفال كثيرين، لذلك كنت أزورهم بانتظام, وهذا التمايز الكبير ما بين حياة المدن وحياة الريف والطبيعة الجميلة الهدوء الخ, مع صخب المدينة وآلامها, في إحدى المرات كنت قد تعرضت للضرب في تلك المناطق, هذه الأماكن من الصعب بمكان أن يقف المرء موقف المتفرج إزاءها, استخدمتها في أعمالي كانت هي المادة الأولية تقريبا.

•كيف تنظرين الى القارئ عندما يقرا نصوصك التي استقيتيها من مجتمع حقيقي تعرفينه؟

ــ لو كنت كاتبة تعيش في المدينة لم يشكل هذا اي مشكلة بالنسبة لي لأنه في هذه الحالة عندما اكتب عن اجواء الريف يصبح من الصعب تحديد جغرافية المكان, القرية الصغيرة التي انحدر منها لم يكن فيها اي كاتب من اي نوع, الناس الذين يعيشون هناك لم تكن القراء من اهتماماتهم ايضا, لذلك عندما اطلعوا على قصصي أصيبوا بصدمة كبيرة, عندما قرأوا عن الالام والمصاعب التي تدور وتضمنتها نصوصي, لدرجة انهم شعروا ان بعض النصوص هي هجوم صريح عليهم. 

انا قد اتفهم وجهة نظرهم لكنني لا أتعاطف معهم في هذا الأمر، ولا يمكنني ابدا ان اجامل على حساب الحقيقة. انا كاتبة ولست مهرجة  تقدم لهم المتعة والسعادة. 

•في نصوصك هناك خطوط واضحة من حياتك الشخصية وتجربتك, ما هو الفلتر الذي استخدمتيه ليصبح الشخصي نصا مشاعا؟

ــ  في الحقيقة هناك تلاعب او تداخل مابين الواقع والنص, على سبيل المثال عندما اتحدث عن المراة استخدم خبرتي كأمراة. ابدا ليس هناك اي تطابق بين حياتي الشخصية وقصصي والذي حدث ويحدث لشخوصي, هذا يحدث لهم وحدهم وليس لي في هذا سوى بعص التفاصيل, مثلا عندما كتبت عن الطفل الذي غرق, استخدمت تجربتي الشخصية التي مررت بها مع ابنتي الصغيرة. بعض الاحداث التي ربما اكتب عنها بشكل غير مباشر في نصوصي اشعر بانني ازيح حملا ثقيلا من اكتافي. باختصار ليس هناك كتابة سيرة او شيء من هذا القبيل كل هذا هو خيال محض.

•في مقابلات عديدة قلت ان الحياة التي تدور خارج النص هي الحياة الاهم وهي الحياة الجديرة  بالتفكير, وليس فقط مجرد دافع للكتابة، بل هي التي تدفع اكثر الاحيان الى الالم، قبل سنوات قلت \”الحياة الحقيقية هي التي التصق بها, وليس كافيا ان اكتب ذلك، بل علي عمل شيء من اجله, اي الحياة التي نعيش\”، الى اي مدى تحاولين ان توازنين بين الالتزام المبدئي والخضوع للنص؟

ـــ  في بعض الاحيان اناقش هذا بانفتاج كبير, بطريقة اخرى اريد ان اقول: ان هذا الذي تقرأونه هو هذا الذي اريد ان اقوله, لكن هذا ليس صحيحا. استطيع ان اضع نفسي في مكان شاهد ما لا احد يستمع لما يريد ان يقوله, وهذا هو الذي يحصل غالبا. بهذه الحالة يمكنني ان احصل على شيء, او اخرج بنتيجة ما.

كذلك هذه مشكلة ليس لها حل لا استطيع ان افهم ماهو وجه الحق في انني اكتب عن الاخرين عن مشاكلهم الامهم حتى خصوصياتهم, لكن احاول ان اجد توزنا ما في ما اكتب, بنفس الوقت هذه هي الطريقة الوحيدة التي من الممكن ان اتعامل بها مع العالم. (اتواصل) قبل فترة قصيرة قرأت لكاتب انكليزي يستخدم تجربته الشخصية في ممارسة الحب كمادة للكتابة, بل يقيم العلاقات الغرامية من اجل ان يكتب, هذا هراء في رأيي, حذرة جدا في استخدامي لتجاربي الشخصية في الكتابة, ابدا لا افكر بتجربة شخصية ما على انها سوف تكون مادة لنص ما. ابدا. 

•لماذا في رأيك ان مثل هذا يحصل؟

ــ  بصراحة لست متأكدة, ربما لدى الكاتب تفويض ما وحق في الكتابة بهذة الطريقة, او ان النساء على طول الخط كن مادة لهكذا ممارسات.

•في احدى قصصك تقولين : \”الناس يموتون, يتألمون يعانون… امراض  وحوادث. هؤلاء يجب ان يحترموا, ولا يشهر بهم هناك عار وخزي كبير، ونحن نستخدم كلمات ولغة لا تحترم الضحايا\”، في ضوء هذا هل تستطيعين ان توضحي لماذا قصصك طويلة بعض الشيء وثرة اللغة؟

ــ مرة أخرى أقول أنني اقول نصف الحقيقة في نصوصي بطريقة واخرى اشعر بالخزي والعار ايضا, واعزو هذا الى طريقة تربيتي الصارمة التي اجبرت فيها على تحمل الالام وعدم البوح بما اريد قوله, لذلك عندما اكتب احاول ان اعمل عكس كل ما اجبرت عليه وتعلمته, بنفس الوقت انا مغرمة جدا باللغة, لكن هذا لا يعني ان ازوق او اضع بعض المساحيق من اجل اللامعنى سواء كانت احدى الشخصيات او المشاهد.

•قصصك طويلة وتخرج عن حددود القصة, متداخلة ومتماهية مع حدود الرواية، هل هذا بسبب الخبرة الطويلة في كتابة القصة القصيرة تجعل منك وفية لهذا النوع من الكتابة وليس الرواية؟

ــ  عندما بدأت الكتابة  كان الامر مسالة وقت, اذ اني كنت على يقين من انني لا املك الوقت الكافي, عندما يشرع المرء بكتابة رواية يضع في حسابه اقل شيء سنة, او سنتين, ربما ثلاثة,  بالنسبة لي لا استطيع ان اضمن ما يحصل لي في ستة اشهر دون ان يكون هناك حدث او شيء مع العائلة, لا اتحدث هنا عن حوادث كبيرة تحصل بل اشياء صغيرة مثل اي عائلة, مثلا يأتونك ضيوف, المرأة لا تكتب بنفس الطريقة التي يكتب بها زوجها مثلا, اي ليس بنفس الظروف, لو جاءك ضيوف عليك ان تعد لهم الشاي والقهوة والكعك الخ. الان لدي وقت كثير لكن المادة التي عندي لا تصلح ان تكون رواية ولا حتى قصة. عندما اكتب على سبيل المثال احد مشاهد الحب, فعلي ان استحضر البطل السابق (من نص سابق) وكيف كان وما هي انفعالاته الخ, لذلك انا محظوظة بقرائي الذين تعايشوا مع هذة الطريقة في الكتابة.

•الى اي درجة تعتقدين انك جزء من الجو الادبي ومجتمع الكتاب؟

ارى نفسي جزءا من المجتمع الادبي الكندي, قبل اربعين سنة لم يكن هناك سوى مجتمع صغير ومحدود من الكتاب الكنديين, المتعلمين والقراء لم يكن لديهم الرغبة بقراءة الادب الكندي, وبمرور الوقت ظهر كتاب كنديين شيئا فشيئا , كنا نعرف بعضنا جيدا وكان التعاون كبير بيننا  في ذاك الوقت كانت هناك روح ايجابية كبيرة تسود بيننا خصوصا نحن الكاتبات, كانت الحالة المادية جيدا للبداية بمشاريع ثقافية من اصدارات دوريات ومجلات تعنى بالادب والفكر واطلاق جوائز ادبية, كذلك لا ننسى دور الاذاعة الكندية الوطنية في انتشار وتبني المشاريع الادبية. 

طبيعة المجتمع الزراعي الكندي كانت الناس تنظر الى الادب والكتابة على انها شيء \”مخملي\” لا يليق بالرجال، خصوصا كتابة الشعر كانت تعتبر عملا \”انثويا\” اي ان المرأة بالاضافة الى التطريز تكتب الشعر, الرجال كانوا حذرين من الدخول في مجال الشعر, وان كتبوا الشعر فانهم يبالغون في ابراز \”عضلاتهم\” ويجعلونه يبدو اكثر خشونة و ذكورية. نحن الكاتبات  كنا مفاجأة كبيرة للمجتمع. كتبنا الروايات والقصص بشكل مختلف بشكل صادم  لا يتماشى والتقاليد السائدة انذاك.

•في وضع مثل هذا ان السياسة في هذة الحالة تعطي للادب جرعة قوية, هل يمكن للادب بدوره ان يخدم المجتمع؟

ـــ  جوابي المباشر والاَني  هو  لا, اعتقد ان الادب الجيد هو الادب الذي يراه الكاتب, وليس ما يخبر الكاتب به نفسه ان عليىه ان يراه. من هذا المنطلق او بالاحرى هذة المفارقة, يمكن للادب ان يخدم المجتمع, كل الكتب التي قرأتها مبكرا ولها الفضل في اغناء ذائقتي ومعرفتي لم تكن قد كتبت لهذا الغرض, اي ان تجعل مني كاتبة على سبيل المثال, اذكر عندما كنت صغيرة وفي \”مدرسة الاحد\” كنا نقرا مجلات فيها قصص جميلة ومختلفة من الادب الكندي وهذة القصص لها رسالة وهدف معين, اعتقد ان الرسالة تلك هي مثل  حبة الدواء كان علي ان ابلعها حتى اصل الى بقية القصة.

•المراة حاضرة وبقوة في اعمالك, وتؤكدين على ان خبرة المرأة مهمة جدا. هل تعتبرين نفسك انت  كاتبة نسوية \”جدا\”؟

ــ  مرة اخرى انا غير متأكدة , لم يك لدي اي اجندة في هذا المجال عندما اكتب , لكن اعتقد ان الكاتبة الملتزمة ينظر لها الناس اوتوماتيكيا على انها تكتب ادبا نسويا محضا. فقط لانك تأخذين قضايا المرأة بجدية وبعمق.

س ــ  هل فكرتي بهذا بشكل مختلف , سابقا؟

ج ـ لا , لم افعل هذا , عندما بدأت الكتابة , كنت شبه منعزلة . لم تكن لدي علاقات في الوسط الادبي , حياتي ككاتبة كانت تسير بهدوء بشكل سري في البداية, لذلك لم افكر يوما بهدف ما لكتاباتي , كانت لدي رغبة في الكتابة فقط , كتابة القصص , ربما تلك التي يرغبها الناس , او تلك التي ربما يتقبلونها  ويقدمون على قرائتها.

س ــ الى اي درجة يمكن للسن ان يؤثر في الكتابة ؟

-طبعا العمر يعطي نظرة اكثر واقعي عند الكتابة عن حياة الاخرين كبار السن مثلا, عدى عن هذا  انا غير متأكدة من ذلك. اشعر بان التقدم في العمر هو تطور ونضج  يصعب علي توصيفه او تعريفه, من جهة عندما تشعر ان نظرة الناس المقربين لك ككبير في السن كذلك طاقة الجسم المحدودة , من جهة اخرى ترى الاشياء تكبر ايضا , بل هي في خط موازي , لااقصد انني اشعر باني بنت ال19 ربيعا, لكن لحسن الحظ اشعر باني مع العمر اصبحت اكثر حكمة.

•في كتبك الاخيرة , يبدو ان الذاكرة وماتحفل به , مازالت تعني لك الكثير؟

 ــ اعتقد انت محقة في ذلك, كنت مبدئيا مشغولة بما يطرأ على الذاكرة من متغيرات, وما  الى اي مدى تخوننا, وكيفية استخدامها لاهداف متعددة. هذا لا ينفك ان يثير اعجابي, نحن لا نعيش حيواتنا فقط نحن نساهم في اثرائها ايضا, كل واحد منا لديه قصته التي يكتبها, ويستمر معها, من الصعب ان تعيش حياتك دون تفاصيلها \”كنص سردي\” نكتب القصص المجملة بالكذب ونطرح نصف العدالة, ونملئها غالبا بسعادات زائفة, مع ذلك هناك من يعتقد ان حقيقة ما تكمن خلف هذا الكم الهائل من الحيوات والنصوص, الادب يحاول ان يجد المتغيرات التي تطرأ او يحاول على الاقل ان يشير لها. على الرغم من ان كل حدث ما, يستذكر ويفهم بطرق مختلفة باختلاف البشر.

•لماذا تكتبين؟!

ــ هذا هو الشيء الوحيد الذي ارغب بعمله, عندما كنت طفلة صغيرة, قرأت قصة الاطفال الشهيرة \”حورية البحر الصغيرة \” للكاتب الدنماركي هـ . س . اندرسن, ولم تعجبني, بل قل نهايتها لم تعجبني, لذلك رحت اذرع حديقة بيتنا جيئة وذهابا، وانا أفكر بنهاية سعيدة للقصة. منذ ذلك اليوم تمنيت أن أكون كاتبة. كنت دائما عندما اقرأ شيئا يعجبني, افكر: أكيد انها سعادة قصوى ان يكتب المرء مثل هذا.

إقرأ أيضا