رحلة صيفية على متن “الفايكينغ” عبر البلطيق

[caption id="attachment_26970" align="aligncenter" width="605"]
رحلة في بحر البلطيق - العالم الجديد
رحلة في بحر البلطيق – العالم الجديد

إنها الخامسة عصرا بتوقيت العاصمة الفنلندية هلسنكي وهذا موعد يومي لانطلاق رحلة بحرية بين فنلندا والسويد عبر بحر البلطيق، يحرص الكثيرون على عدم تفويتها بين الحين والاخر وخصوصا في فصل الصيف او المناسبات الاستثنائية طوال العام كما هو الحال مثلا مع موسم اعياد الميلاد ورأس السنة. السفينة مسيرّة من قبل شركة الفايكينغ الفنلندية، واسم الشركة يشير الى القراصنة الاسكندنافيين الذين صالوا وجالوا في اوروبا في الفترة ( 793- 1066م). وهناك من يعتقد انهم كانوا يجلبون معهم العبيد والجواري من بلاد اوروبا من اجل بيعها في البلاد الاسلامية إبّان العصر العباسي فيما يأخذون مقابلها مختلف البضائع الرائجة آنذاك. الرحلات عبر شركة الفايكينغ وغيرها تسيّر بشكل يومي بين الدولتين، اما برنامج الرحلة في معظم الاحيان فهو ذهاب لمدة سبعة عشر ساعة ثم جولة سريعة في العاصمة المقصودة هلسنكي بالنسبة للقادمين من السويد، او ستوكهولم بالنسبة للقادمين من فنلندا ثم بعدها اياب لمدة سبعة عشر ساعة اخرى.

السفن المسيرة بين بلدان بحر البلطيق مختلفة كثيرا في تصاميمها والوانها وحتى الشركات المسيرة لها، بل هناك اختلاف بين سفينة واخرى حتى بالنسبة للشركة نفسها وذلك من اجل ان لا يتسلل الملل الى الزبائن الذين يفضلون تلك السفرات السريعة.

ارخبيل قبالة ستوكهولم- العالم الجديد
ارخبيل قبالة ستوكهولم- العالم الجديد

من يريد السفر على متن الباخرة بإمكانه الحصول على حجوزات بخيارات متنوعة من غرفة بأسرّة بسيطة وحمام.. الى اجنحة فندقية، او حتى سويت فاخر مجهز تكنلوجيا بكل ما تحتاج اليه مع شرفة تطل على البحر.

الباخرة عالم يطفو فوق مياه البحر.. فيها اسواق حرة، اماكن وبرامج ترفيه للأطفال، ساونا، مسبح، مطاعم ومقاهي مختلفة، مرقص وملهى ليلى، قاعات تستأجر لعقد الاجتماعات، والعديد من المرافق الحيوية الترفيهية. كما ان سطح الباخرة من جهاته المختلفة يمنح السائح اطلالات ساحرة في فصل الصيف. بعض السفن وضعت حمام السباحة والساونا في اعلى الباخرة كي يستمتع مرتادوها بمنظر البحر في نفس الوقت. الناس كأنهم في مدينة صغيرة، يتسامرون ويضحكون، يتبضعون، يلعبون، ثم يميلون ليلا للرقص والغناء رغبة في الترويح عن النفس والابتعاد عن روتين الحياة وايام العمل.

بعض المسافرين يفضلون السمر بالقرب من الحواجز الزجاجية الكبيرة التي تمكنهم من مشاهدة البحر جميلا هادئا في فصل الصيف ذلك الذي لاتغيب فيه الشمس عند بحر البلطيق الا دقائق معدودة، بل هناك من يغرق في صمته متاملا ومستمتعاً بزرقة البحر الممتدة عبر الافق تهامس حمرة السماء في وقت يقال عنه: انه “منتصف الليل!” لكنه في الحقيقة لايمت لليل بصلة، بل هو ذيل من ذيول النهار.. ومن سطح الباخرة او بقرب الشبابيك الكبيرة لك ان تكون شاهدا خلال 30 دقيقة على مشهد غروب وشروق الشمس!

سفينة الفايكينغ- العالم الجديد
سفينة الفايكينغ- العالم الجديد

في “منتصف الليل” وهو منتصف الطريق ايضا وحينما تبدو الشمس آيلة للاسترخاء بأحضان البحر تكون السفينة قد رست في مقاطعة آهفنن ما “Ahvenanmaa” المقاطعة عبارة عن أرخبيل في بحر البلطيق مكون من 6500 جزيرة منتشرة على مساحة تعادل حوالي 5400 كم مربع، المقاطعة خاضعة للسيادة الفنلندية تتمتع بحكم ذاتي منزوعة السلاح، يسكنها حوالي 30 الف نسمة معظمهم يتكلمون السويدية وبعضهم يتكلم الفنلندية، هناك تقف السفينة لقرابة العشرين دقيقة ثم تستأنف رحلة خطواتها الواثقة باتجاه ستوكهولم. صباحا تكون السفينة قد وصلت الى المرسى المخصص لها في ميناء ستوكهولم بعد ان شقت ممرا طويلا لأكثر من اربع ساعات بين ارخبيل ستوكهولم كما فعلت ذلك حينما خرجت من هلسنكي. في العاصمة السويدية ينزل المسافرون لمدة ست ساعات للتجوال في المدينة ثم يعودون للباخرة قبل ان تغادر، بالإضافة طبعا لمن التحق بالرحلة من هناك في جولة مشابهة الى فنلندا. انها الرابعة والنصف بتوقيت العاصمة السويدية ستوكهولم ها هي السفينة تحركت مرة اخرى باتجاه العاصمة الفنلندية هلسنكي لتبدا متعة اخرى في احضان سفينة الفايكينغ الملئى بالوجوه الحسنة، لا لكي تباع في سوق النخاسة هذه المرّة كما كان يفعل الفايكينغ سابقا، بل لكي تسير السفينة ولسان حالها يقول: ما أجمل ان تكون بين الماء والخضراء وذلك الوجه الحسن!

إقرأ أيضا