ولد سيئ

في سير الملوك والرؤساء، هناك ثمة نصيب للأبناء، لمغامراتهم ومواقفهم التي دائما ما تنم عن طيش واستعلاء على الآخرين، واستغلال الحال التي هو عليها كابن لسلطان، من أجل مطامح وغايات معروفة لدى الفرد والمجتمع. ناهيك عن القسط الوفير من الفضائح والتصرفات الرعناء التي من شأنها الدلالة على أن هذا الولد سيئ! وشيئاً فشيئاً، يبدأ الولد بهجر عاداته السيئة والاتجاه إلى التدرب على استلام السلطة، من خلال حضوره المكثف وتدخله واستلامه بعض المهام والوظائف المهمة في الدولة. 

لكن، دائما وأبداً، يكون هذا الولد السيئ ابناً بكراً لسلطان زمانه، أو ولياً للعهد في بلدٍ يحكمها ملك تخضع جميع أقاليم مملكته لسيطرته، من اليابسة إلى البحر. ويحدث أن يسخّر الملك أو السلطان آخر إمكاناته، حينما تكون قدمه اليمنى على السرير والأخرى في القبر، وثمة روزخون فوق رأسه يملي عليه وصيته،  لتثبيت ابنه خليفة من بعده، أو يحصل العكس حين يعزل الابن والده ليحل مكانه لاعتبارات قد يكون الخرف أو المرض من ضمنها، ويحصل ذلك بشكل دائم في البلدان التي يكون فيها الحكم بالوراثة، أو تلك المحكومة من قبل نظام دكتاتوري شمولي، أو ديني أو عسكرتاري، تكون أولوية الخلافة فيه لابن الرئيس أو القائد الضرورة أو الولي الفقيه.  ونادرا ما يطيش أحد أبناء الحكام في بلد من المفترض أن الحكم فيه تداولي وديمقراطي كما ينص على ذلك الدستور. ولعل هذا النادر يتمثل بصورة السيد أحمد المالكي الذي بدأ بالظهور مؤخراً على أنه الابن البكر القوي للرئيس، والنموذج المثالي الذي يولي اهتماما فائقا في الدفاع عن ملك من الضروري جدا معرفة أنه زائل، بما أننا نعيش في ظل نظام ديمقراطي وتعددي غير قابل للمناقشة إذا ما تعلق الأمر بإرساء تعليمات جديدة خارجة عن كونها قانونية ومقبولة.

عادة يأتي رئيس الوزراء المنتخب، والمحددة ولايته إلى كرسي الحكم، حاملا معه بعض الخطط والوعود التي عزم على تحويل الحبر الأسود في أوراقها إلى أفعال من شأنها الارتقاء بالبلد، وإخراجه من أزماته، ولا يأتي في أغلب الأحوال وهو يمسك بيد ابن نزق يضم إلى صدره دمية بهيئة سوبرمان. وحينما يخرج الرئيس لا يأخذ معه سوى تلك الخطط المنفذة كتذكار ورضا الناس وثمة شعور بالفخر، دون أن يترك وراءه أثراً طائشاً لابنه على لائحة التنفيذ. إلا أن ما يحصل في الوقت الراهن، لا يبدو أو حتى يشبه كثيرا تلك الحالة الحضارية، إنما يجري الحديث من قبل أتباع السيد المالكي عن رجل دولة خفي يتمتع بسلطة لا تقل عن سلطة الأب، وقد بدأت ملامحه تطفو على السطح، مع اقتراب الانتخابات، وبروز نية باتت شبه مؤكدة لوالده بشأن حصوله على ولاية ثالثة.

إقرأ أيضا