تبادلات المازق الامريكي بين السياسي والعسكري

  وصل وزير الدفاع الامريكي على عجل الى العراق، وكان قد اعلن في العاصمة الامريكية…

 

وصل وزير الدفاع الامريكي على عجل الى العراق، وكان قد اعلن في العاصمة الامريكية قبيل وصوله العاصمة العراقية، عن ارسال مايقارب ال 500 جندي امريكي للمشاركة في عملية تحرير الموصل، حركة الامريكيين الاخيرة اتسمت بالعجالة الاقرب الى الارتباك، بينما طغى عليها طابع الاستثنائية والاستباقية، التوقيت المتاخر جاء مباشرة بعد تحرير قاعدة القياره وهروب “داعش” منها بعد محاولة تدميرها، فالامريكيون كما هو ظاهر لم يتوقعوا اطلاقا ماحدث، ولم يدخل في تصورهم ان “داعش” ستترك القاعدة من دون قتال، بالمقابل هم لم يقدروا ابدا كفاءة القوات العراقية، المشكوك فيها اجمالا، فلم يحملوا على محمل الجد التحركات التي بدات باتجاه الشمال بينما معركة الفلوجة دائرة،مما حمل هادي العامري رئيس منظمة بدر وقتها على اتهام الجيش ب “خيانة معركة الفلوجة” ليثبت هو والامريكيين بانهم لايفقهون مايجري حولهم.

 

السلوك الامريكي منذ تصاعد الاحتجاجات والاعتصامات ضد العملية السياسية الطائفية صار محكوما لايقاع تناوبي، يشبه الضغط على العجينه من طرف لتنتفخ من الطرف الاخر، فهم وخوفا من ان انهيار العملية السياسية التي هي الفرع السياسي من الاحتلال، اضطروا للتخلي عن موقفهم من مسالة تحرير الفلوجه، فوافقوا على البدء بها الان على امل ان يمنحوا العبادي انتصارا يستعمله في ساحة الاحتجاجات والتهديد المتصاعد للمنطقة الخضراء، العبادي ومن يحيط به من العسكريين الطامحين، وجدوا انفسهم بحاجه لاكثر من انتصار الفلوجة فاندفعواالى الاعلى، الامر تبين للامركيين انه متجه لان يصبح خارج السيطرة، والاحتجاجات تتصاعد وتنبيء بانتقالها نحو مراحل اخرى، قد تذهب الى العصيان المدني، والاحتمالات على الارض لايمكن احتسابها، بما في ذلك مفاجاة هروب “داعش” من الموصل على يد القوات العراقية، وهذا وضع سوف يخلق مركز ثقل عسكري وطني ويودي بكل المشاريع الامريكية الكردية الانفصالية والتقسمية الاخرى.

 

لم يسبق ان اضطرت الولايات المتحدة للتصرف على مثل هذه الشاكلة الاستثنائية في العراق الا عام 2003، فالدخول واحتمال الخروج لهما نقس قوة الضغط، فاذا تصاعدت الاحتجاجات في بغداد وبقية المدن، واتخذت مسارات يستحيل معها بقاء “العملية السياسية الطائفية” فان الامريكيين سيقفون مكشوفي الظهرامام جيش عراقي منتصر، له حضور اقليمي وعالمي، مع احتمالات صعود عملية سياسية جديدة ليس للامريكيين فيها مكان، الامريكيون اذن جاءوا الان على امل ان يغيروا المعادلات على الارض، او على الاقل يعرقلونها، فتحرير الموصل صار بنظرهم “تحريرا للعراق” منهم، بالاخص وان الفراغ العسكري العراقي بدا يحل محله امتلاءمثير للدهشة خلال وقت قياسين كان ابانه يعاني فقدان التماسك، والفوضى، والفضائية المعيبة، والاختراقات، والاستعداد للهرب، ماظل يعطي بعض المولعين بالخطابات الفارغة حتى من المعسكر المحسوب على الوطنيين ماظنوه فرصة ينفسون من خلالها عن نزعاتهم الطائفية الدفينة، غير ان الوقائع كما يقول مفكر الثورة الروسية البلشفية لنين “عنيدة”.

 

وها هي مروحة الوطنية المتجاوزة لفعل الفاعلين تقلب المشهدالعراقي فاذا بالادارة الامريكيه تدق ناقوس الخطروهي تستشرف كابوس اضطرارها للخروج النهائي او تعرضها لانتكاسة كبرى، هي في غنى تام عنها حسب مجرى التطورات في الشرق الاوسط، ومكانتها اوزنها ضمن شبكة التداخلات الدولية الاقليمية في منطقة حاسمة هي اليوم الاكثر التهابا في العالم.

 

نصر الفلوجه لم يقدم الدعم اللازم لحيدر العبادي، بل تجاوزه، وملامح نهاية “العملية السياسية الطائفية”/ الامريكية لم يعد من الصعب بينها، هذا في السياسة واما عسكريا، فالجيش الامريكي بلا سند من عمليه سياسية تكون ظهيرا له، تمنح وجوده مايحتاجه من الشرعية، سيكون خارج حدودالعراق حتما.. لهذا يجوز القول ان الولايات المتحدة لم تواجه مازقا مزدوجا في العراق منذ 2003 كالذي تواجهه الان.

 

إقرأ أيضا