“الخمس” قرية على ضفاف المدن والاهوار تعود لها الحياة من جديد بعد سنوات من التجفيف

 موقعها الملفت بين المدينة والاهوار سمح لها ان تكون محطة وسطى مهمة لسكان الاهوار اذا…

 موقعها الملفت بين المدينة والاهوار سمح لها ان تكون محطة وسطى مهمة لسكان الاهوار اذا قصدوا المدينة وبالعكس لأهالي المدينة اذا قصدوا الاهوار. نهرها، شواطئها، جداولها واراضيها الزراعية المترامية الاطراف، سكانها الطيبون وكل شيء فيها جعلها من القرى الجميلة، المميزة والمنتجة في نفس الوقت. قرية الخمس التابعة لناحية السلام، احدى نواحي محافظة ميسان.

امتدادا لنهر السلام امتد جنوبا نهر الخمس بامتداد القرية على مسافة عدة كيلو مترات، وبامتداد النهر ايضا على الضفتين تزينت القرية بأشجار النخيل الباسقة التي تلقي بظلالها على بيوت اهالي القرية وعلى ضفاف النهر. الخمس بشكلها الذي عرفه من شاهدها قبل ان تطالها جريمة التجفيف كانت من اجمل قرى جنوب العراق.

سكان قرية الخمس يعيشون حياة مختلفة قليلا عن الحياة في الاهوار وكذلك مختلفة بعض الشيء عن الحياة في المدينة، انها مجموعات سكانية تشكّل حلقة مهمة جدا في اطار التنوع الاجتماعي بين الريف والمدينة، فسكانها يستخدمون المركبات في التنقل ويستخدمون كذلك الزوارق الخشبية، هم يعرفون شيئا من تفاصيل الحياة في المدينة وشيئا من تفاصيل الحياة في الاهوار.

وفقا لما يذكره كبار السن من سكان القرية فإن سبب التسمية جاء بعد ان تقاسم مقاطعة “آل زيرج” كبار شيوخها، فخصص خمس المقاطعة “التي هي القرية المقصودة” للشيخ مهاوي الفهد، القرية توسعت بعد ذلك والتصقت بقرى اخرى حتى تصل الى مشارف قرية الصيكل في الاهوار الوسطى.

نهر الخمس - العالم الجديد
نهر الخمس – العالم الجديد

ولان قرية الخمس تقع شمال الاهوار الوسطى ويمثل نهرها احد اهم الروافد التي تغذي الاهوار الوسطى لذلك تعرضت لجريمة التجفيف. وهكذا فإن جريمة التجفيف لم تطل سكان الاهوار فحسب بل ايضا طالت سكان القرى والارياف المتاخمة للمدن والتي يعتمد معظم سكانها على الثروة الحيوانية وزراعة المحاصيل الزراعية، حيث هجّر الالاف من الناس عنوة، ودمرت اراضيهم الزراعية.

المؤسف ان عملية التجفيف وتهجير المناطق المحاذية للأهوار نفذت في ذروة احتياج الناس للأموال والمنتوجات الزراعية، بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على العراق آنذاك. كانت تلك الاحداث صيف العام 1992 قصفت تلك المناطق بالمدفعية الثقيلة، هوجمت بالطائرات المقاتلة، وطلب من الناس ان ارادوا الامان عليهم السير في رتل واحد باتجاه ناحية السلام، كانت هجرة جماعية للمدنيين حقا وحقيقة، سار الجميع على اقدامهم لمسافات طويلة يهرب المدنيون اطفالا وشيوخا بجلدهم من الموت القادم، “تركوا كل شيء للقدر” هكذا وبشكل مفاجئ، قتل من قتل، ونجى من نجى، وبقي سكان تلك المناطق منقسمين بين من بقي مجازفا ليحرس البيت املا في نقل ما يمكن نقله وبين من هرب وترك كل شيء ورائه بحثا عن النجاة.

منذ عدة سنوات عادت الحياة الى شط الخمس حتى وان كانت مناسيب المياه بدرجة اقل مما كانت عليه في مرحلة ما قبل التجفيف، وبعد ان تم تنظيف النهر واكمال ناظم الخمس الذي بني من اجل التحكم بمناسيب المياه اصبحت القرية اكثر حيوية وعاد للسكن فيها بعض سكانها، لكن جزءا كبيرا من السكان لازالوا ينتظرون توفير مزيدا من الخدمات لقرية الخمس لكي يعودوا الى هناك.

إقرأ أيضا