التوتر يخيم على أحياء بـ\”الشعلة\” اثر مقتل طفلة من \”بني مالك\” وشاب من \”الفواودة\” في نزاع عشائري

بغداد – نور الدين حسن

تعذّر على أهل الطفل \”آية \” التي قضت مغدورة برصاصة طائشة من اشتباكات وقعت ليل الأربعاء الماضي في مدينة الشعلة شمال غرب بغداد، تعذّر إقامة \”جادر\” العزاء على روحها، بسبب توتر الأوضاع قرب منزل أهلها.

وفيما كانت أصوات نساء من عشيرة بني مالك التي تنتمي لها الطفلة المغدورة، تعلو بالبكاء على فقيدتهن الصغيرة، نقل بعض الشباب \”جادر\” العزاء إلى مكان آخر يبعد مسافة ما عن بيت الضحية، حفاظا على أرواح المعزين إذا ما عادت الاشتباكات مرة أخرى.

وقضت أحياء من مدينة الشعلة عدة ليال ساهرة على أصوات الرصاص المنطلق من مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والخفيفة، في اشتباكات نشبت اثر نزاع بين شابين تطور إلى تدخل عشائر عديدة.

ويقول فارس، أحد سكنة مدينة الشعلة إحدى ضواحي العاصمة بغداد ذات الكثافة السكانية العالية والتي يغلب على سكانها الطابع العشائري، إن \”تبادل إطلاق النار حدث على خلفية مشادة كلامية بين شابين من عشيرتي الفواودة والفريجات حول سيارة الفريجي التي كانت تعترض طريق الفوادي، فتطور الأمر إلى تشابك بالأيدي والسباب بينهما\”.

ويذكر فارس لـ\”العالم الجديد\” أن \”كبار السن في عشيرة الفواودة حاولوا تلافي الحادثة وتوجهوا للاعتذار لعشيرة الفريجات إلا أن تهور بعض شباب الفواودة الذين أطلقوا نيران رشاشتهم حول منزل الفريجي، حال دون إتمام الصلح، ليتطور الموضوع إلى مواجهات متبادلة، أدت إلى مقتل شاب من عشيرة الفواودة ما أدى إلى تفاقم الأزمة\”.

ويؤكد أن \”هناك أبرياء لا دخل لهم بالعشيرتين وقعوا ضحية هذا النزاع المسلح، حيث توفيت طفلة بسبب رصاصة أصابتها وهي داخل المنزل وجرح آخرون\”.

ويرى فارس أن \”استخدام السلاح في حل النزاعات أمر مرفوض، ويعطي مؤشرا على ضعف الدولة في بسط الأمن وتطبيق القانون\”.

ويقول ان \”المواطن بدلا من أن يلجأ إلى مراكز الشرطة للحصول على حقه ورد اعتباره وفق القانون، صار يلجأ إلى القوة العشائرية المدججة بأسلحة متنوعة\”، مشيرا إلى أن \”الاشتباكات شهدت استخدام مختلف أنواع الأسلحة بما فيها الرمانات اليدوية\”.

ويروي شاهد، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن \”تدخل القوات الأمنية لم يكن بالمستوى المطلوب، حيث تواصلت الاشتباكات بين العشيرتين بالرغم من تواجد قوات الشرطة الاتحادية\”.

ويلفت الشاهد في روايته لـ\”العالم الجديد\”أن \”ما يقارب 10 بيوت تم حرقها مع محتوياتها دون أي مراعاة لسكنة البيوت المجاورة الذين لا دخل لهم بما حدث، ليصل الحريق إلى منازلهم، كذلك تحملوا اطلاقات الرصاص التي سقطت في بيوت عوائل غير متدخلة في النزاع وأدت لجرح الكثيرين\”، داعيا وزارة الداخلية إلى \”إجراء حملات تفتيشية عن الأسلحة ومصادرة غير المجاز منها\”.

وبحسب الشاهد فان \”هناك ميليشيا مسلحة تدفع بإحدى العشيرتين المتخاصمتين إلى عدم قبول الصلح، وقامت بتزويدها بأسلحة ثقيلة، استخدمت في مهاجمة بيوت عدة من عشيرة الفريجات\”، مبديا مخاوفه من \”عودة الاشتباكات في أي لحظة، كون عقلاء المدينة فشلوا في إقناع الطرفين بالقبول بهدنة تمهد لإنهاء الخلاف\”. 

ويقول مصدر أمني ان \”المعركة في منطقة الشعلة استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والرمانات اليدوية ورشاشات البي كي سي\”. ويتابع المصدر، الذي اشترط ليدلي بمعلوماته عدم الكشف عن هويته، ان \”المعركة تسببت بمقتل شاب من عشيرة الفواودة، كذلك قتلت طفلة وجرحت اختها وهما من عشيرة بني مالك كانتا قرب منطقة الاشتباكات، وجرح ايضا اثنان من عشيرة الفريجات واثنان آخران من عشيرة السادة الزويني، وشخص من عشيرة كنانة\”.

ويؤكد المصدر ان \”علي التميمي محافظ بغداد الجديد وقائد عمليات بغداد توجها مع قوة من سوات وقوة أخرى من الشرطة إلى منطقة الشعلة لإيقاف القتال وفض النزاع\”.

ويلجأ معظم الأشخاص في البلاد، وخاصة في محافظات الوسط والجنوب، إلى العشيرة لحل النزاعات عبر تسويتها او تعويض المعتدى عليه بمبالغ مالية لما لحقه من أضرار مادية أو معنوية.

وتتبنى لجنة العشائر في مجلس النواب مشروع قانون المجلس الوطني للقبائل والعشائر \”لتهذيب الأعراف الطارئة على المجتمع العراقي، ولكي يكتسب ما ينظمه المجلس صبغة قانونية للالتزام بما يصدر عنه في القضاء على العادات والتقاليد السيئة\”.

إلاّ أن اللجنة النيابية تؤكد أن نظيرتها القانونية ترفض تشريع ذلك القانون باعتبار أن مثل تلك المجالس تكون ضمن منظمات المجتمع المدني.

وسبق لجمهورية العراق الأولى عام 1958 أن ألغت قانون العشائر وقضت على سلطة القبيلة السياسية وحولتها إلى هيئة اجتماعية ريفية يمكن للمرء الرجوع إليها للمشورة، فيما يرى بعض المهتمين ان الفراغ السياسي الذي خلقه النظام السابق أعاد للعشائر نفوذها.

إقرأ أيضا