من يقتلنا؟

هو تساؤل غريب بهذا الوقت. نعم إنه تساؤل تشغل إجاباته مساحات واسعة من النقاش والجدل. فمن هو ذلك البطل الذي يقتل العراقيين كل يوم؟.. نعم انه بطل من وجهة نظره ونظر أتباعه ومحرّضيه.. وهو مسؤول أن يقتلنا ويقتل شيوخنا وأطفالنا كل يوم. هي لعنة ابتلى بها العراقيون منذ الأزل. وهي اللعنة الوحيدة التي لم يعرفوا بعد سر التصاقها بهم. هي لعنة جعلت من خارطة العراق بحرا من الدم. وهي لعنة ما زال يئن منا الشيوخ والأطفال واليتامى. من يقتل العراقيين كل يوم؟ قد يبدو التساؤل وجيها جدا، إلا أننا يمكن أن نحيل القارئ إلى تفسيرات أخرى قد تعالج جزءا من إشكالية هذا التساؤل. 

من يقتلنا هم الإرهابيون بلا شك، من يقتلنا هم أعداء العراق. من يقتلوننا لا يريدون أن يعم الفرح بيننا. من يقتلنا هم بلا دين وبلا ضمير ولا أخلاق. هم بعيدون كل البعد عن الإنسان والإنسانية. وهذه كلها يعرفها العراقيون جيدا. لكن ما لا يعرفه العراقيون هو أن يكون القاتل معروفا. هو أن يتخذ من عملهِ غطاء قانونيا لتبرير أفعاله المشينة. ما حدث قبل أسبوع مع المرحوم محمد عباس مدرب نادي كربلاء، يعد أبشع صورة قتل لا يمكن أن تمر هكذا دون القصاص من المعتدين. ما ذنب هذا الرجل النبيل الذي جاء من خارج العراق لك يخدمه؟ ما ذنب زوجته وأطفاله؟ ومن سيرعاهم بعده؟ بل من الذي أعطى الإذن لقوات سوات بقتله؟ وهل هي قوات تحمي العراقيين أم تقتلهم؟ من منحهم هذه الشرعية المشينة أن يجهزوا على رجل أعزل ويشبعوه ضربا على رأسه؟ وما الذي فعله أصلا؟ وكلنا يعرف أن الضرب على الرأس بقوة ممكن أن يؤدي إلى موت الشخص. ما يعني أن قوات سوات كانت متعمدة قتله بلا شك. فضلا عن ركله بقوة على خاصرتيه ما أوقف كليتيه عن العمل. وقد رحل إلى الباري مظلوما شاكيا الأحد الماضي.. تاركا وراءه زوجته وأطفاله وأهله يصرخون دون من يسمع صرخاتهم. هو أمر مشين ينبغي ألا يُسكت عنه أبدا.

تألمت كثيرا مثلما تألم غيري. لكنني لن اسكت، ولن يتوقف قلمي عن الكتابة أبدا. قوات أمنية وجُدت لأجل حمايتنا تقوم الآن بقتلنا؟ مفخخات تنفجر كل يوم ولا أحد يعالج هذه المشكلة منذ العام 2003 والى الآن. سيطرات كثيرة تزيد عن الحد اللازم دون جدوى. أجهزة كشف متفجرات مزيفة ومضحكة لا تكشف إلا العطور وحشوات الأسنان. وفوق كل ذلك تقتلنا قوات سوات. صحيح هي قتلت محمد عباس، لكنها قتلت كل العراقيين بفعلتها هذه. لا ندري من أين يأتينا الموت: من الإرهابيين ومفخخاتهم؟ أم من قواتنا الأمنية؟.

• كاتب وباحث عراقي

إقرأ أيضا