دار (وراقون) تنطلق بكتاب للؤي حمزة عباس

أقامت (دار وراقون للنشر والتوزيع) بالتعاون مع قصر الثقافة والفنون صباح أمس الأول الجمعة، جلسة احتفاء حضرتها \”العالم الجديد\”، بمناسبة انطلاقتها وإصدار كتابها الأول (الكتابة، إنقاذ اللغة من الغرق) للمؤلف الدكتور لؤي حمزة عباس، تضمنت الجلسة التي قدمها الروائي علي عباس خفيف ورقة حول طموح الدار وسط التحديات الثقافية، إضافة إلى مشاركات عدد من الأدباء، فضلا عن كلمة للمحتفى به الذي قام بتوقيع كتابه للحاضرين.

ولفت خفيف إلى أنه \”في جلسة ماضية أشار بعض مثقفي المدينة إلى أن البصرة تكاد تموت، وان بالإمكان زرقها بمصل الحياة فاقترحوا: مدينة ثقافية ومعارض كتاب دائمة ونشاطات تدفع لها الوزارة دفعا، نحن مع هذا الزخم من الفرح والأمل بالحياة، ومن هذا الامل جاء طموحنا في بذر بذرة أولى يشترك فيها جمع من المثقفين فولدت (دار وراقون للنشر والتوزيع) وصوتها يقول (بيتها البصرة وحديقتها العالم)\”.

ثم تحدّث القاص الكبير محمد خضير عن مشروع لؤي حمزة عباس الكتابي، واصفاً إياه بـ\”جندي الكتابة الذي يواصل حرباً طويلة في ميدان صعب، حيث تواجهنا فيه ضروب النسيان، علينا مع كل كتابة أن نثبت صلاحية ما نكتب دائماً، لأن الكتابة إذا لم تثبت صلاحيتها ستكون عندئذ، كما يقول لؤي، كتابة نسيان، المسألة لا تتعلّق بالنوع الأدبي الذي يحدد فيه الكاتب مجال رؤيته وحقل عمله\”، مبينا أن \”الفيصل في ذلك هو الجدة التي يُنجز بها الكاتب عمله، فليس ثمة داع لكتابة كتب متشابهة، التنوع هو المطلوب في سبيل تجديد مشاريعنا الكتابية وتوسيع مجالات عملنا، وكتاب (الكتابة) يطرح مثل هذه الاشكالية بقوة، ففي كتابة الشذرات التي يعتمدها يمكن أن تتجدد نظم الكتابة ويتنوع التأليف\”.

وأضاف خضير \”المطلوب هو صناعة كتب مختلفة لا عبر النوع الأدبي فحسب، بل من خلال حضور النوع الذي يوفر شرط الاختلاف، حياتنا هي حياة تنوع واختلاف، وليست ثمة طريقة واحدة للكتابة والحياة…، الكتابة في أصلها تنوع وتجدد واختلاف\”.

من جهته، قال الدكتور لؤي حمزة عباس بمناسبة صدور كتابه، \”يبدو السؤال في علة الكتابة اصعب من الكتابة نفسها، أكثر صمتا واشد تعقيدا، فالكتابة تجيب عن نفسها بنفسها وهي تطور بحثها الدؤوب مع كل مشروع يقترح المضي خطوة اخرى على الطريق، يطلق تلويحة ويضيء فكرة تشير ابدا لفكرة الحياة وهي تتخلل وقائعها وتحتفي بتفاصيلها.\”

وتابع عباس \”لن تبتعد الكتابة عن الحياة، ولن تغدو واحدة من مراياها، انها الحياة وقد اعيد انتاجها على الورق مشفوعة بالكثير من الرؤى والهواجس والاحلام لتعدل من طبيعة الحياة نفسها وهي تشهد تحولاتها الغريبة\”، لافتا الى انها \”تفتح مع كل كتابة البوابة نفسها لكنها تطل كل مرة على عالم مختلف، ثمة دائما ما يتجدد لحظة الكتابة، يمحى ويكتب في الآن نفسه، تغيب تفاصيل وتحضر تفاصيل جديدة لم تكن من قبل.\”

وأشار الى انه \”في الكتابة يمكن لنا ان نحيا مرات متعددة في نهاية كل منها نموت لنولد من جديد. انها الحكاية التي تأخذ بأيدينا على الدوام، تقودنا الى جوهر الحياة\”، مبينا \”لن يكون النسيان في الكتابة مقابلا ضديا لأفعال التذكر، وهي تستدعي تجاربنا، تناديها كما لو كانت ترقد في قاع بئر في محاولة لالتقاط اشلائها.\”

اما الشاعر هيثم عيسى، فتحدث خلال ورقة له حول كتاب الكتابة، فقال \”يبدو العنوان (الكتابة.. انقاذ اللغة من الغرق)، كما لو انه يعلن عن حضوره في كل صفحة من صفحات الكتاب، كل شذرة تنشغل به وينشغل بها حتى زعمت اننا بإزاء ضرب من القراءة، تلك القراءة التي تحدث دفقة واحدة عبر العنوان .

ولفت الى انه \”ما ان يشرع الكتاب بمقدمة عن شعب النسيان، كتابة النسيان وبلد النسيان، اولئك الذين يتهددهم المحو كل حين، يمكننا رؤية جندي يستلقي على الرمال بثيابه الكاملة، عيناه مفتوحتان، خوذته مائلة قليلا، وقد التف حزامها على الرقبة، كأنه يواصل الإنصات لنفير بوق الحرب النحاسي البعيد، في جيبه العلوي ان حدقنا مليا سنرى دليلا للنجاة كتب خصيصا لإنقاذ اللغة من الغرق، انه دليل جندي الكتابة وقد عاش الحروب جميعها\”.
وأضاف \”في دليله عن الكتابة وأوهامها، كل كلمة فيها اقتراح شذرة وكل شذرة تقترح على طريقتها وجها مختلفا من وجوه الكتابة التي لاتعد .وأكثر من مائة وأربعين شذرة تتوزع بين الاحلام والحفريات والمتون والبرهنات وسجلات الحروب، بين السيرة وخبرة المعيشة، بين الارث المعرفي وفعل الكتابة\”

في ختام الجلسة قال الناقد جميل الشبيبي إن \”الثقافة العراقية هي ثقافة متصلة، غير منقطعة، تسعى إلى التجدد دائماً، ومدينة البصرة هي صورة للتجدد، المدينة التي تنتج أدباً كبيراً لكنها -بكل أسف- تعيش على الأنقاض، إن فكرة بناء مدينة جديدة هي فكرة عظيمة يمكن أن تتجسد عبر مشاريع الفكر والثقافة والابداع، وهي فكرة أكثر من ضرورية. كما إن فكرة النسيان التي يعتمدها لؤي عتبة في كتابه الجديد هي فكرة مولّدة تثير لدينا معنيين متناقضين: أن ننسى ما حدث، وأن نعمل على بناء عالم جديد. النسيان يحيلنا إلى ضرورة التواصل ويدفعنا لمواجهة أنفسنا والانشغال بمعطيات الكتابة وهي تعلن طموحها في انقاذ اللغة من الغرق.

ونبه الروائي خفيف في الجلسة إلى خبر تسلم الشاعر العراقي سهيل نجم \”مفتاح مدينة ايوا التي صنفت من قبل اليونسكو على أنها مدينة ادب\”.
 

إقرأ أيضا