علي حسن الفواز – حين توهم نفسك بالطيران الى.. ماهر شرف الدين

لو  حملت  البحر  الى  الضفة  الاخرى،  لاكتشفت يباس الروح، ويباس  الكلام…
كلنا مصابون بوهن الامكنة، الامكنة  الاوطان، والامكنة  اللغة، والامكنة الاسرّة،
الامكنة الاسلحة، الامكنة الطغاة…
 
من هناك، حيث تغسل الاشياء نفسها كل لحظة، تحاول ان تتسع، وان تنفخ البالونات والمراثي، لتوهم نفسك بالطيران..
 
لاشيء هنا، لاشيء هناك فعلا، كل ما في الامر انك تصدّق المنجمين، لذا ترحل كثيرا مثل الادويسيين المتورطين بتهريب الاثار والكتب السرية والفراديس العاطلة.. وربما  تشتري الكثير من اكياس النايلون لتكدس الوقت والشعر والاخطاء، وتدعي الحرب على الطواحين، وعلى العابرين وعلى اصحاب الاضحيات..
 
لست  ابراهام او اسماعيل، ولا حتى يوسف لتقصص رؤياك السرية على احد، او تخشى  اخوتك الاعداء..
 
يا صديقي الحرب كبرت دون طفولتنا، اوهبتنا النياشين والفخاخ والهزائم، وبادلتنا  الشيخوخات والاسماء العالقة بالخيانات، لا شأن لنا بالجنرال، ولا بالثوري او الفقيه او اللص الوطني، ما نعرفه ان تلك الحرب تسللت الى قمصاننا، لتتركنا عند الكثير من الشبهات..
 
الحرب لم تعد وقفا على الفرسان او على الطاولة المستديرة، او حتى على حكايات الامم الغازية لبعضها، انها حرب من (سيكوتين) تلتصق بالكلام، والصوت والياقات، توهبنا اوطانا صغيرة، اوطانا نخبأها في الجيوب او نبدلها مثل كرات الثلج، او نستعملها مثل اقلام الرصاص..
 
يا صديقي… كنت تتوهم ان حرب الغواية ستكون عاصمك من الطوفان، وان الغاوين من الشعراء سيحملون الاسلحة البيضاء لحربك العجولة تلك، لكنك لم تدر ان الحرب علّقت الجلود والاسماء والحكايات والاوطان على (كلابات) القصابين، المسكونين بوهم الفرق الناجية، اذ هم يشترون  كل شيء، الكتاب والعتبة، المقدس والمحرم، الوقت والساعات، والبخور والاضحيات، ويطلقون على الشعراء الشكوك  الباذخة…
 

إقرأ أيضا