هل سيبلغ الإنتاج النفطي للعراق خمسة ملايين برميل يوميا؟

يمتلك العراق احتياطيات نفطية مؤكدة تصل إلى 147 مليار برميل (ما يضعه في المرتبة الرابعة…

يمتلك العراق احتياطيات نفطية مؤكدة تصل إلى 147 مليار برميل (ما يضعه في المرتبة الرابعة عالميا بعد فنزويلا والسعودية وإيران) بيد أن الصناعة النفطية العراقية عانت الكثير، لاسيما في تسعينيات القرن الماضي نتيجة للحصار الاقتصادي – أثر غزوها للكويت العام 1990 – والذي استبدل لاحقا بما يعرف ببرنامج “النفط مقابل الغذاء” برعاية الأمم المتحدة.
وقد حرم الحصار المذكور الصناعة النفطية من استيراد التقانة المطلوبة بحجة أن هذه التقانة ذات استخدامات مزدوجة يمكن توظيفها لأنتاج أسلحة الدمار الشامل، والتي أثبتت الأحداث لاحقا خلو البلاد منها.
وقد شهد العراق منذ مطلع العام 2003 تغيرات جذرية طالت نظامه السياسي وتركيبته الاجتماعية، ولم تكن صناعة النفط بمنأى عن هذه الأحداث.
ومن قصص النجاح القليلة في عراق ما بعد 2003 هو التطور الملموس والمطرد في أنتاج النفط الذي ارتفع من 2.5 مليون برميل يوميا في نيسان(إبريل) 2003 إلى 4.7 مليون برميل يوميا في حزيران(يونيو) 2017 جراء ما يعرف بجولات التراخيص إذ استعان العراق بالشركات النفطية الأجنبية بالأضافة إلى الجهد الوطني لكادره لزيادة إنتاجه – حيث كان المخطط أن يصل الإنتاج الى 12 مليون برميل يوميا بنهاية العام 2020  وهو هدف أثبتت الظروف عدم واقعيته.
وكانت أغلب العقود التي أبرمها العراق مع الشركات الأجنبية هي عقود خدمة تحصل الشركات بموجبه ما يتراوح بين دولار ونصف إلى دولارين لكل برميل أضافي يتم إنتاجه (شمل ذالك حصرا حقول النفط في جنوب البلاد) بخلاف عقود المشاركة في الإنتاج PSA لزيادة الأنتاج في الحقول النفطية في كردستان العراق، والتي ينظر إليها بأنها تصادر الأحتياطي النفطي للأجيال القادمة لحساب الشركات النفطية الأجنبية التي يسيل لها اللعاب لمثل هذه العقود، إذ تزيد من قيمتها السوقية في بورصتي التداول في نيويورك ولندن.
وقد أثار هذا حفيظة الحكومة الاتحادية في بغداد. كما أن الخلاف ما يزال يعصف في العلاقة بين المركز والأقليم مع غياب قانون الثروة الهيدروكاربونية التي تؤطر لهذه العلاقة، علماً بأن القانون المذكور تم إقراره العام 2007 إلا أنه ما يزال حبيس الأدراج في مجلس الوزراء.
إن تطلع العراق زيادة إنتاجه الى خمسة ملايين برميل يوميا هو هدف يمكن تحقيقه بالرغم من التزام العراق باتفاق منظمة الأقطار المصدرة للبترول، اوبك خفض الأنتاج إلى 32.5 مليون برميل يوميا في أواخر تشرين الثاني(نوفمبر) 2016 وكانت حصة العراق من التخفيض المذكور 205 آلاف برميل يوميا.
وهو الإتفاق الذي مدد له لاحقا ليبقى ساري المفعول لغاية نيسان (ابريل) 2018.
وقد قبل العراق بالأتفاق المذكور على مضض، إذ كان حريا بالمنظمة أن تستثنيه من إجراءات الخفض أسوة بليبيا ونيجيريا وفنزويلا، لا سيما وأن العراق يمر بمرحلة إعادة تأهيل لاقتصاده، كما يواجه حربا ضروس ضد تنظيم داعش الأرهابي وبالرغم من تحرير الموصل من آثار هذا التنظيم البربري ما زالت مناطق عديدة تخضع لنفوذه منها مدينة تلعفر (جنوب غرب الموصل) والقائم وحديثة في المنطقة الغربية من محافظة الأنبار.
وكان إنتاج العراق قبل أن تدخل اتفاقية الأوبك حيز التنفيذ في كانون الثاني(يناير) 2017 يصل إلى 4.6 مليون برميل يوميا. وبحسب وكالة بلومبرغ، فإن التطورات التي تشهدها الحقول النفطية في غرب القرنة/ 1 وحلفاية والزبير قد تمكن العراق من الوصول إلى هدفه المنشود، أي ولوج رقم خمسة ملايين برميل يوميا بنهاية العام2017.
إلا أن تجاوز إنتاج خمسة ملايين برميل يوميا هو تحدي قد لا تقوى حكومة بغداد على مواجهته فهناك معوقات عديدة منها شحة المياه المطلوبة للحقن في الآبار للأبقاء على الضغط اللازم في المكامن النفطية، بالإضافة الى عقود النفط التي لا تروق بنودها كثيرا للشركات الأجنبية التي تسعى إلى الربح السريع.
وهنالك برنامج لحفر 30 بئرا في حقل مجنون إلا أن الأختناقات في منشآت معالجة النفط قد تحول دون ذالك.
خلاصة القول إن “التطورات التي تشهدها الصناعة النفطية العراقية قد تمكنها من أن تلعب ما يعرف بــ دور بيضة القبان في السوق النفطية العالمية التي تعاني أصلا من تخمة في الامدادات”.

*اقتصادي عراقي متخصص في شؤون الطاقة (الغد الأردنية)

 

إقرأ أيضا