خلاف داخل عائلة بارزاني.. يضع “الاستفتاء” في مهب الريح

مع تصاعد الرفض الدولي وتنامي جدية التهديدات الاقليمية، بسبب إصرار رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني…

مع تصاعد الرفض الدولي وتنامي جدية التهديدات الاقليمية، بسبب إصرار رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني على إجراء استفتاء الاستقلال المزمع إجراؤه في 25 ايلول سبتمبر الحالي، كشف مصدر مقرب من العائلة الحاكمة في الاقليم، عن بروز انقسام شديد داخلها حيال موضوعة الاستفتاء، مبينا أن رئيس حكومة الاقليم نجيرفان بارزاني يقف ضده بسبب مخاوف من الاطاحة به مع شقيقه الأصغر سيروان من المشهد السياسي والاقتصادي في الاقليم، بعد اطلاعه على مخطط ينوي القيام به مسؤول جهاز الامن القومي، ونجل رئيس الاقليم مسرور بارزاني.

ويقول المصدر الذي رفض الكشف عن هويته في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “أفراد الأسرة (البارزانية) الحاكمة في الاقليم، انقسمت مؤخراً بشأن الاستفتاء، ومشروع الاستقلال في الوقت الراهن، وذلك بعد أن قيام رئيس حكومة الاقليم نجيرفان بارزاني (51 عاما) باطلاعها (العائلة) على مخطط يحضر له النجل الاكبر لرئيس الاقليم (مسرور بارزاني) بدعم من قيادات في الحزب الديمقراطي للإطاحة بنجيرفان، تمهيدا للاستحواذ على مقاليد الرئاسة، خلفا لوالده، بسبب التنافس بين الطرفين”.

ويشغل مسعود بارزاني منصب رئيس إقليم كردستان دون أن يملك سلطة تُذكر على الجزء الشرقي والجنوبي الشرقي من إقليم كردستان (السليمانية والمناطق القريبة منها الخاضعة لنفوذ الاتحاد الوطني بزعامة رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني) ما يشكل إحدى الانتقادات التي توّجه له في عدم تمكنه من إقامة إقليم متماسك وموّحد خلال أعوام رئاسته.

ويفرض مسرور بارزاني (48 عاما) سيطرته الكاملة على قوات “البيشمركة” و”الاسايش”، ويرأس جهاز الأمن القومي، ويحظى بمقبولة ودعم كبيرين من قبل قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني.

الرجل الطامح بخلافة والده متهم ايضا بتصفية صحفيين وناشطين كانوا قد وجهوا انتقادات له ولوالده رئيس الاقليم، ويعرف بتصريحاته النارية ضد بغداد، وعدم القبول به من قبل القوى الاقليمية، وعلى رأسها (تركيا وايران) اللتان تدعمان نجيرفان بارزاني.

وأضاف المصدر أن “لنجيرفان بارزاني تأثيرا كبيرا على الاسرة الحاكمة، لكونه يملك عصا الاقتصاد في الاقليم، وأن مصالح جميع أفراد العائلة مرتبطة به، من قبيل عقود عمل واستثمارات مع شركات ومصارف يملكها، خصوصا وأنه يملك عقارات ضخمة في أوروبا وامريكا، فضلا عن سلسلة من المراكز التجارية والشركات الضخمة في أربيل ودهوك بالاضافة الى بغداد وباقي المحافظات العراقية”، مبينا أن “نجيرفان بارزاني يخشى على مصالحه التجارية في العراق والدول الأخرى في حال نفذت القوى الكبرى تهديداتها بعزل الاقليم ومحاصرته اقتصاديا وسياسيا”.

وتابع ان “مشكلة نجيرفان بارزاني هي انه لا يملك نفوذا كبيرا داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكونه بعيدا كل البعد عن العمل الحزبي التنظيمي، ومنشغل كثيرا في ادارة الحكومة واستثماراته بشكل خاص”، منوها الى أنه “على خلاف كبير مع بعض قيادات الحزب المخضرمين”.

وتسلم نجيرفان بارزاني (المتزوج من السيدة نبيلة بنت مسعود بارزاني، وله منها خمسة أطفال بنتين وثلاث أولاد)، رئاسة حكومة إقليم كردستان الحالية في حزيران يونيو 2014، بعد أن تولى عددا من الحكومات المتعاقبة منذ 2006.

وأوضح المصدر أن “مسرور بارزاني يسيطر بشكل مطلق على قوات (البيشمركة والاسايش والامن القومي)”، لافتا الى أن “نجيرفان ومن أجل الحد من تنامي نفوذ مسرور، سعى لتشكيل قوة توزاي قوته ونفوذه داخل البيشمركة، فاستغل نفوذه لتنصيب شقيقه الأصغر سيروان قائدا في القوات الكردية، الا أن الأخير المعروف بعقليته التجارية لم يتمكن من منافسة مسرور في ادارة تلك القوات”.

ويعزو المصدر ذلك الى أن “سيروان بارزاني (45 عاما) ليس عسكريا، بل يعتبر واحدا من أبرز أثرياء الاقليم، ويشغل حاليا منصب مدير إدارة في شركة كورك تليكوم التي تبلغ أسهمها ملياري دولار”.

وخلال السنوات الـ14 الماضية، تمكن نجيرفان وشقيقه سيروان (نجلا إدريس بارزاني، النجل الأكبر لملا مصطفى بارزاني وشقيق مسعود بارزاني)، من البروز كعمودين اقتصاديين في الاقليم.

ولم يقتصر التنافس بين نجيرفان ومسرور في المعترك السياسي والعسكري فحسب، بل في الحقل الاعلامي ايضا حيث قام مسرور بإنشاء فضائية كردستان 24 في منافسة حادة مع فضائية روداو المملوكة لنجيرفان، كما نشرت “العالم الجديد” ذلك في تقرير مفصل بوقت سابق.

التنافس بين الغريمين، حفّز مسرور على دخول عالم الاستثمار، حيث قام الأخير بحسب المصدر المطلع بافتتاح مولات ومراكز تجارية عديدة داخل اربيل ودهوك”.

وطفح الخلاف الى العلن بين نجيرفان ومسرور مطلع العام الماضي، بعد ان انتقد مسرور بارزاني حكومة نجيرفان بارزاني في مقابلة مع مجلة “كولان” الكردية في الاول من شباط فبراير 2016، دعاها للاعتراف بالخطأ، في سابقة هي الاولى من نوعها منذ تمتع الاقليم بالادارة الذاتية.

مع اقتراب ساعة الصفر بالنسبة للاستفتاء، تتصاعد احتمالات تأجيله بحكم الصدمات التي يتعرض لها المشروع، التي كان آخرها رفض التحالف الدولي الذي التقى مسعود بارزاني أمس الخميس، وإقالة مجلس النواب العراقي لمحافظة كركوك، فيما كانت المفاجأة الأكبر هي رفض قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني عملية الاستفتاء في المحافظة “المتنازع عليها”.

وكانت وكالة الاناضول التركية قد أكدت هذا الانقسام بنقلها عن مسؤول رفيع المستوى في الحزب الديمقراطي الكردستاني تأكيده انقسام الحزب إلى جبهتين، الأولى تضم مسعود بارزاني ونجله مسرور الذي يشرف على أجهزة الأمن في الإقليم، وسكرتير المكتب السياسي للحزب فاضل ميراني، حيث تؤيد إجراء الاستفتاء والخروج تماما من العراق، استنادا الى أن الظرف الحالي الذي أعقب هزيمة داعش فرصة لن تتكرر ثانية. فيما ترى الجبهة الثانية التي تضم ابن شقيق رئيس الاقليم رئيس حكومة الاقليم، نجيرفان بارزاني، ونوابا كردا في مجلس النواب وآخرين أعضاء في برلمان الإقليم أن البقاء ضمن العراق الموحد أفضل، وأن يكون الاستقلال اقتصاديا فقط، على أن يتم التفاهم مع حكومة العبادي لاحقا بشأن بقية التفاصيل.

ويعزز هذا التوجه ملاحظة عزوف نيجيرفان بارزاني عن القيام بحملات دعائية للاستفتاء والاستقلال على عكس عمه مسعود بارزاني الذي يعقد لقاءات جماهيرية شبه يومية لشرح مزايا الاستقلال وكذلك نجله مسرور بارزاني الذي يحرص على تصدر وسائل الاعلام الغربية للدفاع عن الاستقلال، في خطوة يقال إنها استعداد لوراثة رئاسة والده المنتهية ولايته منذ سنتين والتي امتدت 12 سنة.

الوكالة التركية نقلت ايضا عن مسؤولين داخل الاتحاد الوطني الكردستاني انقسام الحزب الى جبهتين تقف القيادية بالحزب، هيرو إبراهيم، زوجة زعيم الحزب، جلال طالباني، ضد إجراء الاستفتاء، فيما يؤيد العملية نائبا طالباني، وهما برهم صالح وكوسرت رسول تماشياً مع رؤية بارزاني.

وخارج هذه الانقسامات الداخلية للأحزاب يستمر حراك “لا” في رفضه إجراء الاستفتاء في الـ25 من ايلول بدعم شخصيات من المجتمع الكُردي، حيث يرى الحراك أن الاستفتاء مشروع حزبي شخصي ومن غير المناسب اجراؤه في الظروف التي يمر بها اقليم كُردستان.

إقرأ أيضا