فرح.. قصة حزن موصلية

وسط النفايات في العاصمة بغداد. وفي صباح صيفي من العام 2016، عثرت الشرطة العراقية على…

وسط النفايات في العاصمة بغداد. وفي صباح صيفي من العام 2016، عثرت الشرطة العراقية على جثة فرح علي، تلك الفتاة الموصلية التي هربت من جحيم داعش حاملة معها امنيات الأمل في حياة آمنة ومستقرة بعيدة عن وحشية التنظيم الإرهابي الذي حول مدينتها إلى شبح مرعب آنذاك بعد أن سيطر عليها.

فرح لم تستطع أن تحقق تلك الامنيات ولم تكن الحياة متصالحة معها حد أن تهبها الأمان الذي بحثت عنه. ففي بلد نخرت عظامه أطماع الساسة وصراعاتهم، كان لابد لمن لا أقارب لها ولا ملجأ توفره الحكومة أن ترمي بنفسها في أحضان إحدى النوادي الليلية علها تحصل على ما يمكنها من العيش، فمارست فرح الدعارة في ناد ليلي في حي الكرادة وسط بغداد.

 

وروت مسؤولة العاملات في النادي المذكور، المدعوة أم عالية (35 عاما) تفاصيل مهمة عن حياة المغدورة، فقالت في حديث لـ”العالم الجديد” إن “هذه الفتاة تميزت عن بقية العاملات في النادي بجمالها الأخاذ، فكانت تتمتع بطول القامة والرشاقة، وتملك ابتسامة ساحرة، كثيرا ما تسببت بنزاعات عديدة بين الزبائن الراغبين بوصلها دون غيرها”.

وتسرد أم عالية القصة بالقول “لقد كانت الفتاة تحب مدينتها التي تربت فيها، فكانت تحكي عن ايام طفولتها ومدرستها، وكثيرا ما كانت تتذكر مأساة عائلتها بسبب تنظيم داعش الذي اقدم على قتل عائلتها المتكونة من ثلاثة أفراد هم والداها واخوها بتهمة الولاء للحكومة، بالإضافة إلى قيام أفراد التنظيم باغتصابها عدة مرات، قبل أن تهرب وتعيش في بغداد”.

أما عن ايام فرح الأخيرة فتقول المسؤولة ام عالية “كانت تخرج بين فترة وأخرى مع أحد رواد النادي لقضاء ليلة كاملة، لكنها خرجت ذات يوم مع رجل دخل النادي للمرة الاولى، غير أن فرح لم تعد بعد ذلك اليوم، فحاولت عبثا الاتصال بها على جهازها النقال عدة مرات، الا أنه كان مغلقا.

وتضيف أم عالية أن “فرح تسكن في النادي، وليس لها اي اقرباء او معارف في بغداد حتى تذهب اليهم، وحاولت التعرف من قبل الزبائن على مكان او هوية الشخص الذي خرجت معه فرح، لكني لم اتوصل الى نتيجة، وبعد مرور حوالي اكثر من اسبوع قمت بإبلاغ الشرطة، وبحثت عنها في مراكز الشرطة والمستشفيات فلم اعثر عليها”.

وتتابع “قررت الذهاب الى دائرة الطب العدلي في بغداد وبعد مرور يومين من عملية المراجعة والبحث في الدائرة المذكورة عثرت على جثة فرح في احدى الثلاجات، وكانت قد تعرضت لاطلاقات نارية في الرأس، فضلا عن كدمات في الظهر والساقين”.

وتردف المتحدثة لـ”العالم الجديد”، “بحسب شهادة المسعفين في الطب العدلي فان الجثة قد عثر عليها في مكب للنفايات بأطراف حي من صفيح جنوب شرقي العاصمة بغداد”، مبينة ان “هناك من اتصل من دائرة الطب العدلي على الفور بالشرطة والاخيرة اصطحبتني الى غرفة التحقيق والاستفسار وقامت بتسجيل افادتي عن علاقتي بفرح وتفاصيل اخرى تتعلق بعائلة فرح، في هذا الامر رفضت الشرطة اعلامي باي شيء عن تفاصيل الجريمة، وكيف عثر على جثتها، ورفضت الشرطة تسليمي الجثة لأني لست من ذويها”.

وختمت حديثها بالقول “لا اعرف حتى الان تفاصيل مقتلها، ومن كان ذلك الرجل الغامض الذي اصطحبها في تلك الليلة المشؤومة”.

وتبقى جريمة مقتل فرح بين مئات الحوادث التي تم تسجبلها ضد مجهول دون قيام الاجهزة الامنية والقضائية بالتوصل الى الجناة، ومثل فرح هناك العديد من النساء الموصليات قد تعرضن الى السبي والاعتداء الجنسي من قبل عناصر تنظيم (داعش)، ودفع الالاف غيرهن الى النزوح مع عوائلهن الى بغداد وأربيل.

إقرأ أيضا