مصادر تكشف لـ”العالم الجديد” تفاصيل “صفقة الحل” بين بغداد وأربيل

نفق الأزمة بين بغداد وإقليم كردستان، شارف على نهايته، بعد ظهور مساع داخلية وخارجية لحل…

نفق الأزمة بين بغداد وإقليم كردستان، شارف على نهايته، بعد ظهور مساع داخلية وخارجية لحل الأزمة، إذ سيكون محور الحل هو إلغاء نتائج الاستفتاء مقابل ضمان حصة الاقليم المالية واعادة انتشار قوات البيشمركة بشكل مشترك مع القوات الاتحادية في المناطق التي كانت تحت نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني، بحسب مصادر مطلعة لـ”العالم الجديد”.

وفيما أوضحت أيضا أن إعلان الالغاء سيكون نهاية نوفمبر الحالي أو بداية ديسمبر المقبل أكدت أن أربيل مهدت لذلك باعلانها تجميد نتائج الاستفتاء، واحترامها قرار المحكمة الدستورية القاضي برفض اي محاولة للانفصال، من أجل عدم تعريض الشعب الكردي إلى صدمة كبيرة بعد رفع راية الاستقلال ودفعه الى الاشتراك في الاستفتاء بقوة في 25 ايلول الماضي.

وقال مصدر مطلع في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك اتفاقا كرديا عاما على ضرورة إلغاء نتائج الاستفتاء، إلا أن النقطة الحرجة في هذا الأمر هي كيفية مواجهة الشعب الكردي بهذا القرار بعد دفعه للمشاركة في الإستفتاء والتصويت بنعم”، معتبرا أن “تجميد نتائج الاستفتاء كانت خطوة واضحة وصريحة جداً من حكومة الإقليم تمهيداً لإلغاء نتائج الاستفتاء، إلا أن ذلك يحتاج إلى وقت أكثر لمنع وقوع الشعب الكردي في صدمة واحباط كبيرين وهو يعيش أزمة تأخر الرواتب وتراجع مستوى الاقتصاد والاستثمار في كردستان منذ 2014”.

وأكد المصدر، ان “نيجيرفان بارزاني يبحث الان عن ضمانات من بغداد للوفاء بعهدها مع الإقليم فيما يخص حصته من الموازنة وعدم التقدم أكثر باتجاه مدن الإقليم عسكريا”، مبيناً ان “بارزاني سيحاول خلال الأشهر الثمانية المقبلة ترميم علاقات الحكومة وحزبه مع جميع الاطراف الكردية أولاً، وخصوصاً حركة التغيير تمهيداً للتحالفات السياسية في الانتخابات المقبلة”.

وردت حكومة إقليم كردستان، أمس الثلاثاء، على قرار المحكمة الاتحادية العليا، بشأن عدم وجود نص في الدستور يجيز انفصال أي مكون بالعراق، مؤكدة أن الاقليم ملتزم باتخاذ السبل الدستورية والقانونية لحل الخلافات بين بغداد واربيل.

ويعيش اقليم كردستان في مرحلة حرجة جداً بعد اجراء الاستفتاء في 25 ايلول الماضي، بسبب مواجهته غضب بغداد دون مقومات داخلية وخارجية، وفي ظل انسحاب الدول العظمى مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وأوضح المصدر، أن “لقاءين سيجمعان نيجيرفان مع رجب طيب أردوغان خلال الفترة المقبلة، وفي اللقاء الأول سيبحثان إلغاء نتائج الإستفتاء مع الحصول على ضمانات من العبادي، والثاني ربما سيكون ثلاثيا بحضور العبادي”، مبيناً أن “أردوغان سيكون له دور محوري في حل الازمة بين بغداد وأربيل من خلال إلغاء نتائج الاستفتاء أولاً، واعطاء ضمانات للاقليم ثانياً”.

وبشأن الغطاء الذي تبحث عنه حكومة اقليم كردستان، لاعلان إلغاء نتائج الاستفتاء، أردف، أن “الخطوات الاولى لذلك بدأت فعلا بدفع قوباد طالباني نائب رئيس حكومة كردستان للاتصال بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للتوسط، والتدخل لدى العبادي لحل الازمة الراهنة بين الطرفين، وذلك بعد رفض المرجعية الدينية العليا في النجف التدخل بسبب رفض مسعود بارزاني العمل بنصيحتها حول عدم اجراء الاستفتاء”.

وحول مصير رئيس الاقليم المستقيل مسعود بارزاني، تابع المصدر “لقد أصبح خارج اللعبة السياسية في الوقت الحالي بشكل مؤقت ظاهرياً، إلا أنه يعمل في الخفاء من خلال دعم نجل شقيقه الأكبر نيجيرفان بارزاني وتوجيهه”، مضيفاً ان “الاخير يعمل منذ أكثر من أسبوعين وتحديداً بعد أحداث 16 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، بحسب الخارطة التي رسمت له من قبل عمه مسعود”.

وحول ظروف استقالة مسعود بارزاني، لفت المصدر في حديثه لـ”العالم الجديد” الى أنه “قد وصلته اشارات من دول إقليمية وفي مقدمتها ايران، باستحالة عودته لرئاسة الإقليم، وعليه أن يتنحى أو يترك المنصب بشكل من الأشكال”، مضيفاً أن “رئيس الاقليم المستقيل، أصر على إجراء الاستفتاء كي يقول للشعب الكردي أنني أجريت الاستفتاء وسأدفع ضريبته مهما كان الثمن مقابل الاستقلال. ويمكن أن نلمس ذلك من خلال كلمته قبل اجراء الاستفتاء حينما قال: في حال نجح الاستفتاء مبارك للكل، واذا فشل أنا اتحمل المسؤولية وليحصل ما يحصل وقولوا عني ما تشاؤون…”.

وكان مسعود بارزاني، قد أصرّ على إجراء الاستفتاء على الرغم من تحذيرات داخلية وخارجية طالبته بالعدول عن هذه الخطوة في الوقت الحالي على الأقل.

بدوره، أكد رئيس كتلة حزب التنمية التركماني وعضو القيادة السياسية في كردستان محمد الخاني، بالقول إن “32 حزباً سياسياً في كردستان اجتعموا قبل شهر، وخولوا حكومة كردستان كمؤسسة شرعية للتفاوض مع بغداد، وكذلك الكتل الكردستانية في برلمان كردستان أعلنت تعاونها مع الحكومة لحل الازمة الراهنة بين الطرفين والبدء بمفاوضات مع بغداد”.

وقال الخاني لـ”العالم الجديد”، إن “الأحزاب السياسية في كردستان تدعم أي قرار أو خطوة تتخذها حكومة كردستان لإنجاح المفاوضات وتطبيع العلاقات مع بغداد”.

من جانبٍ آخر، أفاد مصدر مقرب من الحكومة الاتحادية، ان “العبادي أخبر القيادة الكردية بأن ثمن بدء الحوار مع الإقليم هو إلغاء نتائج الاستفتاء وإلا لن يتم أي حوار أو مفاوضات بين الطرفين ما لم تلغ نتائج الاستفتاء”.

وقال المصدر لـ”العالم الجديد”، ان “نيجيرفان بارزاني وبعد استلامه رسالة العبادي يحاول كسب دعم أطراف كردية، ومنها حليفه الاستراتيجي الاتحاد الوطني للاستعداد لوقت إعلان إلغاء نتائج الإستفتاء”، مؤكداً أن “طبخة اعلان الغاء نتائج الإستفتاء أصبحت جاهزة لتقديمها لبغداد، لكن حكومة كردستان بانتظار الإشارة من طرفين دوليين قريبين من الإقليم من الناحية السياسية والاقتصادية لإعلان ذلك”.

ورجح المصدر “أن تعلن حكومة اقليم كردستان إلغاء نتائج الاستفتاء نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي أو مطلع كانون الأول (يناير) المقبل بعد انتهاء المفاوضات بين حكومة الإقليم وأنقرة وبغداد وطهران أيضاً بحصول الإقليم على ضمانات من العبادي بالبقاء على حصته من الموازنة، وكذلك على انتشار قوات البيشمركة في المناطق المتنازع عليها وخصوصاً الواقعة تحت سيطرة الديمقراطي الكردستاني بالدرجة الأساس”.

إلا أن القيادي البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني نصرالله سورجي يرى بأن “المحكمة الاتحادية العليا حددت يوم 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، موعداً للنظر في الدعاوى الاربع المقامة من المدعين ضد المدعى عليهم من المسؤولين عن عملية الاستفتاء في اقليم كردستان، وأن المعطيات تشير إلى أن المحكمة ستلغي نتائج الاستفتاء، وهنا بامكان حكومة الإقليم وبرلمانه البدء بحوارات جديدة مع بغداد، لاسيما في هذا الظرف الذي تناقش فيه الحكومة المركزية الموازنة الاتحادية لعام 2018”.

وقال سورجي لـ”العالم الجديد”، إن “الغاء نتائج الاستفتاء أصبح واقعاً لطالما سترفض المحكمة الاتحادية الاستفتاء وعلى حكومة كردستان ان تتفاوض انطلاقاً من هذه النقطة مع الحكومة الاتحادية كون الأمر سيكون خارج ارادتها في حال قررت المحكمة الاتحادية إلغاء نتائج الاستفتاء”.

وأعلنت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، أمس الأول الإثنين، أنها حددت يوم 20 نوفمبر الحالي موعدا للنظر في دستورية الاستفتاء الذي أجراه إقليم كردستان قبل أكثر من شهر ونصف من عدمه.

إقرأ أيضا