قناة الجيش.. مشروع لتجميل بغداد أم لتخريبها؟

لازال البغداديون يعانون من المرور في شارع قناة الجيش بعد توقف أعمال الاعمار فيه منذ…

لازال البغداديون يعانون من المرور في شارع قناة الجيش بعد توقف أعمال الاعمار فيه منذ البدء بالمشروع الترفيهي والسياحي قبل سبعة أعوام كان من المؤمل أن يشكل علامة فارقة في ملامح العاصمة بغداد بعد سنوات طويلة من الاهمال، ويخدم أكثر من أربعة ملايين نسمة من سكنة بغداد، لولا حالة التوقف المفاجئ التي طال أمدها تحت حجج وذرائع مختلفة، أبرزها الأمطار الغزيرة التي أدت الى تخريب ما تم انجازه من المشروع، وعدم توفر التخصيصات المالية المناسبة لإكمال هذا المشروع الضخم، وسط اتهامات متبادلة بالاهمال والفساد المالي والاداري.

ويعد مشروع قناة الجيش أول المرافق السياحية في العاصمة بعد افتتاحه عام 1961 في عهد الرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم، بعد إطلاقه شعار “الجيش للحرب والاعمار”، حيث انها خرجت خالية الوفاق دون نتيجة تذكر.

ويقول محمد حسن (30 عاما), إن “واقع الفساد بالحقيقة هو في نوع المشروع وكلفته غير المعقولة نسبيا في بلد يعاني من أزمة مالية كبيرة، ورزوح العديد من العوائل تحت مستوى خط الفقر، والتي هي بأمس الحاجة الى هذه الاموال التي تهدر دون جدوى بحجة تقديم أماكن ترفيهية للمواطنين فيما الواقع الصحي والخدمي رديء جدا”.

ويضيف حسن “كما أن اختيار قناة الجيش كمكان ترفيهي أمر خاطئ جدا، لأنه يقع بين شارعين خارجيين يربطان مناطق العاصمة وتقطعه مئات ان لم تكن الاف سيارات الحمل والشاحنات، فضلا عن السيارات الصغيرة التي تثير الغبار والضجيج، ما لا تترك اية امكانية للهدوء والاسترخاء، إذ يفقد بذلك الجدوى الحقيقية المرجوة من هكذا مشاريع”.

وتم البدء بمشروع قناة الجيش الذي يمتد على مساحة تتجاوز الـ23 كلم، (من صدر القناة، وصولا الى معسكر الرستمية جنوبي بغداد)، في شهر حزيران يونيو من العام 2011، حين أحالت أمانة بغداد تطوير قناة الجيش الى شركة “المقاولون العرب” المصرية، و”الغري” العراقية بكلفة 146 مليون دولار ضمن خطة لتطوير العاصمة بغداد، وباشرت الشركتان بتنفيذ المشروع على عدة مراحل بدءا من كري القناة، وغلق المياه الآسنة التي كانت تصب فيها، فضلا عن إكساء القنوات البالغ طولها 47 كلم ذهابا وايابا بالحجر وانشاء مساحات خضراء على جانبيها، وإقامة 21 موقفا للسيارات و12 نفقا و16 ملعبا للأطفال واللياقة البدنية و4 مسابح مع ملحقاتها كافة و4 مسارح صيفية، و11 مطعما صغيرا و40 كشكا، ونصب 4700 مصطبة للجلوس وزراعة اعداد كبيرة من الاشجار التي تتحمل حرارة الجو، فضلا عن منظومات ري حديثة تعمل بالتنقيط وغيرها.

فيما يعلق إبراهيم محمد (23 عاما) وهو من أهالي حي البساتين القريب من القناة, بالقول إن “الايقاف المفاجئ للمشروع عطل إنجاز بعض الأنفاق التي تتوزع بين جانبي شارع القناة ما تركها مفتوحة وعرضة للحوادث الخطرة التي تتكرر يوميا”، محملا الأمانة “عدم وضع علامات تحذيرية للسائقين”.

ويردف محمد أن “الكثير من المجسرات التي كانت تخدم المواطنين للعبور بين جانبي الطريق تمت ازالتها بحجة التطوير وبناء منشات تخدم مرتادي المنطقة، ما حصر الأهالي في أحد جانبي الطريق دون التمكن من العبور إلا بشق الأنفس”.

أما صدقي اسماعيل رزوقي وهو أستاذ الهندسة المدنية في جامعة بغداد، فيعزو توقف المشاريع “لأسباب عديدة منها عدم التخطيط او دراسة جدوى لها، وبالتالي فان بعض المشاريع التي أقرت وتم تنفيذها دون استعداد او دراسة مسبقة توقفت”.

ويتابع رزوقي في حديثه لـ”العالم الجديد” ان “بعض المشاريع قد أحيلت الى شركات غير كفوءة من الناحية الفنية، بالإضافة الى قلة التخصيصات المالية المقدرة لإنجاز المشاريع”، مبينا أن “لجوء الأجهزة الحكومية في الغالب جاءت للاستعانة بشركات اجنبية لإنجاز المشاريع في العراق، حينما تكون المشاريع استراتيجية وضخمة كشمروع ماء الرصافة، وقناة الجيش، لأنها تحتاج الى شركات كبرى لإتمامها، وليس بالضرورة ان هذه الشركات قد تنجز الاعمال على اتم وجه فبعضها تفشل احيانا, وعلى الحكومة العراقية ان تستشير المختصين الفنيين اوالمكاتب الاستشارية في القطاع الخاص لوضع الخطط الصحيحة لأي مشروع كان”.

لكن المسؤولين في أمانة بغداد يقابلون سخط المواطنين ونقمهم بأعذار تبدو مقبولة لديهم، إذ يقول معاون مدير العلاقات والاعلام في أمانة بغداد عبدالمنعم ناصر علي، إن “مشروع قناة الجيش الترفيهي يعتبر من الخطط الاستراتيجية الحيوية في العاصمة التي عملت امانة بغداد على المضي بها وازالة كل المعوقات التي تواجهها، لاسيما التجاوزات السكنية (حيث أوجدت بدائل مناسبة لاصحابها)، وتحويلها الى مساحات خضراء مزروعة تضم مختلف الخدمات الترفيهية”، منوها “كان من المؤمل أن يصبح المشروع الترفيهي المتنفس الوحيد في المنطقة، فضلا عن المردود الاقتصادي المرجو منه”.

Image

ويضيف علي في حديثه لـ”العالم الجديد” أن “الأمانة أرادت إنجاز هذا المشروع الكبير بأسرع وقت، إلا أن أمورا خارجة عن إرادتها وإرادة الحكومة طرأت فجأة، فكانت هي السبب في توقف العمل به، تمثلت بالامطار الغزيرة غير المتوقعة قبل عامين تقريبا، ما أدى الى فيضانات كبيرة في مناطق مدينة الصدر، والتي نعدها من العوامل الطبيبعة التي لا نستطيع السيطرة عليها، ما دفع الاجهزة الحكومية لفتح 27 منفذا الى جسم القناة لتصريف مياه الامطار الكبيرة، ما أدى الى تخريب فادح للمناطق التي تم إنجاز العمل فيها، فقد تعرض البناء والأشجار المزروعة حديثا الى الدمار، الأمر الذي أجبرنا على إيقاف العمل بالمشروع كليا”.

ويوضح “في ظل الخراب الذي حل بالمشروع وتدمير الاجزاء التي تم العمل بها نتج عنه مطالبة الشركة المنفذة (المقاولون العرب) بمبالغ إضافية ضخمة لإعاده ترميم ما تم تخريبه ومن ثم استكمال إنجاز المشروع، ولكن لسوء الحظ جاء ذلك مع حلول الأزمة المالية التي تعاني منها امانة بغداد، والحكومة العراقية بوجه عام”، لافتا الى أن “الامانة تفاوضت مع الشركة، كونها لا تمتلك تخصيصات مالية كبيرة لهذا الحد ما دفع بالأجهزة المعنية لايقاف العمل مع شركة المقاولون العرب حتى الوقت الحالي، وسيتم إعادة العمل بالمشروع حين يتم صرف تخصيصات مالية مناسبة لإنجازه سواء مع الشركة نفسها او مع شركة أخرى”.

وكانت أمانة بغداد، قد أعلنت بعيد إطلاق مشروع قناة الجيش أن المشروع سينجز في موعده المحدد في العام 2013، لكنها عادت وأكدت في آب أغسطس 2015 أن نسبة إنجاز المشروع تجاوزت الـ80%، مقرّة بوجود مشاكل مع الشركة المنفذة.

وكان عضو مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي قد وصف مشروع قناة الجيش بأنه من المشاريع “المتلكئة” في العاصمة، حيث جرت عليه عدة توقفات، ما أدى إلى خسائر كبيرة لا تحمد عقباها.

إقرأ أيضا