ناشطون إيزيديون منزعجون من (العبادي).. ويتهمون (دخيل) بتسويق مجزرة (كوجو) كابادة ضد الكرد

في ظل الانزعاج الايزيدي من عدم ذكر اسم المكون “العراقي الأصيل”، في وثيقة التعايش السلمي…

في ظل الانزعاج الايزيدي من عدم ذكر اسم المكون “العراقي الأصيل”، في وثيقة التعايش السلمي بين مكونات سهل نينوى، ومنع بعض ممثليهم من المشاركة، كشف ناشطون ايزيديون، عن مساع خفية تقوم بها النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فيان دخيل، بتنفيذ أجندة حزبية، غايتها مصادرة الظلامة التي تعرضوا لها على يد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) لصالح المكون الكردي، بهدف حشد التأييد العالمي للاعتراف بجرائم “الانفال” و”حلبجة” على أنها إبادة جماعية.

وتقول سرى يوسف خاهان (اسم مستعار خوفا من ملاحقات)، وهي ناشطة إيزيدية في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “ممثلي المكون الايزيدي المشاركين في التوقيع كانوا كلا من (فيان دخيل) النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ورئيس القوالين (بهزاد قوال سليمان)، وابن زعيم الديانة الايزيدية (عصمت تحسين بيك)، هؤلاء الثلاثة وقعوا على الوثيقة رغم علمهم بعدم ذكر اسم الايزيديين كأحد مكونات سهل نينوى”.

وتلفت خاهان، الى أن “الوثيقة اعتبرت الايزيديين مكونا كرديا، وهذا غير صحيح، حيث أننا احد اهم القوميات والديانات في بلاد وادي الرافدين”، مبينة ان “هادي بابا الشيخ ممثل الأب الروحي للايزيدية، هو الوحيد الذي وقع مشروطا بتعديل الوثيقة وضم اسم الايزيديين ضم مكونات سهل نينوى”.

وتعرب الناشطة التي تم منعها الى جانب عدد اخر من الايزيديين من دخول قاعة المراسيم، رغم حملهم دعوات رسمية للمشاركة، عن امتعاضها الشديد من “قبول رئيس الوزراء حيدر العبادي الوثيقة”، مستغربة من “صمت بغداد حيال هذه التجاوزات على المبادئ الأساسية للدستور، ومنها ضمان حماية التعددية الدينية والطائفية والقومية في البلاد”.

وتضيف أن “العبادي خذلنا كثيرا، وبات غير واع لقضية بناتنا وابنائنا المخطوفين في سوريا”، لافتة الى ان “ممثلي الايزيديين في البرلمان والحكومة يلهثون وراء منافعهم، ولم يكن لهم موقف في ايقاف الاضطهاد القسري المرعب الذي يلاحق الايزيديين في اربيل ودهوك”.

وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد حضر مراسيم توقيع الوثيقة على هامش زيارته الاخيرة الى الموصل، في 14 اذار مارس الحالي، حيث أعلنت الامانة العامة لمجلس الوزراء، عن توقيع اهالي سهل نينوى على وثيقة للتعايش السلمي “اكراماً للشهداء وللجرحى من أجل ان ينعم الأمن والأمان في كل المناطق التي حررتها القوات الامنية”.

ويرى الإيزيديون أنهم قد وجدوا منذ وجود آدم وحواء على الأرض ويرى باحثوهم أن ديانتهم قد انبثقت عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، في حين يرى بعض الباحثين الإسلاميين وغيرهم أن الديانة الإيزيدية هي ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام، بينما يرى آخرون أن الديانة الايزيدية هي خليط من عدة ديانات قديمة مثل الزردشتية والمانوية أو امتداد للديانة الميثرائية.

ويتكلم الإيزيديون اللغة الكرمانجية، والعربية خصوصاً إيزيدية ناحية بعشيقة قرب الموصل وإيزيدية سوريا، وأن صلواتهم وأدعيتهم وجميع طقوس دينهم تكون باللهجة الكرمانجية (إحدى اللهجات الكردية)، أما كتبهم الدينية القديمة فمكتوبة باللغة السريانية، وكانت لهم لغةٌ قديمةٌ خاصة بهم اندثرت مع مرور الزمن، وأكبر قبائلهم هي الهبابات والمسقورة و وهراقي والشهوان والحياليون والماموسيون و القائديين ، قِبلتهم ومركزهم الديني الأساسي هي لالش، حيث الضريح المقدس للشيخ عدي بن مسافر بشمال العراق.

Image

وثيقة الشرف بين مكونات سهل نينوى

في السياق ذاته، يقول محما تحسين ناشط ايزيدي اخر في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “الضحايا او اهالي الضحايا هم اولى بان يمثلوا المكون في توقيع وثيقة التعايش السلمي”، مبينا ان “الوثيقة تأتي ضمن مشروع المصالحة الوطنية، الا ان المصالحة لا يمكن قبولها دون أن يجري تطبيق العدالة الانتقالية، ويحاسب كل من ارتكب جريمة بحق الايزيديين من ابناء القرى المجاورة”.

ويوضح تحسين أن “غالبية الايزيديين يرفضون الاعتراف بوثيقة العبادي للسلم الاهلي، لأنها لم تتضمن ذكر اسم مكونهم”، متهما النائب فيان دخيل بـ”العمل على تزوير سلالة الايزيديين العراقيين الاصلاء وإدراجها ضمن سلالة الكرد، وكان واضحاً هذا من خلال قبولها بعدم ذكر اسم المكون”.

وينوه الى ان “دخيل تعمل على تدويل ملف ابادة كوجو صيف 2014 على انها إبادة جماعية ضد المكون الكردي”، مشيرا الى انه “لغاية الان لم يتم الاعتراف دوليا ومحليا بابادة حلبجة والانفال، ولا يمكن تحقيق ذلك الا من خلال ملف مجزرة كوجو، وتسويقها على أنها الابادة الثالثة التي ترتكب خلال ثلاثة عقود ضد المكون الكردي”.

الى ذلك، يقول عضو المجلس الروحاني الايزيدي الاعلى القوال بهزاد قوال سليمان في منشور على صفحته بموقع “فيسبوك”، تابعته “العالم الجديد”، انه “في الوقت الذي كنا ننظر بشغف عقد مؤتمر في سهل نينوى يجمع شمل كافة مكونات السهل على المحبة والسلام، واشاعة روح التاخي والتعايش السلمي بين الجميع، وخلال لقائنا رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي اكد على احترام الايزيديين وتقدير تضحياتهم، باعتبار ان الايزيديين هم مكون اصيل من مكونات سهل نينوى، وارض نينوى من الاراضي التاريخية للمكون… إلا أننا تفاجئنا وفي اللحظات الأخيرة قبل التوقيع على الوثيقة التي اعلن عنها، بانها تخلوا من اسم الايزيدية، وتم تبليغ رئيس الوزراء بهذا الشيء وكتب بخط يده على اللوحة (أرجو تصحيح الخطأ واضافة اسم الايزيدية)، واننا اذا نضع اللوم على الجهة المنظمة للمؤتمر، ونعتبره تقصيرا واهمالا منهم، وكان يجب ان لا يتهاونوا في هكذا مسائل وخاصة ان الايزيديين هم اكثر فئة متضررة، من كافة الجوانب، لذا فان عدم ذكر اسمهم وتجاهلهم يعتبر غبنا اخر يضاف لمأساتهم”.

ويتابع “نعلن لجميع الايزيديين باننا لم نوقع على الوثيقة، ولو علمنا منذ بداية المؤتمر كنا سنعلن انسحابنا وعدم البقاء حتى لحظة انتهاء المؤتمر”.

ويُقسّم المجتمع الإيزيدي إلى ثلاث طبقات هي: الشيخ، والبير، والمريد، ويحرّم الزواج بين الطبقات. الإيزيديون هم موحدون يواجهون الشمس في صلواتهم ويؤمنون بتناسخ الأرواح وبسبع ملائكة، وتعتبر عين زمزم من الأماكن المقدسة لديهم. يصوم الايزيديون أربعين يوماً في السنة بدايةً من شهر كانون الثاني.

وتعرض الإيزيديون عبر التاريخ إلى 72 حملة إبادةٍ شُنت ضدهم لأسبابٍ مختلفة، حيث تسببت هذه الحروب والمذابح بآثار ترسخت في النسيج الاجتماعي والعقلية الإيزيدية، فصار الانزواء عن العالم والتقوقع الاجتماعي والخوف من الغرباء سمةً أساسيةً لهم، لكن كل هذا لم يمنع المثقفين الإيزيديين من إنشاء مراكز ثقافيةٍ واجتماعيةٍ لتعريف العالم بديانتهم وجعل الإيزيديين ينفتحون أكثر على العالم الخارجي.

وأدى سيطرة تنظيم داعش على مناطق شاسعة من شمال العراق من دخول مدينة سنجار في 3 اب اغسطس 2014، وأسفر ذلك عن قتل المئات وخطف أعداد كبيرة من النساء والأطفال، وكذلك هجرة الآلاف منهم من مدنهم وقراهم داخل وخارج العراق.

إقرأ أيضا