بعد شهر على مقتله: الرعب والإحباط يخيمان على عائلة “الصائغ المندائي”

أكثر من شهر مر على مقتل الصائغ المندائي محمود شاكر الذي وجدت جثته ملقاة في…

أكثر من شهر مر على مقتل الصائغ المندائي محمود شاكر الذي وجدت جثته ملقاة في مبزل بمنطقة سبع قصور المحاذية لمنطقة الشعب شمالي بغداد، في حين لم يذق أفراد أسرته طعم الأمن منذ ذلك اليوم.

وشكل مقتل شاكر الذي تزامن مع مقتل الطبيب المسيحي هشام شفيق مسكوني وزوجته الطبيبة شذى مالك دنو، ووالدتها خيرية داود، داخل منزلهم في منطقة المشتل شرقي بغداد، علامة مقلقة إزاء استهداف الأقليات الدينية في العراق.

ومع أن مرتكبي الجريمتين أرادوا تغطيتهما بطابع جنائي عبر سرقة مصوغات ذهبية وأموال من المجني عليهم، إلا أن بصمات الإرهاب بقيت واضحة على أجساد الضحايا الذين قتلوا طعنا ونحرا، ما يدل على وجود غاية لبث الرعب والترويع في نفوس أبناء الأقليات.

وعلى الرغم من جميع ردود الأفعال والأصوات المنادية بضرورة حماية الأقليات والإسراع في كشف الجناة وتقديمهم الى العدالة، لم تتخذ الجهات الحكومية إجراءات مكثفة وعاجلة بهذا الصدد، باستثناء إعلان غير مسند لوزارة الداخلية عشية إحدى الحوادث باعتقال بعض المشتبهين الذين لم يعرف ما اذا كان لهم دخل بالأمر، أم أنه محاولة لإظهار القوات الأمنية بمظهر غير العاجز.

وحول سير التحقيقات في هذه القضية، قالت ابنة المغدور (سرى محمود شاكر)، في اتصال هاتفي مع “العالم الجديد” أمس الاثنين، إن “العائلة تمر بوضع مأساوي وقلق، نتيجة عدم إلقاء القبض على الجناة لغاية الآن، ما يضع العائلة برمتها في وضع خطير ومرعب، كون القتلة ما زالوا طلقاء ويمكن أن يُقدموا على أي فعل يمس العائلة بسوء، وذلك للضغط علينا من أجل غلق الدعوى القضائية”.

وبينت أن “التحقيق ما زال مستمرا لغاية الآن، دون التوصل الى نتائج ملموسة وواضحة، بالرغم من تدخل جهات عليا فيه”.

وتابعت أن “العائلة بالكامل تعاني من أزمة مالية خانقة، نتيجة فقدان المعيل الرئيسي لها، بالإضافة لسرقة كافة المصوغات الذهبية التي كانت أساس العمل لإعالة العائلة، الأمر الذي ترك آثاره السلبية على الجميع، خاصة وأن الوضع الحالي لنا لا يسمح لأخي وزوجي بالعمل بحرية تامة مع وجود قيود كثيرة، بينها ما يخص التحقيق وأخرى تخص سلامتهم”.

من جهته، ناشد سعد سلوم الباحث المختص بالتنوع الديني في العراق، ورئيس مؤسسة “مسارات”، رئيس الوزراء حيدر العبادي، ووزير الداخلية قاسم الأعرجي، بأخذ دورهما في متابعة التحقيقات الجارية.

وقال في حديث لـ”العالم الجديد” الاثنين، إن “البطء غير المبرر في إجراءات السلطتين القضائية والتنفيذية أمر في غاية الخطورة، ومؤشر على عجز الحكومة عن حماية التنوع الديني والاثني في العراق”، لافتا الى أن “خطورة هذه الحالة ذات صلة بالوزن الديموغرافي الهش للمندائيين، والذي لا يتجاوز بضعة آلاف، ومن ثم قد تدفع القليل المتبقي منهم لمغادرة البلاد، وفي حالة المندائيين بالذات، لا نواجه هجرة أقلية دينية فحسب، بل نهاية ثقافة ألفية وتراث آرامي تمتد جذوره عميقا في حضارة الشرق الأوسط، لاسيما في المسافة الممتدة بين العراق وفلسطين حيث ظهرت الأديان الإبراهيمية وازدهرت”.

وأضاف سلوم “لقد غادر في إثر التهديدات المتواترة للمندائيين منذ عام 2003 ما يقرب من 90 بالمئة من أفراد الأقلية العريقة ليستقروا في استراليا والسويد والولايات المتحدة وبلدان أخرى”.

ولا يملك ذوو الضحايا في هذه الأثناء سوى التشبث بأمل المتابعة الحكومية الجادة لشؤونهم، ليشعروا بأن هناك من يكترث حقا لأمرهم ويعمل جاهدا من أجل قطع السبل أمام من يسعى لإيذائهم.

إقرأ أيضا