فرنسا تُغلق المدرسة العراقية في باريس و(العالم الجديد) تتابع تطورات الحادث

في خطوة مفاجئة، أقدمت السلطات الفرنسية على إغلاق المدرسة العراقية في باريس بطريقة مثيرة، في…

في خطوة مفاجئة، أقدمت السلطات الفرنسية على إغلاق المدرسة العراقية في باريس بطريقة مثيرة، في آذار مارس الماضي، تحت ذريعة عدم توفر شروط السلامة والأمان.

وتنص اتفاقية التبادل الثقافي بين العراق وفرنسا النافذة المبرمة بين الحكومتين والموقعة عام 1969 على احترام سيادة البلدين على المؤسسات الثقافية التابعة لهما في أرض البلد الآخر، وبموجب ذلك تم إدراج اللغة الفرنسية ضمن المناهج العراقية، وتأسست المدرسة العراقية في باريس عام 1973 كصرح ثقافي بارز تديره وزارة التربية العراقية، وفي المقابل تم افتتاح المعهد الثقافي الفرنسي في بغداد، وهو تابع للسفارة الفرنسية في العراق، وهو اليوم مصان ومحمي من قبل الحكومة العراقية.

ويروي أحد المدرسين العراقيين العاملين في المدرسة، لـ”العالم الجديد” مشاهداته لما جرى نهار 12 آذار مارس الماضي، قامت قوة فرنسية كبيرة تنتمي إلى جهاز الأورساف (دائرة الضمان الاجتماعي)، وجهاز السلامة العامة والدفاع المدني والتأمين وجهات حكومية أخرى، بدخول مبنى المدرسة العراقية في باريس، من دون إنذار مسبق أو تقديم مذكرة إعلام للمدرسة أو السفارة”.

Image

ويوضح المصدر التربوي الذي رفض الكشف عن هويته “فقد أغلقت القوة المذكورة أنفا طرفي الشارع الذي يقع فيه مبنى المدرسة، ومنعوا الدخول أو الخروج إلى المبنى لغرض التفتيش، وانتشروا داخل طوابق المدرسة الخمسة، ودخلوا كافة الغرف والصفوف بشكل أثار الرعب في نفوس الطلبة وبين صفوف الكادر التدريسي والإداري، على حد سواء”، مبينا أنهم “قاموا بتصوير الصفوف، ثم جمعوا معلومات عن كافة العاملين بالمدرسة وطلبوا بطاقاتهم وعناوينهم وأرقام هواتف البعض منهم وطبيعة عقودهم وعملهم وبالأسماء، وطلبوا الاطلاع على سجلات المدرسة الخاصة بالإدارة والحسابات وأعداد الطلبة وغيرها”.

ويؤكد شاهد العيان في حديثه لـ”العالم الجديد”، أنه كان من المفروض أن يتم الاتصال المسبق بالسفارة العراقية أو المدرسة للاستئذان بزيارتها، مثلما حدث قبل أسابيع، حين اتصل أحد أفراد جهاز المخابرات بمدير المدرسة، وطلب موعدا للمقابلة بشكل أصولي، خصوصا وأن للمدرسة محاميا ومحاسبا قانونيا يمكن مساءلتهما، لكن ما حدث كان غير قانوني ولم يراع حرمة البناية، كونها بناية عراقية وترفع العلم العراقي ومسجلة لدى الجهات الفرنسية المختصة، وفقا لاتفاقيات دولية مسبقة، وليست بناية عادية أو مستأجرة”. وإن ما جرى كان تعديا على أسرار العمل، وانتهاكا لحرمة المدرسة التي يكفل القانون حمايتها، والدخول الى المكان بشكل استفز العاملين فيها وأرعب الطلبة والكادر العامل في المدرسة”.

من جهته، يقول عبد المهدي الحافظ رئيس المنتدى العراقي في فرنسا ومن المطلعين على ملف المدرسة إن “بلدية الدائرة الـ16والمسؤولة عن متابعة عمل المدارس الأجنبية في منطقة عملها، قد نبهت إدارة المدرسة السابقة في عدة زيارات رسمية وأنذرتها عدة مرات برسائل مسجلة، وصلت إلى تسعة، بين العام 2012 والعام 2016 بضرورة معالجة الأخطاء والالتزام بالقوانين والأنظمة النافذة، إلا أن الإدارة السابقة لم تكترث لتلك الإنذارات، ما تسبب بتفاقم الأزمة حتى دفع الجهات الفرنسية لاتخاذ هذا الإجراء الذي لم يرض الجميع”.

وحول ردود الفعل العراقية، يوضح الحافظ في حديثه لـ”العالم الجديد” أمس الأربعاء، أن “الجهات العراقية الرسمية وغير الرسمية المتواجدة في فرنسا لم تقف مكتوفة الأيدي، بل تحركت بشكل متناسق برغم كل تلك المشاكل الشائكة والمتشعبة التي أدت إلى إغلاق المدرسة، حيث تم التنسيق بين المنتدى العراقي في فرنسا، وهي منظمة مجتمع مدني، والسفارة العراقية في باريس والتي تجاوبت بشكل سريع للتدخل في حل الأزمة”، مشيدا بـ”اهتمام السفير إسماعيل شفيق محسن شخصيا من خلال إجرائه عدة اتصالات ولقاءات دبلوماسية مع شخصيات فرنسية رفيعة المستوى في رئاسة الجمهورية الفرنسية، ووزارتي الخارجية والتربية الفرنسيتين، وكذلك عمدة الدائرة السادس عشرة، كونها من أهم الدوائر الباريسية والتي تقع المدرسة ضمن دائرة عملها”.

Image

ويتابع “حصل السفير على ضمانات بإعادة افتتاحها مؤقتا، ولحين انتهاء العام الدراسي في نهاية أيار مايو المقبل، حفاظا على سمعة المدرسة وحماية مستقبل المئات من طلبتها، مقابل تقديم ضمانات رسمية بمتابعة تصحيح الأخطاء المتراكمة التي كانت السلطات الفرنسية تطالب بتصحيحها منذ فترة طويلة”، مشيرا الى أن “السفارة العراقية خاطبت وزارتي الخارجية والتربية العراقيتين للتدخل السريع, وقد أوفدت الأخيرة وكيلها الأقدم للمشاركة في مفاوضات إعادة فتح المدرسة”.

وينوه الحافظ الى أن “مدير المدرسة الحالي صفاء الدين علي نجيب، ومنذ تسلمه إدارة المدرسة قبل أشهر، حاول معالجة بعض الأخطاء المتراكمة بسبب إهمال الإدارات السابقة، وتقديم الضمانات بتسديد المستحقات المالية المترتبة بذمة المدرسة للجهات الضريبية الفرنسية وغيرها، والعمل وفقا للقوانين والأنظمة الفرنسية النافذة، فيما يخص عمل المدارس الأجنبية على أراضيها, ومن المؤمل أن يوافق الجانب الفرنسي من خلال تلك المفاوضات والضمانات المقدمة على إعادة افتتاحها قريبا”.

ويختتم كلامه بالقول إن “المدرسة العراقية في باريس تعد صرحا تربويا مهما يرفع اسم العراق في أهم مدن العالم، ويدرس المناهج العراقية في بلد يهتم بالتنوع التربوي والثقافي، وهنا يبرز دور وزارة التربية العراقية في  المتابعة الإدارية الدائمة لسير عمل المدرسة وتقديم الدعم المالي بكل ما تستطيع لإعادة تأهيل بناية المدرسة وسد الثغرات القانونية الناتجة عن العجز المالي الذي تعاني منه المدرسة بعد أن رفع عنها الدعم المالي عقب حرب الخليج الثانية في العام 1991 واعتمادها على التمويل الذاتي الذي لا يسد مصاريف تأهيلها في بلد يتميز بارتفاع مستويات المعيشة, علما أنها كانت أفضل المدارس العربية الأخرى المتواجدة في باريس كالمدرسة السعودية والليبية والجزائرية، وأن بنايتها تعد من أهم الممتلكات العراقية في الخارج”.

إقرأ أيضا