لماذا تحركت القوات الأمريكية من (التنف) الى قاعدة عراقية مهجورة قرب سوريا؟

مع بروز التوتر الأخير الذي تشهده العلاقات الأميركية الايرانية بسبب الملف النووي، تعيد الولايات المتحدة…

مع بروز التوتر الأخير الذي تشهده العلاقات الأميركية الايرانية بسبب الملف النووي، تعيد الولايات المتحدة تموضع قواتها العسكرية التي كانت تتواجد في قاعدة للتحالف الدولي بمنطقة التنف الحدودية، لتنتقل هذه المرة إلى قاعدة عسكرية في المنطقة الفاصلة بين معبر البوكمال القائم بين العراق وسورية، بهدف القضاء على مشروع إيران الرامي لربطها بالبحر المتوسط، عبر خط بري “أوتستراد” دولي بدأت بإنشائه ويمر بالعراق وسوريا ولبنان.

وأكد مصدر استخباري عراقي لـ”العالم الجديد” اليوم الأربعاء، ما حصل من “تحرك للقوات الأميركية من منطقة التنف الى الحدود السورية”.

ورغم أن المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، نفى “معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا التحرك لسرية ما يجري في قاعدة التنف”، الا أن مؤشرات عدة تدل على التمركز في قاعدة عسكرية عراقية مهجورة.

بهذه القاعدة الجديدة تسعى القوات الاميركية لإجهاض الحلم الإيراني للمرة الثانية، بعد أن سيطرت على معبر التنف الحدودي بين العراق وسوريا العام قبل الماضي، وأقامت قاعدة للتحالف في هذه المنطقة، والتي أسمتها منطقة الـ55، بمشاركة فصيل جيش المغاوير السوري المعارض، وحظرت على الفصائل الشيعية، التي كانت تحاول التقدم باتجاهها من الاقتراب منها، تحت طائلة الإبادة.

وهو ما نفذته فعليا قوات التحالف في هذه المنطقة، ولم تتهاون به في أكثر من محاولة تقدم لهذا المليشيات، نحو المنطقة، إذ أبادت خلال العام الماضي مستخدمة القصف الجوي، أكثر من رتل عسكري لهذه المليشيات حاول الاقتراب منها.

وكانت حكومات إيران والعراق وسورية قد وقعت على مشروع إنشاء طريق دولي ينطلق من طهران العاصمة الإيرانية، ويمر بأراضيها ثم الأراضي العراقية، ثم أراضي سوريا، وصولا إلى العاصمة دمشق، بمسافة 1700 كلم، وقد يستمر نحو العاصمة اللبنانية بيروت، على أن تستغرق فترة إنشائه مدة عامين، بتكلفة غير معلنة يتم تحصيلها من سالكيه خلال 5 سنوات، وفق وسائل إعلام موالية للحكومة السورية.

ونص الاتفاق على أن يتولى حراسة الشارع الدولي الذي تقوم شركة إيرانية بتنفيذه، كل من الجيش الإيراني والعراقي والسوري، إضافة إلى شرطة إيران وشرطة العراق وشرطة سورية، فضلا عن تواجد سيارات الشرطة السريعة التي سيقام لها بين 150 مركزا إلى 300 مركز على جانبي الطريق.

ورغم أن فصيل جيش مغاوير الثورة التابع للجيش السوري الحر، والذي يشارك قوات التحالف بقاعدة التنف العسكرية بمثلث الحدود العراقية الأردنية السورية، نفى، وعلى لسان المفوض السياسي للفصيل ماهر العيسى مغادرة قوات أميركية للتنف باتجاه قاعدة البوكمال القائم، وأن ما جرى هو عبارة عن انتشار لهذه القوات في 6 مراكز مراقبة عسكرية ضمن منطقة الـ55 بالتنف، إلا أن مصادر بالمعارضة السورية أكدت لصحيفة “الغد” الأردنية، نقل القوات الاميركية لثقلها العسكري من قاعدة التنف إلى القاعدة العسكرية بين البوكمال والقائم.

وهو ما يؤكده المحلل السوري المعارض العقيد طيار حاتم الراوي، “بحدوث عمليات في منطقة التنف لإعادة الانتشار باتجاه البوكمال، بهدف قطع الطريق من وإلى العراق، من خلال إنشاء قاعدة عسكرية بين البوكمال والقائم”.

وأضاف الراوي لصحيفة “الغد” أيضا أن “هذا الانتشار يهدف الى الاستعداد لدخول الضفة اليمنى لنهر الفرات، في حال انسحاب روسيا التي باتت تتململ في المنطقة، بعد فشلها من التقدم على الضفة اليسرى، مما جعلها تصل إلى قناعة بأنها تحرس خرائب مهجورة في منطقة شبه خالية من الموارد الطبيعية”.

بيد أن المحلل السوري المعارض صالح فاضل قال إن “هذه التحركات الأميركية تأتي وفق تفاهمات مع روسيا”، مشيراً إلى أن “القاعدة الجديدة “قادرة على رقابة الطريق المؤدي إلى العراق بدقة كبيرة”.

وأردف أن “الولايات المتحدة نقلت ثقلها العسكري إلى القاعدة الجديدة بين الحدود العراقية والسورية، لتوفير المرونة التي تتيح القيام بعمليات عسكرية تطال إيران في المنطقة قريباً”.

وقال إن “الأيام القليلة القادمة ربما تكشف مزيدا من أهمية التواجد الأميركي هناك، بعد إعادة النظر في الاتفاق النووي الإيراني، والتي قد تقود إلى عمليات عسكرية تطال إيران ومليشياتها في المنطقة”.

ويرى الكاتب الأردني ماهر الشوابكة، أن “من أبرز الأهداف الأميركية لإنشاء هذه القاعدة، هو تقطيع أوصال الهلال الشيعي، كون هذا الهلال من أهم أدوات تحقيق المشروع الإيراني في المشرق العربي، والذي قدمت ايران من أجله آلاف القتلى، في الحرب التي تقودها على الأرض السورية ضد المعارضة المعتدلة، بمساندة عشرات المليشيات الشيعية التي استقطبتها من مختلف أصقاع الأرض”.

وهو ما يؤكده المنسق العسكري في الجيش السوري الحر أبو توفيق الديري، الذي يشير إلى أن “إنشاء القاعدة الاميركية بين البوكمال والقائم أنهى الحلم الإيراني بالهلال الشيعي”، مشيرا الى انها “أغلقت الحدود البرية الوحيدة التي كانت ما تزال مفتوحة بين سورية والعراق بشكل نهائي”.

وقال الديري إن “القاعدة التي كانت عراقية قديمة بالأساس، تبعد عن قاعدة التنف حوالي 100 كم  و60 كم عن قاعدة “خبرة الوقف” القريبة من التنف، وهي التي تعتبر رأس الحربة باتجاه منطقة الـ55″.

وأضاف أن “هذه القاعدة تأتي استكمالا لمحاصرة بقايا تنظيم “داعش” الارهابي على الضفة الشرقية لنهر الفرات، ومنعهم من الانتقال إلى داخل الحدود العراقية، بالتوازي مع القاعدة الموجودة شرق جبل عبد العزيز – داخل الأراضي السورية”.

وأوضح أن “إنهاء العمليات العسكرية للتحالف بالعراق تعني ضبط الحدود، وانتقال المهمة في العراق للجانب العراقي، و هو ما اتفق عليه مع الجانب العراقي، في لقاء ضباط من التحالف مع ضباط عراقيين وبإشراف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي”.

وتابع أن “من عناصر ضبط الحدود، تفعيل المراقبة العسكرية وإنشاء قواعد إضافية للتحالف على الحدود ومنها هذه القاعدة بين البوكمال والقائم”.

وتضم منطقة الـ55 بالتنف قاعدة عسكرية للتحالف، ومخيم الركبان للنازحين السوريين، بالاضافة إلى 5 فصائل عسكرية تابعة للجيش السوري الحر، كانت قد انسحبت من البادية السورية، بعد تقدم قوات كبيرة من الجيش السوري، الذي كان مسنودا بمليشيات شيعية وطيران روسي كثيف على مناطق سيطرة هذه الفصائل بالبادية السورية.

إقرأ أيضا